منشور مصريّ باللغة العبريّة في حرب عام 1948
يتّضح اليوم أن الجيش المصري رأى في الحرب النفسية وسيلة لتحقيق أهدافه العسكرية في فلسطين، واستخدم المناشير بالعبرية في إطار الحرب التي شنها ضد إسرائيل. من الواضح أنه استعد لذلك من قبل.
عناصر إسرائيليون مشاة في منطقة النقب، عام 1948 (Getty Images)
ثمّة من يدعي أن الدول العربية استخفّت بقدرات اليهود العسكرية، وعدّت أن الحرب في عام 1948، ستكون خاطفة وحاسمة ولصالحهم، فلم يستعدوا لها بما فيه الكفاية. من بين جميع الجيوش العربية كان الجيش المصري الأكبر والأقوى.
يتّضح اليوم أن الجيش المصري رأى في الحرب النفسية وسيلة لتحقيق أهدافه العسكرية في فلسطين، واستخدم المناشير بالعبرية في إطار الحرب التي شنها ضد إسرائيل. من الواضح أنه استعد لذلك من قبل.
في اليوم الأول لنشوب الحرب، في الساعة الرابعة من مساء يوم 15/5/1948، ألقت الطائرات المصرية منشورًا باللغة العبرية على المستعمرات اليهودية في النقب.
بعد اطلاعنا على نصّ هذا المنشور، تبين لنا أنه مكتوب بلغة عبرية “فخمة”، ولكن العيْب فيه، أن فحواه يحتوي على ترجمة لآيات قرآنية ومفاهيم إسلامية، فبدا وكأنه موجَّه لرجل مسلم، لا ليهوديّ، إذ إنه بعيد كل البعد عن الدين اليهودي والثقافة العبرية الحديثة.
هذا المنشور كان أول منشور من نوعه، لذا نرى أهمية في نشره باللغتين العبرية (الأصل) والعربية (الترجمة):
الترجمة العربية:
“بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله (تعالى): ’وإن جنحوا للسِّلم فاجنَح لها وتوكّل على الله إنه هو السميع العليم’
بهذه الكلمات المقدسة من القرآن، أتوجه إلى سكان المستعمرات (في النقب)، وأتعهد بمعاملتهم وفق هذه الكلمات المقدسة. هدفنا هو جلب السلام بينكم، بشرط أن تتصرفوا أنتم بسلام، لتنقذوا حياتكم وممتلكاتكم وأولادكم.
ليس هدفنا البدء في حرب. فقط في حالة المقاومة التي ستكون عبثية، ولن تستمر طويلا، وفقط في حالة هدم المخازن والأغذية الموجودة لديكم.
لذلك فإننا ندعو جميع السكان إلى إلقاء السلاح بهدوء، أن ترفعوا علمًا أبيض. وأن تسلّموا كلّ الذخيرة من ألغام وكل وسيلة قتالية، وجمعها في مكان واحد بدون إتلافها.
الرجاء تنفيذ هذه الأوامر خلال ساعة واحدة من وصول هذا المنشور.
بعد ساعة كل من لا يذعن لهذه الأوامر سيعتبر عدوًا ويريد المحاربة.
قال الله: ’عندما يهاجمكم هاجموه. واعلم أن الله لجانب المتقين’
صدق الله العظيم”.
انتهى النصّ
يترجم النصّ الآية 194 من سورة البقرة: “فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.
والآية الأولى المذكورة في المنشور، هي الآية 60 من سورة الأنفال.
وقد ترجم حسن البدري في كتابه “الحرب في أرض السلام” النص ترجمة غير دقيقة وناقصة.
كم كان العرب بحاجة إلى دراسة اللغة العبرية وأحوال اليهود وثقافتهم، وما زالوا!
المصدر: عرب 48