القتال يتواصل رغم الهدنة… و387 قتيلا مدنيا منذ بدء الاشتباكات
تتواصل المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور غربي السودان، اليوم الجمعة، رغم الإعلان عن تمديد الهدنة في النزاع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” المستمر منذ منتصف الشهر الجاري والذي أودى بحياة مئات الأشخاص.
وارتفعت حصيلة ضحايا الاقتتال إلى قرابة 574 قتيلا من بينهم 387 مدنيا على الأقل، مع الكشف اليوم عن مقتل 74 شخصا في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، في مطلع الأسبوع.
وعلى الأرض، القتال يحتدم؛ إذ أفاد شهود عن تبادل القصف في الخرطوم، اليوم، تستخدم فيه طائرات عسكرية تابعة للجيش ومدفعية ثقيلة تابعة لقوات “الدعم السريع”.
وقال شهود إن ضربات جوية ونيران الدبابات والمدفعية هزت العاصمة السودانية الخرطوم، الجمعة، وتعرضت مدينة بحري المجاورة لقصف عنيف، على الرغم من اتفاق الجيش وقوات الدعم السريع على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة.
الأمم المتحدة: 40 ألف لاجئ فروا من الخرطوم بحثا عن الأمان
وكشفت الأمم المتحدة عن فرار ما لا يقل عن 40 ألف لاجئ من العاصمة السودانية الخرطوم، بحثا عن مكان آمن إثر الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وذلك في كلمة ألقاها ممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في السودان، أكسيل بيشوب، في مؤتمر صحافي عقده في جنيف.
وحذر الممثل الأممي من المخاطر التي تواجه النازحين قسرا في السودان والفارين من تفاقم حدة القتال، وبينهم اللاجئون الموجودون في المدن السودانية. وقال: “وردتنا تقارير تفيد باضطرار حوالي 33 ألف لاجئ للفرار من الخرطوم بحثا عن الأمان في مخيمات اللاجئين بولاية النيل الأبيض، علاوة على فرار ألفي لاجئ إلى مخيمات القضارف و5 آلاف آخرين إلى مدينة كسلا، منذ بدء الأزمة قبل أسبوعين”.
وأكد أن اللاجئين “هربوا مرة أخرى حفاظا على حياتهم”، في إشارة إلى أنهم هربوا من موطنهم الأصلي بحثا عن الأمان في السودان. ووصف بيشوب اللاجئين بأنهم “نازحون جدد” يعكسون “استمرار معاناة المدنيين الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال”.
وأضاف أنه “مع تفاقم حدة القتال في السودان، تحذر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من التأثيرات الفادحة للصراع على السكان المدنيين، بما في ذلك اللاجئون والنازحون داخليا في كافة أنحاء البلاد”.
“أطباء السودان”: سقوط 387 قتيلا مدنيا منذ بدء الاشتباكات (محدث2)
وأعلنت “نقابة أطباء السودان”، الجمعة، ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 387 شخصا منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف الشهر الجاري، وأوضحت النقابة في بيان، أن “عدد الإصابات وصل إلى 1928 منذ بدء الاشتباكات”.
ولا تشمل هذه الإحصائية أعداد القتلى والجرحى من العسكريين. ولفتت النقابة إلى أن “68% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات (التي حصرتها النقابة) متوقفة عن الخدمة”. وأوضحت أن “59 مستشفى أساسي من أصل 86 في العاصمة (الخرطوم) والولايات، متوقفة عن الخدمة، بينما يعمل 25 مستشفى بشكل كامل أو جزئي”.
وأشارت إلى أن المستشفيات المذكورة “مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات والتيار المائي والكهربائي”. وبيّنت النقابة أن “19 مستشفى تعرضّت للإخلاء القسري”، فيما تم “قصف نحو 15 مستشفى آخر”، وفق البيان.
وذكرت أن “قوات عسكرية سيطرت على المعمل القومي للصحة العامة (أستاك)”، فيما “تعرّض مستشفى الجنينة بدارفور وبنك الدم للنهب”، وفق البيان. ولفتت إلى أن “قوات عسكرية اعتدت على 6 عربات إسعاف ومنعت سيارات أخرى من نقل المرضى وإيصال الإمدادات الطبية”.
معارك دامية في دارفور
وفي السياق، كشفت النقابة في تصريحات منفصلة عن “سقوط 74 قتيلا على الأقل إثر الاشتباكات المسلحة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، خلال يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين”. ولم تتمكن النقابة من رصد أعداد القتلى بعد يوم الثلاثاء، لافتة إلى أن “جميع مستشفيات مدينة الجنينة باتت خارج الخدمة”.
وعلى هذا النحو، لفت المكتب الإعلامي للنقابة، في بيان على تويتر، إلى استمرار “نزيف الدماء” في الجنينة. وجاء في بيان منفصل أن الاشتباكات “طاولت أجزاء واسعة من المدينة، مما أجبر السكان على مغادرة منازلهم”.
وقالت النقابة إن “القوات المهاجمة أحرقت مراكز الإيواء في الجنينة، ونهبت المستشفى التعليمي وسط عمليات نهب وحرق واسعة طاولت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك”.
وأكد البيان على أن الأحداث الدموية “لا تزال جارية في مدينة الجنينة، وخلفت عشرات القتلى”. وأطلقت منظمات ناشطة الجمعة جرس الإنذار بشأن الوضع في دافور حيث تدور معارك دامية، لا سيما قرب الحدود التشادية. واندلع القتال في الجنينة قبل خمسة أيام.
وتحدّثت هيئة محامي دارفور عن ظهور مقاتلين مزودين بـ”رشاشات وقذائف آر بي جي ومضادات للطائرات” في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، “أطلقوا قذائف على المنازل”. وطالبت الهيئة “برهان وحميدتي بوقف فوري لهذه الحرب العبثية”.
وقالت نقابة الأطباء في بيان أن هناك “عمليات نهب وحرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك” في الجنينة. وذكرت أن “الأحداث الدموية لا تزال جارية” في المدينة “مخلفة عشرات القتلى والجرحى”.
وتحدثت الأمم المتحدة عن “توزيع أسلحة على المدنيين” في دارفور. وحذّرت الأمم المتحدة التي علّقت نشاطها في السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها في الأيام الأولى للمعارك، من أن خمسين ألف طفل يعانون من “نقض تغذية حاد” محرومون من أي مساعدة غذائية في دارفور.
ويصعب الحصول على معلومات دقيقة عمّا يجري في الإقليم الذي شهد في العام 2003 حربا دامية استمرت سنوات بين قوات الرئيس السابق المعزول، عمر البشير، شاركت فيها قوات الجنجويد (قوات الدعم السريع بقيادة دقلو)، ومتمردين متحدرين من أقليات إتنية، وتسبّبت بمقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون.
وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يبذل الأطباء قصارى جهدهم لتوفير الرعاية الصحية لعدد كبير من المصابين الذين نقلوا الى المستشفيات. وقال منسّق نشاط منظمة “أطباء بلا حدود” في الفاشر “الوضع صعب جدا جدا هنا”.
في الساعات الأخيرة قبل انتهاء هدنة من ثلاثة أيام لم يتمّ الالتزام بها فعليا، أعلن الجيش بقيادة الفريق أول، عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، موافقتهما مساء الخميس على تمديد وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة إضافية، بمساع أميركية وسعودية.
وفي بيان مشترك صدر في واشنطن، رحّب أعضاء الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية والأمم المتحدة) والرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة) باستعداد طرفي النزاع “الانخراط في حوار من أجل التوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
وأضاف البيان أن “هذه المرحلة الدبلوماسية الأولية ستساهم في وقف دائم للأعمال القتالية وفي الترتيبات الإنسانية وتطوير خطة لخفض التصعيد”. ورحبّت دول عدّة بتمديد اتفاق وقف إطلاق النار، ودعت إلى تنفيذه بالكامل.
وأعلنت مصر أن موفدا من البرهان سيصل، السبت، إلى القاهرة لمقابلة وزير الخارجية، سامح شكري. من جهة أخرى، حذّرت الأمم المتحدة من أن ما شهدته البلاد أخيرا من فرار من السجون يمكن أن يؤدي إلى “مزيد من العنف في ظل مناخ عام سائد يوحي بأنه لا توجد محاسبة”.
المصدر: عرب 48