معارك السودان تتواصل وبايدن يهدد بفرض عقوبات حال عدم التوقف
وسع الرئيس الأميركي، جو بايدن، من سلطات حكومته لإصدار عقوبات تتعلق بالسودان، اليوم الخميس، واصفا الصراع على السلطة في السودان بأنه “خيانة” للمواطنين، في حين رجّحت مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، أفريل هاينز، أن الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “سيطول” لأن كلاهما يعتقد بأنه قادر على الحسم العسكري.
وقال بايدن إنه وقع على أمر تنفيذي سيستهدف “الأفراد المسؤولين عن تهديد سلام وأمن واستقرار السودان، وتقويض انتقاله للديمقراطية باللجوء للعنف ضد المدنيين أو ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”. وأضاف أن العنف في السودان “مأساة وخيانة للمطلب الواضح للشعب السوداني بتشكيل حكومة مدنية والانتقال إلى الديمقراطية”.
وتابع “انضممت إلى شعب السودان المحب للسلام والقادة في جميع أنحاء العالم بالدعوة لوقف إطلاق النار بين الجانبين المتحاربين”، وشدد الرئيس الأميركي على أن المعارك الدائرة منذ أسابيع في السودان “يجب أن تنتهي”.
الصراع “سيطول على الأرجح”
من جانبها، قالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، أفريل هاينز، اليوم، إن الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “سيطول على الأرجح” لأن كلا منهما يعتقد بأنه قادر على تحقيق الانتصار عسكريا.
وقدمت هاينز تقييم المخابرات الأميركية القاتم للقتال الذي اندلع في 15 نيسان/ أبريل، في شهادة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي.
ويلقى التقييم بظلال من الشك على الجهود الدولية لإقناع الخصوم بإنهاء العنف الذي أودى بحياة المئات ودفع نحو 100 ألف شخص للفرار إلى الدول المجاورة وأثار شبح تفاقم أزمة إنسانية.
وقالت هاينز، في شهادتها، إن “القتال في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من المرجح أن يطول في ظل اعتقاد كلا الجانبين أنه قادر على الانتصار عسكريا وأنه ليس لديه حوافز تذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
واسترسلت قائلة إن الخصمين يسعيان للحصول على “مصادر خارجية للدعم” وإذا توافرت هذه المصادر، “ستفاقم، على الأرجح، الصراع واحتمال انتشار التحديات في المنطقة”. وحذرت هاينز من أن العنف المستمر فاقم “ظروفا إنسانية سيئة بالفعل” وأجبر منظمات الإغاثة على تقليص عملياتها وسط مخاوف متزايدة من “تدفقات هائلة من اللاجئين”.
المعارك تتواصل
وتتواصل المعارك في الخرطوم لليوم العشرين بين الجيش وقوات الدعم السريع في صراع على السلطة في السودان، رغم إعلان “اتفاق مبدئي” لتمديد الهدنة التي لم تُحترم حتى 11 أيار/ مايو.
وأفاد شهود عيان تحدثوا لوكالة “فرانس برس”، اليوم، بأن “المواجهات والانفجارات” مستمرة في الضاحية الشمالية للخرطوم.
وعلى غرار أكثر من خمسة ملايين شخص من سكان العاصمة، يعيش هؤلاء على وقع القصف. ولتجنّب الرصاص الطائش، يلازمون منازلهم التي تفتقر إلى المياه والكهرباء مع تضاؤل مستمر للمال والغذاء.
ومنذ 15 نيسان/ أبريل، أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).
وبات أقلّ من مستشفى واحد من أصل خمسة في الخرطوم قيد الخدمة مع شبه انعدام للخدمات الاستشفائية في إقليم دارفور.
تفاقم أعداد النازحين واللاجئين
وأجبرت المعارك أكثر من 335 ألف شخص على النزوح، ودفعت 115 ألفا آخرين إلى اللجوء لدول مجاورة، وفق الأمم المتحدة، التي تخشى بلوغ ثمانية أضعاف هذا العدد من اللاجئين.
وأكد مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر، عبر حسابه على موقع تويتر، عبور 50 ألف شخص إلى الأراضي المصرية عبر الحدود السودانية بينهم 47 ألف سوداني.
وقالت الأمم المتحدة، في بيان، إنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص قد يفرون بحلول تشرين الأول/أكتوبر من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، نداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مشيرة إلى أن مصر وجنوب السودان ستسجّلان أكبر عدد من الوافدين.
الحرب “لن تعرف منتصرا”
وعلّق خالد عمر يوسف، وهو وزير مدني سابق خسر منصبه بسبب الانقلاب، “مع كل دقيقة إضافية من الحرب، يموت أناس أو يُرمَون في الشوارع ويزداد تفكك الدولة”.
وقال زعيم أحد فصائل التمرد السودانية المسلحة في دارفور، عبد الواحد النور، في مقابلة مع “فرانس برس” في جوبا، إن الحرب الدائرة بين القائدين العسكريين في السودان “لن تعرف منتصرا”.
وأضاف النور “الشعب السوداني لا يريد أيا منهما… بل يريد حكومة مدنية”، مؤكدا أنه لا يدعم أحدا من الطرفين في الحرب وأن مقاتليه لا يؤدون أي دور فيها.
ودانت وزارة الخارجية السودانية في بيان، الخميس، “تهجم القوات المتمردة علي مقر السفارة الهندية في الخرطوم واقتحام مكتب السفير و نهب مقتنياته”.
المطالبة بضمانات أمنية لتوفير المساعدات
وفي مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبيًا بمنأى عن أعمال العنف، يحاول منسّق عمليات الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، إعادة تنظيم مخزون الإمدادات بعد تعرضه لعمليات نهب كبيرة.
وطالب غريفيث بضمانات أمنية “على أعلى مستوى” لتأمين إيصال المساعدات إلى السودان، بعد نهب ست شاحنات تحمل مساعدات غذائية على وقع استمرار المعارك.
من جهته، أشار المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى تعرّض مستشفى في الخرطوم لغارة جوية، موضحًا أن قوات الدعم السريع “تشنّ هجمات في مناطق سكنية مكتظة”.
هدنة معلقة
وأعلن جنوب السودان، الذي غالبًا ما يقوم بوساطة في السودان، أنّ طرفي النزاع وافقا على هدنة “من 4 إلى 11 أيار/مايو” الجاري. وأعلن الجيش السوداني موافقته على الهدنة شرط أن تلتزم بها قوات الدعم السريع التي لم تعلق على الأمر.
وفي وقت تتكثف الاتصالات الدبلوماسية في أفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار هذا الاقتراح الذي تقدمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، بسبب الحاجة إلى “حلول أفريقية لمشاكل القارة”.
ورحب أيضا بالوساطات الأميركية والسعودية بعد جولة قام بها موفده هذا الأسبوع شملت الرياض ثم القاهرة وجامعة الدول العربية.
وتعقد الجامعة العربية في القاهرة، الأحد، اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية لبحث الحرب في السودان. وسيبحث الاجتماع المخصص للسودان الوضع في هذا البلد “بأبعاده كافة، السياسية والأمنية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية”، ، حسبما أفاد دبلوماسي رفيع المستوى.
وتعهد معسكر البرهان تسمية موفد يمثله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر برعاية “رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي”.
وفي يوم اندلاع الحرب، كان مقررا أن يبحث الجنرالان اللذان تحالفا في انقلاب 2021 مع الامم المتحدة والوسطاء الدوليين سبل دمج قوات الدعم السريع بالجيش، وهو شرط كان لا بد من تنفيذه تمهيدا لإعادة السلطة إلى حكومة مدنية واستئناف المساعدات الدولية التي علّقت بسبب الانقلاب.
ولكن بدل المفاوضات السياسية، استيقظ 45 مليون سوداني على دوي قصف مدفعي وغارات جوية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس، إنه “يمكن القول إننا اخفقنا في منع” اندلاع الحرب التي “فاجأت” المنظمة الأممية.
المصدر: عرب 48