كيف صعدت عصابات الجريمة في الولايات المتّحدة؟
لطالما كانت قصّة كابوني مغرية للكتّاب وصنّاع الأفلام، حيث أنتجت حولها العديد من الكتب والأفلام والمسلسلات الوثائقيّة، وبحسب باحثين، فإنّ كابوني كان نتاجًا لبيئته، حيث شكله الفقر والعنف وثقافة الإجرام، ومع ذلك، فقد كان أيضًا رجل أعمال ذكيًّا وذكيًّا
يعتبر آل كابوني واحدًا من أكثر رجال العصابات شهرة في التاريخ الأمريكيّ، حيث ولد في بروكلين، نيويورك في 17 كانون الثاني/ يناير 1899، وصعد إلى السلطة خلال عصر حظر الكحول كزعيم لعصابة “شيكاغو آوتفيت”، وهي منظّمة إجراميّة كانت تسيطر على الكثير من عمليّات تهريب الكحول والمقامرة والدعارة في المدينة، حيث كان كابوني معروفًا بتكتيكاته العنيفة وقدرته على التفوّق على تطبيق القانون، ممّا جعله شخصيّة مرعبة ولها سطوتها في عالم الجريمة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، قبل الكساد العظيم.
واتّسمت حياة كابوني المبكّرة بالفقر والعنف. كان والداه، غابرييل وتيريزا كابوني، كلاهما من المهاجرين من إيطاليا، وكان والده حلّاقًا. وترك كابوني المدرسة في سنّ الرابعة عشرة، وبدأ العمل في مجموعة متنوّعة من الوظائف الفرديّة، بما في ذلك متجر للحلوى وصالة بولينغ، كما انخرط في عصابات الشوارع، وسرعان ما وجد نفسه في ورطة قانونيّة بسبب نشاطاته، وفي عام 1917، تمّ القبض على كابوني لحمله سلاحًا مخفيًّا، وحكم عليه بالسجن لمدّة عام لتشكّل هذه التجربة مستقبله، وتضعه على طريق أن يصبح العقل المدبّر الإجراميّ.
وبعد إطلاق سراحه من السجن، انتقل كابوني إلى شيكاغو، وبدأ العمل مع جوني توريو، وهو رجل عصابات بارز كان يدير الجانب الجنوبيّ من المدينة، حيث أدرك توريو إمكاناته الإجراميّة، وسرعان ما رقي إلى منصب قياديّ داخل المنظّمة، حيث كانت وظيفة كابوني هي الإشراف على البيع غير القانونيّ للكحول، والّذي حظرته الحكومة بموجب قوانين الحظر في عشرينيّات القرن الماضي، وسرعان ما صنع كابوني لنفسه اسمًا باعتباره قاسيًا وفعّالًا، حيث استخدم العنف والترهيب للقضاء على منافسيه وتوسيع أراضيه، كما أنشأ شبكة من السياسيّين الفاسدين والمسؤولين عن إنفاذ القانون، الّذين ساعدوه في التهرّب من الملاحقة القضائيّة على جرائمه، إذ سمعة كابوني كرجل أعمال ذكيّ وزعيم إجراميّ قويّ جعلته شخصيّة مرعبة ومحترمة في العالم السفليّ، ومن الناحية الأخرى، سمعته العامّة كرجل أعمال بين الأوساط الراقية في شيكاغو.
وبحلول منتصف العشرينات من القرن الماضي، أصبح كابوني أحد أقوى رجال العصابات في شيكاغو، إذ كان يسيطر على شبكة واسعة من الحانات، وبيوت الدعارة، وأوكار القمار، وقد جمع ثروة تقدّر بملايين الدولارات، كما كان لديه أيضًا جيش خاصّ من البلطجيّة والجنود والمجرمين، الّذين كانوا على استعداد للقيام بكلّ ما يلزم لحماية رئيسهم والحفاظ على سلطته.
وعلى الرغم من نجاحه، لم يكن كابوني محصّنًا من القانون، ففي عام 1929، وجّهت إليه تهمة التهرّب الضريبيّ، وهي تهمة ستؤدّي في نهاية الأمر إلى سقوطه، حيث أدين كابوني وحكم عليه بالسجن 11 عامًا، لكنّه استمرّ في إدارة إمبراطوريّته الإجراميّة من وراء القضبان، مستخدمًا الرسائل المهرّبة والزيارات من شركائه للحفاظ على السيطرة، وبدأت صحّة كابوني في التدهور في ثلاثينيّات القرن الماضي، وتمّ إطلاق سراحه في النهاية بشروط في عام 1939. وقضى بقيّة حياته في فلوريدا، حيث عاش بهدوء مع أسرته. توفّي كابوني في 25 يناير 1947 عن عمر يناهز 48 عامًا بسبب مضاعفات مرض الزهري.
ولطالما كانت قصّة كابوني مغرية للكتّاب وصنّاع الأفلام، حيث أنتجت حولها العديد من الكتب والأفلام والمسلسلات الوثائقيّة، وبحسب باحثين، فإنّ كابوني كان نتاجًا لبيئته، حيث شكله الفقر والعنف وثقافة الإجرام، ومع ذلك، فقد كان أيضًا رجل أعمال ذكيًّا وذكيًّا، وكان قادرًا على بناء إمبراطوريّة إجراميّة من خلال مزيج من العنف والفساد والترهيب، ويعتبر صعود كابوني إلى السلطة وسقوطه في النهاية شهادة على قوّة عالم الجريمة الإجراميّ والتحدّيات الّتي يواجهها تطبيق القانون في القضاء على الجريمة المنظّمة.
وكان كابوني معروفًا بتكتيكاته العنيفة، بما في ذلك استخدام مضارب البيسبول لتحطيم رؤوس منافسيه والقضاء عليهم، كما أنشأ شبكة من السياسيّين الفاسدين والمسؤولين عن إنفاذ القانون، الّذين ساعدوه على التهرّب من الملاحقة القضائيّة على جرائمه، وسرعان ما توسّعت إمبراطوريّة كابوني الإجراميّة إلى ما وراء شيكاغو، مع عمليّات في مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد.
وعلى الرغم من سمعته السيّئة، فقد كان ثمّة انقسام واضح حول شخصيّته، إذ يصوّره البعض على أنّه العقل المدبّر الإجراميّ القاسي، بينما يصوّره البعض الآخر على أنّه شخصيّة متعاطفة كانت ضحيّة لظروفه، وبغضّ النظر عن كيفيّة تصويره، ليس هناك من ينكر أنّ آل كابوني ترك إرثًا دائمًا في التاريخ الأمريكيّ، ولا يزال أحد أكثر الشخصيّات شهرة في عالم الجريمة الأميركيّ، وأحد مؤسّسيه.
وتوفّي آل كابوني في 25 كانون الثاني/ يناير 1947، في منزله في ميامي بيتش، فلوريدا، بسبب مضاعفات مرض الزهريّ، وعلى الرغم من تلقّي العلاج، إلّا أنّه كان يعاني من سكتات دماغيّة متكرّرة أنهت حياته وهو بعمر الـ48 عامًا، بعد أن نسي جميع الأماكن التي كان قد خبّأ فيها ثرواته خلال الأعوام الماضية، بسبب مضاعفات مرضه.
المصدر: عرب 48