عقب توجيه اتهام له في سابقة تاريخية ترامب
يمثل الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الثلاثاء أمام المحكمة الجنائية في نيويورك بعدما وجهت إليه التهمة رسميا في قضية تعرف بـ «الأموال الصامتة» لشراء سكوت ممثلة عام 2016، في حدث غير مسبوق لرئيس أميركي سابق، وسط استنفار أمني في نيويورك تخوفا من تكرار سيناريو الفوضى الذي تخلل هجوم انصاره على مقر الكونغرس عام 2021.
ووجه مدعي عام مانهاتن ألفين براغ الذي يتبع مكتبه لقضاء ولاية نيويورك، التهمة رسميا إلى الرئيس السابق الطامح للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار إلى ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في 2016.
وأعلنت محامية ترامب سوزان نيتشيليس في رسالة إلكترونية لوكالة فرانس برس «نتوقع أن تتم تلاوة بيان الاتهام الثلاثاء».
وكان متحدث باسم النيابة العامة في مانهاتن أفاد في وقت سابق بأنه تم التواصل مع محامي ترامب لـ «تنسيق تسليم نفسه (…) من أجل مثوله لتلاوة الاتهام»، بعدما أيدت هيئة محلفين كبرى توجيه الاتهام إليه في هذه القضية الجنائية. وأضاف أن قرار الاتهام لايزال مختوما.
وأفادت شبكة «سي إن إن» عن حوالي ثلاثين تهمة تتعلق بالاحتيال وبمخالفات بهدف إخفاء عملية دفع مبلغ 130 ألف دولار وإخفاء قيده في الحسابات أواخر العام 2016.
وندد الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة في بيان بـ «ملاحقة سياسية وتدخل في الانتخابات على أعلى مستوى في التاريخ».
وأكد انه «بريء تماما»، متوعدا بأن «هذه الملاحقة سوف ترتد عكسيا على جو بايدن»، الرئيس الديموقراطي الذي يتهمه ترامب منذ أكثر من سنتين بـ «سرقة» الانتخابات منه.
ولجأ الملياردير الذي أحدث انقلابا منذ 2015 في النظام السياسي في الولايات المتحدة، إلى شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» ليندد بخصومه وكتب «إنهم يلاحقونني بصورة واهية ومعيبة لأنهم يعلمون أنني بجانب الشعب الأميركي وأنه لا يمكنني الحصول على محاكمة عادلة في نيويورك» المدينة التي يسيطر عليها الديموقراطيون والتي يتحدر منها.
وأكد ترامب أنه لن ينسحب من سباق الانتخابات الرئاسية في عام 2024. واتهم المدعي العام براغ بمحاولة الإضرار بفرصه في الفوز في الانتخابات على الرئيس بايدن.
وناشد أنصاره تقديم المال من أجل الدفاع القانوني.
وتقول حملة ترامب إنه جمع أكثر من مليوني دولار منذ أن توقع في 18 مارس توقعا خاطئا أنه سيعتقل بعد أربعة أيام.
وتلقى ترامب، وهو المرشح الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات وفقا لاستطلاعات الرأي، دعما من عدد من منافسيه المحتملين، مثل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
وقال بنس «لن يؤدي هذا إلا لمزيد من الانقسام في بلدنا».
واعتبر ديسانتيس، أبرز منافسي ترامب على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية، أن توجيه الاتهام «مناف للقيم الأميركية»، مؤكدا أن ولايته التي يقيم فيها الرئيس السابق لن تستجيب «لطلب تسليمه» من ولاية نيويورك في حال صدوره.
كذلك أعرب الرئيس الجمهوري لمجلس النواب كيفن ماكارثي عن الدعم نفسه مؤكدا أن «الشعب الأميركي لن يتسامح مع هذا الظلم، ومجلس النواب سيحاسب ألفين براغ واستغلاله غير المسبوق للسلطة».
لكن ستورمي دانيالز التي تتعاون مع القضاء منذ حوالي ست سنوات، كتبت في تغريدة «أتلقى كمية من الرسائل إلى حد لا يمكنني الرد عليها»، فيما أعلن محاميها كلارك بروستر أن «لا أحد فوق القانون».
ويسعى قضاء نيويورك منذ سنوات لتحديد ما إذا كان الرئيس الجمهوري السابق البالغ 76 عاما أدلى بتصريحات كاذبة، وهو جرم غير فادح، أو خالف القوانين حول تمويل الحملة الانتخابية، وهي جناية، بدفع مبلغ من المال لدانيالز حتى لا تفضح علاقة تقول إنه أقامها معها عام 2006، وذلك قبل فوزه في انتخابات نوفمبر 2016.
وسيتحتم على ترامب «تسليم نفسه» إلى محكمة مانهاتن، حيث سيتلو عليه قاض بيان الاتهام قبل ان يوضع لفترة وجيزة رمزية «قيد الاعتقال» ويتم تصويره وأخذ بصماته.
وسيعلن إن كان يقر بذنبه أم يؤكد براءته.
والشاهد الأساسي في الملف هو محامي ترامب السابق مايكل كوهين الذي أصبح عدوه اللدود، ويقول انه هو الذي دفع المبلغ لستورمي دانيالز عام 2016 وأعيد تسديده له لاحقا. وبعدما قضى عقوبة بالسجن، تعاون كوهين مع التحقيق اعتبارا من نهاية 2018 وأدلى بشهادته مرارا أمام هيئة المحلفين الكبرى.
وبينما لم يعلق البيت الأبيض، قال الديموقراطيون إن ترامب ليس حصينا في مواجهة حكم القانون.
وأكد تشاك شومر، كبير الديموقراطيين في مجلس الشيوخ «أشجع منتقدي السيد ترامب ومؤيديه على ترك العملية تمضي قدما بسلام ووفقا للقانون».
وقال محاميا الرئيس السابق جوزيف تاكوبينا وسوزان نيكيليس إنهما «سيحاربان بقوة» التهم، بينما توقعت محامية أخرى هي ألينا هابا، تبرئته.
والتحقيق في مانهاتن هو واحد من عدة تحديات قانونية تواجه ترامب، وقد تضر التهم بمساعيه للعودة للرئاسة. ويرى نحو 44% من الجمهوريين أنه يجب أن ينسحب من السباق إذا وجهت إليه اتهامات، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز/إبسوس الأسبوع الماضي.
وخارج قاعة المحكمة، رفع العديد من المتظاهرين بصمت لافتات تنتقد ترامب. وعززت السلطات الأمن حول دار القضاء بعد أن دعا ترامب إلى احتجاجات على مستوى البلاد في 18 مارس الماضي، معيدا إلى الأذهان خطابه الحاد قبل هجوم أنصاره على مبنى الكونغرس في السادس من يناير 2021 لمنع المصادقة على فوز جو بايدن.
وطلبت شرطة نيويورك من عناصرها الاستنفار لأي احتمال لحصول اضطرابات أو لسيناريو الفوضى غير العادية. وحذرت من أنها لن تتسامح مع أي عنف، وستراجع خطط انتشار عناصرها من أجل مواكبة التطورات الأمنية.