معارك السيطرة على مواقع إستراتيجية
ووفق مراقبين، يسعى طرفا النزاع إلى السيطرة على هذه المواقع الإستراتيجية لضمان الحسم السريع للمعارك التي بدأ أمدها يطول منذ اندلاعها السبت الماضي، لا سيما أن دعوات التهدئة والمناشدات ببداية هدنة إنسانية تقلل من فرص الحسم والسيطرة السريعة على الأهداف
في يومها الرابع على التوالي، زادت حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” في عدة مدن ومقدمتها العاصمة الخرطوم، في تنافس محموم بهدف السيطرة على المواقع الإستراتيجية قبل الدخول بهدنة إنسانية محتملة.
وما زال إطلاق النار وطلعات الطيران الحربي مستمرة بعدة مناطق إستراتيجية وسط الخرطوم بينها محيط مقر القيادة العامة للجيش والمطار الدولي والقصر الرئاسي، بجانب مطار مروي العسكري شمال البلاد.
وصباح السبت، اندلعت الاشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” في الخرطوم، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كل منهما، ووصف الجيش قوات “الدعم السريع” بـ”المتمردة”.
وعام 2013 جرى تشكيل “الدعم السريع” لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.
معركة المواقع الإستراتيجية
تركزت الاشتباكات في اليوم الرابع على المواقع الإستراتيجية العسكرية والسيادية والحيوية في الخرطوم (وسط) ومدينة مروي (شمال).
وفي الخرطوم، قال شهود عيان للأناضول إن أصوات الاشتباكات وأعمدة الدخان تتواصل بمنطقة وسط الخرطوم التي تضم مقر القيادة العامة للجيش ووزارة الدفاع والمطار الدولي والقصر الرئاسي.
ووفق مراقبين، يسعى طرفا النزاع إلى السيطرة على هذه المواقع الإستراتيجية لضمان الحسم السريع للمعارك التي بدأ أمدها يطول منذ اندلاعها السبت الماضي، لا سيما أن دعوات التهدئة والمناشدات ببداية هدنة إنسانية تقلل من فرص الحسم والسيطرة السريعة على الأهداف اللإستراتيجية.
ويزيد من صعوبة حسم المعركة على المواقع الإستراتيجية في الخرطوم، أن قوات من “الدعم السريع” بأسلحتها وعتادها كانت مكلفة بتأمين هذه المواقع قبل اندلاع الخلافات مع الجيش.
وفي مروي شمالي البلاد، ما زال وضع السيطرة الميدانية غامضا، حيث تتضارب المعلومات الواردة من الجانبين حول حسمهما لمعركة مطار المدينة الذي يحوي قاعدة عسكرية جوية شديدة الأهمية، وفق مراقبين.
هدنة إنسانية مرتقبة
ومع وصول عدد ضحايا الاشتباكات إلى أكثر من 180 قتيلا وأكثر من 1800 مصابا، خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق تقارير الأمم المتحدة، تتزايد الدعوات الأممية والدولية لطرفي النزاع بالدخول في هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة لإجلاء الجرحى وإخلاء المدنيين.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت “الدعم السريع” بأنها وافقت على وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة “لفتح مسارات آمنة لعبور المدنيين وإخلاء الجرحى” جراء الاشتباكات المندلعة مع الجيش منذ 4 أيام.
وذكرت قوات “الدعم السريع” في بيان أن موافقتها على الهدنة جاءت “بناء على الاتصال المباشر مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وجهود الدول الشقيقة والصديقة التي أجرت اتصالات مماثلة دعتنا خلالها إلى وقف مؤقت لإطلاق النار من أجل فتح مسارات آمنة لعبور المدنيين وإخلاء الجرحى”.
غير أن الجيش السوداني نفى في بيانين منفصلين، علمه بأي تنسيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي حول إعلان هدنة لمدة 24 ساعة.
وقال متحدث الجيش نبيل عبد الله إن إعلان “الدعم السريع” لهدنة 24 ساعة “يهدف للتغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات”.
واستنكر الجيش في بيان آخر الحديث عن هدنة “في ظل معلومات مؤكدة لحشد (الدعم السريع) قوة كبيرة في مروي (شمال) بغرض تأمين هبوط طائرة مساعدات عسكرية من جهات إقليمية (لم يسمها) واستنفاره لقواته للحضور إلى الخرطوم (وسط) من نيالا والفاشر والجنينة والطينة (غرب)”.
معاناة إنسانية متواصلة
استمرار المعارك واشتدادها فاقم من معاناة المواطنين في العاصمة التي تشهد إغلاقا منذ يوم السبت وشللا في المرافق الحيوية كالمستشفيات والصيدليات.
ونقل شهود عيان للأناضول، استمرار شكاوى المواطنين بعدة أحياء من انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي، بينما بدأ كثيرون في السفر من الخرطوم إلى ولايات أخرى.
وفي سياق المعاناة الإنسانية، ذكرت لجنة “أطباء السودان” في بيان الثلاثاء، أنه “في ظل استمرار الاقتتال تتزايد معدلات القتلى والإصابات بوتيرة متفاقمة تنذر بما لا يحمد عقباه من خسائر فادحة في الأرواح، إضافة لتعقيد الحياة العامة وصعوبة إجلاء وحصر قتلى ومصابين وعالقين ومحتجزين آخرين”.
وأوضحت اللجنة الطبية غير الحكومية أن “ما يزيد الأمر سوءا خروج العديد من المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة بسبب ضربها بالقذائف، وانقطاع التيار الكهربائي وشح الإمدادات والمعينات، عطفا على استخدام بعضها كمرتكزات (عسكرية) وهو أمر يعتبر جريمة إنسانية وأخلاقية”.
المصدر: عرب 48