Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

حـرب أكـبـر مـن غـزة |

نتائج الحرب أكبر من غزة وامتدادات نهاياتها أبعد بكثير مما دوافعها ربما.

وكما بات واضحاً فإن مخرجات الحرب ربما ستكون أن غزة هي المتضرر الوحيد منها، فيما تغيرات كبيرة ومهولة حدثت في الإقليم أيضاً لم تكن غزة وفعلها هي المحرك الأساس فيها، بل تدخلات دول إقليمية وقوى كبرى هي من أعاد توجيه نتائج الحرب بحيث تكون هي المخرجات الأهم في كل ما جرى.

وفيما نكبت غزة وتدمرت فإن النتيجة الأكثر حضوراً في نتائج الحرب على غزة تتمثل في الإجهاز على غزة وتهجير أهلها.

يصعب قياس الرغبات التي كانت وراء ما جرى في الأساس وبين حقيقة النتائج الوخيمة التي اقتربت من التحقق بعد الإبادة التي جرت لغزة المكان والمواطنين.

وكما في كل مرة يعيد المجتمع الدولي التأكيد على بشاعته التي كان الفلسطينيون ضحيتها الأبرز عبر التاريخ الحديث بعد تأسيس الأمم المتحدة حين تم منح بلادهم لغيرهم، وحتى بعد مرور قرابة ثمانية عقود على تلك الإبادة السياسية التي قام بها التنظيم الدولي بحق بلادنا فلسطين فإن فكرة الدولة الفلسطينية على أقل من عشرين بالمائة من أرض الآباء والأجداد ما زالت موضع نقاش في المجتمع الدولي، وما زالت دوله وقواه الكبرى التي صاغت مبادئ التنظيم الدولي الحديث لم تعترف بالدولة الفلسطينية حتى افتراضياً.

ولسان حال المجتمع الدولي رغم النضال المرير الذي خاضه الفلسطينيون في مؤسساته من أجل إنجاز اعتراف وتغير في الواقع الذي أفرزته الإبادة السياسية في العام 1947 وما تلا ذلك، لسان حاله ما زال يقول للفلسطينيين إن ما جرى جرى ولا يمكن تغييره، وإن حقوقكم ليست مهمة، المهم أن الوطن القومي لليهود الذي تم السعي لإقامته ضمن حلول الغرب للمسألة اليهودية تم تحقيقه والآن علينا أن نبحث عن سبل حمايته، لذلك فإذا كانت غزة مشكلة بالنسبة للدولة اليهودية فإن الحل لن يكون بالبحث عن حقوق الفلسطينيين المفقودة بل بالتخلص من غزة.

الفرق أن ترامب قال ذلك بوضوح، وتعهد بتحقيقه فيما الآخرون يمارسون نفس الموقف دون التصريح به، لأن أحداً لم يقم بالتحرك من أجل وقف الإبادة.

الإبادة التي بدأت في أروقة الأمم المتحدة تواصلها إسرائيل أمام عجز وعدم قدرة هيئات المجتمع الدولي على التحرك.

يمكن لقارئ مستقبلي للتاريخ أن يتخيل أن كل ما جرى في غزة تم من أجل نتائج أخرى لا تتعلق بالفلسطينيين بل بتغيرات جذرية في الإقليم.

تذكروا أن واحدة من أكثر العبارات التي رددها نتنياهو منذ بداية الحرب لم تشر لغزة بل للإقليم وللتحولات التي يجب أن تطرأ على بنية الشرق الأوسط.

وفيما اختفى الحديث عن اتفاقيات إبراهيم التي تعتمد على افتراض غير منطقي فإن الحديث عنها عاد بقوة الآن مع إعادة انتخاب ترامب وعودته للبيت الأبيض.

وبالحديث عن ترامب وعودته التي كانت شبه مستحيلة حتى منتصف العام 2023 فإنه لا يمكن عدم الربط بين عودته وبين حرب غزة ومجرياتها، فعجز الديمقراطيين وعدم قدرتهم على اتخاذ أي موقف بخصوص الحرب، كان دافعاً رئيساً لعقاب كامالا هاريس من قبل ناخبين عرب ومسلمين في دوائر كانت محسومة سابقاً وبالتالي إحداث هزة مهمة ساهمت في دفع الخشبة الهشة التي كان يطفو فوقها ترامب فوق الماء في طريقه للبيت الأبيض. وكالعادة فإن الأمور تسير في اتجاهات مختلفة، وما حدث في السياق الأميركي أيضاً دفع لتدخل ترامب أكثر في الملف الفلسطيني الخاص بغزة.

طبعاً لاحظوا ترامب لا يتحدث إلا عن غزة فبالنسبة له لا يوجد ملف فلسطيني آخر، وهذا موضوع نقاش آخر علينا أن ننتبه إليه، وهو من نتائج الحرب.

كنا أكثر من مرة هنا قد تحدثنا عن تفتيت الملف الفلسطيني وعن وجود أكثر من قضية فلسطينية وبالتالي أكثر من حل، كما أن «خطاب غزة» بات أكبر من أي خطاب عن فلسطين، وهذه قصة أخرى أيضاً.

التحولات الكبيرة في الإقليم طالت نظاماً نجح في أشد اللحظات صعوبة في البقاء والعيش في سورية، فرغم الثورات والجيوش والمعارك نجحت عائلة الأسد في البقاء في دمشق إلا أنها سقطت على هامش الارتدادات في غزة.

وفيما كانت الحرب تمزق غزة وتبيد كل شيء فيها سقطت دمشق وانهار الأسد وهربت عائلته.

قبل ذلك بقليل تم تقليم أظافر حزب الله ووجوده برمته في الطريق إلى التفكيك كما يبدو.

الحزب الذي دخل الحرب بحذر وجد نفسه عرضه لحرب أخذت قادة الصف الأول والثاني والثالث في هجمة مباغتة، ولأول مرة تفرض الحكومة اللبنانية حضورها في الجنوب ويتم الحديث عن سحب سلاح الحزب وأيضاً لأول مرة تقوم الحكومة اللبنانية بمطاردة مطلقي الصواريخ من أرضها.

لم يكن مثل هذا السيناريو ليحدث قبل ذلك كما لم يكن من الممكن لأي محلل أن يتنبأ بما جرى.

وبالموازاة وربما نتيجة لكل ذلك فإن أظافر إيران تم تقليمها، بل إن حضورها في المنطقة تلاشى بشكل شبه نهائي.

والأهم أنها بدت أكثر «إيرانية» من كل الخطابات التي كانت تصدر عنها وعن مرجعياتها باسم الدين والدفاع عن المقدسات، فالأهم حماية النظام في طهران، لذلك وفي احتفال إعلامي تم تنسيق الضربات الموجهة بالمسيرات (الزنانات) التي كان انتظار مرورها من سماء العراق والأردن وفلسطين «فرجة» مسلية، كل ذلك من أجل تجنب أي حرب عنيفة مع تل أبيب.

الآن يتم تجميع النتائج بالحوار بين طهران وواشنطن في مسقط، وإسرائيل كما كانت ترغب في أن تكون جزءاً من أي ضربة أميركية دخلت طرفاً غير مباشر في المفاوضات من أجل ضمان مصالحها.

وبنفس القدر تم الاتفاق على النفوذ في سورية مع تركيا، وفي الطريق للذلك سيتم حل مسألة وجود الحوثيين في اليمن، ويعود ملف التطبيع العربي مع تل أيبب إلى الواجهة.

النتيجة الموجعة في كل ذلك أن غزة التي تدمرت، أمامها إما التهجير أو التفاوض بقهر على إعادة الإعمار الذي سيستغرق سنوات طويلة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *