كيف أثّر مارتن لوثر كينغ على الحراكات الحقوقيّة في العالم بأسره
ولا تقتصر رسالة كينج حول المساواة والعدالة على الولايات المتّحدة، إذأصبح رمزًا عالميًّا لحركات حقوق الإنسان، وقد تبنّت الحركات في جميع أنحاء العالم فلسفته في اللاعنف
كان مارتن لوثر كينغ جونيور ناشطًا مؤثّرًا في مجال الحقوق المدنيّة وقائدًا كرّس حياته للنضال من أجل المساواة العرقيّة والعدالة للجميع، واستمرّ دفاعه عن الاحتجاج السلميّ وخطبه القويّة في إلهام حركات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من اغتياله في عام 1968، إلّا أنّ إرث كينغ لا يزال قائمًا، ولا يزال تأثيره على حركات حقوق الإنسان ملموسًا حتّى اليوم.
كان تأثير كينج على حركة الحقوق المدنيّة في الولايات المتّحدة خلال الستّينيّات من القرن الماضي ضخمًا، إذ لعب دورًا مهمًّا في تنظيم الاحتجاجات السلميّة، بما في ذلك مقاطعة الحافلات في مونتغومري وواشنطن، والّتي لفتت الانتباه إلى النضالات والظلم الّذي واجهه الأميركيّون من أصل أفريقيّ في ذلك الوقت، ولا يزال خطابه الشهير “لديّ حلم” الّذي ألقاه خلال آذار/ مارس في واشنطن عام 1963 يتردّد صداه لدى الناس في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما يستشهد به كواحد من أعظم الخطب في التاريخ.
وكان اغتيال كينغ عام 1968 بمثابة نكسة كبيرة لحركة الحقوق المدنيّة، ومع ذلك، استمرّ إرثه في إلهام الناس والحركات في جميع أنحاء العالم، ففي السنوات الّتي أعقبت وفاته، أصبحت فلسفته اللاعنفيّة ودفاعه عن حقوق الإنسان قوّة توجيهيّة للعديد من الحركات حول العالم.
ولا تقتصر رسالة كينج حول المساواة والعدالة على الولايات المتّحدة، إذأصبح رمزًا عالميًّا لحركات حقوق الإنسان، وقد تبنّت الحركات في جميع أنحاء العالم فلسفته في اللاعنف، على سبيل المثال في الهند، حيث أثّرت مقاومة المهاتما غاندي اللاعنفيّة على فلسفة كينغ في الاحتجاج اللاعنفيّ، واليوم، ألهم عمل كينغ الحركات في الهند، مثل الكفاح ضدّ النظام الطبقيّ. وفي جنوب إفريقيا، تأثّرت الحركة المناهضة للفصل العنصريّ بشدّة بعمل كينغ، إذ تبنّى قادة مثل نيلسون مانديلا ورئيس الأساقفة ديزموند توتو فلسفته في الاحتجاج اللاعنفيّ ودفاعه عن حقوق الإنسان، الّذين اعتقدوا أنّ رسالة كينغ في اللاعنف هي أفضل طريقة لمحاربة نظام الفصل العنصريّ، وفي الواقع، كان مانديلا مستوحى من عمل كينج بحسب باحثين. كما أثّرت أفكار كينغ على حركات الميم في العالم، إذ تبنّى مجتمع الميم رسالة كينغ بشأن المساواة والعدالة للجميع، واستخدمت دعوته للاحتجاج السلميّ في الاحتجاجات من أجل حقوق مجتمع الميم في جميع أنحاء العالم.
وأظهرت دراسات عديدة التأثير المستمرّ لإرث كينغ على حركات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، حيث وجدت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث أنّ كينج كان الشخصيّة الأكثر شهرة على نطاق واسع، والمرتبطة بحركة الحقوق المدنيّة في الولايات المتّحدة، حيث يعرف أكثر من 91% من الأمريكيّين باسمه، ووجدت الدراسة أيضًا أنّ رسالة كينغ حول اللاعنف ودفاعه عن حقوق الإنسان ما زالا يلهمان الناس اليوم.
وجدت دراسة أخرى أجرتها جامعة ميشيغان، أنّ رسالة كينغ حول اللاعنف ودفاعه عن حقوق الإنسان كان لها تأثير في انتفاضات الربيع العربيّ عام 2011، حيث وجدت الدراسة أنّ المتظاهرين في مصر وتونس قد تأثّروا بشدّة بفلسفة كينغ في الاحتجاج السلميّ ودفاعه عن حقوق الإنسان، وأظهرت بعض الصور من المظاهرات المصريّة في ميدان التحرير، بعض اللافتات التي كُتِب عليها “مارتن لوثر كينغ يبتسم من السماء”.
ولا تزال رسالة كينغ حول اللاعنف ودفاعه عن حقوق الإنسان ذات صلة اليوم، حيث تأثّرت حركة “حياة السود مهمّة”، يعدّ استخدام الحركة للاحتجاج السلميّ ودفاعها عن حقوق الإنسان من السمات المميّزة لفلسفة كينج، وقد استشهد العديد من المتظاهرين بعمل كينج كمصدر إلهام، كما ألهمت دعوته للاحتجاج السلميّ ورسالته للمساواة والعدالة للجميع الحركات في جميع أنحاء العالم.
ومنذ وفاة كينغ، تمّ الاحتفال بإرثه بطرق عديدة منذ وفاته، ففي عام 1983، وقّع الرئيس رونالد ريغان على مشروع قانون يعلن يوم الاثنين الثالث من شهر كانون الثاني/ يناير عطلة وطنيّة تكريمًا للملك، ممّا يجعله الوحيد من غير الرئيس الّذي يقضي عطلة وطنيّة باسمه، وفي عام 2011، تمّ الكشف عن نصب تذكاريّ لكينغ في واشنطن العاصمة، يضمّ تمثالًا طوله 30 قدمًا للملك منحوتًا في حجر من الجرانيت.
وكان عمل كينغ أيضًا موضوعًا للعديد من الكتب والأفلام الوثائقيّة، حيث تمّت دراسة خطبه وكتاباته من قبل العلماء والنشطاء في جميع أنحاء العالم، وكان إرثه مصدر إلهام لعدد لا يحصى من حركات حقوق الإنسان.
المصدر: عرب 48