ما هو وادي السيليكون؟
بحسب باحثين، فإنّ صعود وادي السيليكون إلى مركز القوّة الاقتصاديّة كان مدفوعًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك الوصول إلى رأس المال الاستثماريّ، والبيئة التنظيميّة الداعمة، وثقافة الابتكار والمخاطرة
يناقش باحثون وضع وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ويحذّرون من السيطرة التكنولوجيّة المفرطة التي وصلت إليها الشركات، بعد أن أصبحت هذه المنطقة مرادفة للابتكار التكنولوجيّ ونجاح المشاريع والازدهار الاقتصاديّ.
ويعدّ وادي السيليكون موطنًا لبعض الشركات الأكثر ابتكارًا في العالم، بما في ذلك غوغل وآبل وفيسبوك وغيرها من الشركات العملاقة، ويعتبر على نطاق واسع المركز العالميّ للابتكار التكنولوجيّ
وبحسب باحثين، فإنّ صعود وادي السيليكون إلى مركز القوّة الاقتصاديّة كان مدفوعًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك الوصول إلى رأس المال الاستثماريّ، والبيئة التنظيميّة الداعمة، وثقافة الابتكار والمخاطرة، وفي حين أنّ المنطقة قد أوجدت ثروة وازدهارًا هائلين، فقد ساهمت أيضًا في زيادة عدم المساواة في الدخل وتراجع ريادة الأعمال والابتكار في أجزاء أخرى من البلاد.
ويعود صعود وادي السيليكون إلى الخمسينيّات والستّينيّات من القرن الماضي عندما أصبحت المنطقة مركزًا للبحوث العسكريّة والدفاعيّة، إذ استثمرت حكومة الولايات المتّحدة بشكل كبير خلال الحرب الباردة في البحث والتطوير للتقنيّات المتقدّمة، بما في ذلك أنظمة الكمبيوتر وأشباه الموصّلات والإلكترونيّات، تمّ تأسيس العديد من شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم، مثل Hewlett-Packard وIntel وXerox، خلال هذا الوقت، ممّا وضع الأساس لنجاح وادي السيليكون مستقبلًا.
وفي السبعينيّات والثمانينيّات، شهدت المنطقة تحوّلًا كبيرًا في تركيزها، من البحوث الدفاعيّة إلى التطبيقات التجاريّة للتكنولوجيا، وقد سهّل ذلك ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصيّة والإنترنت، ممّا أتاح فرصًا جديدة للابتكار وريادة الأعمال، ظهرت شركات مثل آبل ومايكروسوفت وغيرها من الشركات خلال هذا الوقت، ممّا أدّى إلى تغيير طريقة تفاعل الأشخاص مع التكنولوجيا.
ووفقًا لدراسة أجراها المكتب الوطنيّ للبحوث الاقتصاديّة، وجدت أنّ المناطق ذات التركيز العالي لشركات رأس المال الاستثماريّ تميل إلى الحصول على معدّلات أعلى من الابتكار وريادة الأعمال، حيث توفّر هذه الشركات التمويل والخبرة الهامّة للشركات في المرحلة المبكّرة. قرب وادي السيليكون من سان فرانسيسكو ومجموعة كبيرة من المستثمرين الأثرياء جعلها وجهة جذّابة لأصحاب المشاريع الّذين يسعون للحصول على التمويل والدعم.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد لعبت البيئة التنظيميّة في المنطقة دورًا أساسيًّا في تعزيز الابتكار وريادة الأعمال، إذ تشتهر كاليفورنيا بسياساتها التنظيميّة المتساهلة نسبيًّا، لا سيّما فيما يتعلّق بالاتّفاقيّات غير التنافسيّة والملكيّة الفكريّة، وقد سمح ذلك لروّاد الأعمال والمبتكرين بالمخاطرة والسعي وراء أفكار جديدة دون خوف من مقاضاتهم من قبل أرباب عملهم السابقين أو انتهاك حقوق الملكيّة الفكريّة الخاصّة بهم.
وفي السنوات الأخيرة، واجه وادي السيليكون انتقادات بسبب افتقاره للتنوّع وتأثيره على الاقتصاد الأوسع، حيث وجدت دراسة أجرتها اللجنة الاقتصاديّة المشتركة الكونغرس الأميركيّ أنّه في حين أنّ وادي السيليكون قد خلق ثروة هائلة وازدهارًا، فقد ساهم أيضًا في زيادة عدم المساواة في الدخل وتقلّص الطبقة الوسطى، وخلصت الدراسة أنّ ارتفاع تكلفة المعيشة في المنطقة، مدفوعًا جزئيًّا بالطلب على العمالة الماهرة، جعل من الصعب على العمّال ذوي الدخل المنخفض والمتوسّط تحمّل تكاليف العيش في المنطقة.
ووجدت الدراسة أيضًا أنّ تركيز الثروة في وادي السيليكون ساهم في تراجع ريادة الأعمال والابتكار في أجزاء أخرى من البلاد، وبينما يتدفّق العمّال الموهوبون إلى وادي السيليكون، فإنّهم يتركون وراءهم مناطق تكافح من أجل جذب الاستثمار والمواهب، ممّا يؤدّي إلى تفاقم عدم المساواة الإقليميّة وترك العديد من المناطق وراءهم.
وبحسب باحثين، فإنّ أحد الحلول المحتملة هو الاستثمار في ريادة الأعمال والابتكار في مناطق أخرى من البلاد، حيث يمكن أن يشمل ذلك توفير التمويل والدعم للشركات الناشئة المحلّيّة، وتوسيع الوصول إلى رأس المال للشركات الصغيرة، وتحسين البنية التحتيّة والتعليم لجذب العمّال المهرة والاحتفاظ بهم.
المصدر: عرب 48