هل ليلة 29 رمضان هي ليلة القدر؟
يقول الشيخ عمرو سيد أحمد، الإمام بالأوقاف المصرية ومن علماء الأزهر الشريف لسيدتي: ليلة القدر ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، ووصفها بأنها خير من ألف شهر، ليلة القدر تعتبر أهم ليلة في العام، فمن أعظم النعم التي امتن الله بها على عباده نعمة القرآن، وهي أعظم الليالي ليلة نزول القرآن، فقدرها جليل، وليس لها مثيل، وفيها يُغفر للعبد ما تقدم من ذنبه، وقد شهد الله بفضلها وباركها ببركة القرآن، وقد حذّرنا الرسول، صلى الله عليه وسلم، من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها حتي لايحرم المسلم من ثوابها وفضلها.
• في رمضان 1444 هل ليلة التاسع والعشرين ستكون ليلة القدر؟
يقول الشيخ عمرو: من حكمة الله سبحانه وتعالى إخفاء ليلة القدر حتى يجتهد الصائم في طلبها وخاصة في العشر الأواخر من رمضان بمضاعفة العمل الصالح والعبادات، ولقد أخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم بأنها في العشرالأواخر من رمضان، وأن أوتار العشر أرجى من غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في كل وتر” وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة منها دائمًا، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، وقد تكون في تسع وعشرين.
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: ذكرنا ليلة القدر عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “كم مضى من الشهر؟ فقلنا: مضى اثنان وعشرون يوماً وبقي ثمان فقال، صلى الله عليه وسلم: لا بل مضى اثنان وعشرون يوما وبقي سبع الشهر تسع وعشرون يوما فالتمسوها الليلة”.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: “أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى.”
• علامات ليلة القدر
من علامات ليلة القدر أن تطلع الشمس لا شعاع لها، فقد ورد عن أُبَى بن كعب فى ذكر علامة ليلة القدر كما أخبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن أَمَارَتَهَا “أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِى صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا”. وفى بعض الأحاديث: “كَأَنَّهَا طَسْتٌ” والمعنى: كأنها طست من نحاسٍ أبيض.
وروى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “هِى طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا، لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَجْرُهَا” طَلْقَة: طَيِّبةٌ لا حَرَّ فيها ولا بَرْد.بَلْجَةٌ: مشرقة. أي تكون فيها السماء صافية وخالية من النجوم والشهب، ليلة لاحارة ولا باردة، يكون القمر فيها كمثل شق جفنه أي يكون القمر مثل نصف الطبق، شمسها تطلع بلا شعاع لها، قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وانشراح الصدر فيها أكثر من غيرها، تكون الرياح ساكنة. وفيها كثرة عدد الملائكة فيها، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله قال في ليلة القدر: «وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى.
• كيف أعرف انها ليلة القدر؟
يقول الشيخ عمرو: لقد ورد عن أهل العلم أن لليلة القدر علامات أثناءها وعلامات بعد انقضائها، وفيما يتعلق بالعلامات أثنائها فأصح ما ورد فيها ما رواه أحمد من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح”، ومن علاماتها أيضًا ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة” قال بعض العلماء: فيه إشارة إلى أنها تكون في أواخر الشهر، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.
• فوائد ليلة القدر 2023
ولليلة القدر فوائد كثيرة، وأجر عظيم، وتصديقا لما تحمله من خيرات ورزق وفضل عظيم، وليلة القدر في ثوابها تفوق عبادة ألف شهر. وهي ليلة تتنزل فيها الملائكة بأمر من الله حاملين الرحمات والخيرات والبركات الربانية. وفيها يغفر للمرء كل ذنوبه، فهل هناك فضل أكبر من ذلك؟ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
• فوائد قيام ليلة القدر في رمضان
يقول الشيخ عمرو إن المسلمين يعتكفون في المساجد طيلة الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، حرصا منهم على إحياء ليلة القدر، التي تأتي في الليالي العشر الأخيرة، دون تحديد ليلة بعينها، لكنها تأتي في الليالي الفردية من الأيام الأخيرة، وهو ما يدفع المسلمين إلى اعتكاف الأيام العشرة الأخيرة في المساجد، حتى ينالوا أجرها وثوابها.
• أدعية ليلة القدر
يقول الشيخ عمرو لسيدتي: عل كل مسلم الدعاء في ليلة القدر بكل ما يخطر بباله ما لم يكن به إثمًا أو قطيعة رحم في ليلة القدر، ولكن هناك دعاء مأثور، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها، فقال: قولي”اللّهم إنك عفو كريم تحبّ العفو فاعفُ عنا”
اللهم إنا نسألك الحسنى وزيادة (فالحسنى هي الجنة والزيادة هي لقاء الله فيها)
اللهم بلغنا ليلة قدرك، وارزقنا فيها على قَدر قدرك (فقدر الله عظيم وربما يأتيك بدعائك هذا أضعاف ما تمنيت)
اللهم اقض حاجتي وفك كربتي وآنس وحدتي وفرج همي وطمئن قلبي يارب
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
وبالنهاية على كل مسلم أن يعلم أنه مقبل علي ليلة عظيمة تُضاعف فيها الأجور، وتُغفر فيها الذنوب، فالاجتهادَ الاجتهادَ، والحذرَ الحذرَ من ضياعها، واسألوا الله العون في ذلك، فإن ذلك من أعظم أسباب تيسير العبادة، أسأل الله سبحانه وتعالي أن يبلغنا وإياكم فضل هذه الليلة، وأن يجعلنا من أهلها، وأن يكتب لنا أجرها ولا يجعلنا من المحرومين من فضلها .