يظنّون أنها فرصتهم
يزداد واقعنا سوءًا عامًا بعد عام، فما أن تلمع بارقة أمل حتى يغرقوها بالدّم، كي يبقوا القلق مؤبّدًا في حياتنا.
تابعوا تطبيق “عرب ٤٨”… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
يحسبُ أولئك الذين يمسكون في زمام السُّلطة، أنّ الفرصة باتت مواتية لتنفيذ سياسات أشدّ عنفًا تجاه شعبنا، وأنّه يجب الضغط أكثر لتيئيسه، وبالتالي دفع الناس إلى الاستسلام التام لما يخططون ولما يقرّرون، ودفع الأجيال الصاعدة للرحيل إلى بلاد الله الواسعة، ولهذا يصعّدون أكثر فأكثر، ظنًا أنّ الفرصة قد حانت، لتنفيذ بقية المشروع في إنهاء القضية الفلسطينية تمامًا، وإلغائها من جدول أعمال المنطقة والعالم.
وزير الأمن القومي، بن غفير، يعلن أنَّه غيرُ راضٍ عن أداء نتنياهو، لأنّه لا يتصرَّف كيمين حقيقي.
المقصود باليمين الحقيقي هو ممارسة الفاشية بدون أية محاذير محلّية أو دولية، وتسريع الإجهاز على القضية الفلسطينية ولو بثمن توتير علاقات مع بعض دول العالم، أو حتى إزعاج العرب المطبِّعين مع إسرائيل.
السلطات نفضت أيديها من مسؤولية أمن المواطنين العرب بشكل كامل.
هذا قرار يُطبّق من خلال منح الفرصة لكل من يرغب في تصفية حسابات أن يفعل ذلك، مع احتمال ضئيل جدًا بإلقاء القبض عليه ومحاسبته على فعلته.
هذا يعني قانون الغاب، ومنح القَتلة شبكة أمان، لهذا صاروا يمارسون القتل أو إطلاق النار للترهيب من دون أية محاذير، فهم يعرفون أنّه ليس عليهم سوى الابتعاد عن موقع الجريمة لبضع عشرات من الأمتار، وأن القضية لا تستغرق سوى دقائق، وبعدها يُطوى الموضوع، وتسجّل الجريمة ضد مجهولين.
حوالي سبعين ضحية من العرب منذ بداية العام بأيدٍ عربية. هذه من النسب المرتفعة جدًا على مستوى العالم بالنسبة لكل 100 ألف مواطن، نجد أن هذه النسبة تدخل ضمن العشرين دولة الأولى في العالم في ارتفاع الجريمة.
التشجيع السُّلطوي للجريمة في الداخل، يوازيه قتل الفلسطيني في الضفة والقدس إذا ما أبدى أي نوع من المقاومة، إضافة إلى مواصلة حصار قطاع غزة.
على هذه الخلفية من إهدار الدم العربي غُدر الشاب ديار العمري بيد مجرم جبان.
لو كان القاتل يدرك أن سيحاسب على جريمته لما أطلق النار بهذه البساطة وبهدف القتل، لم يكن هناك أي خطر على حياته كما يزعم، وهذا يظهر في الفيديو، كان الشهيد قد عاد إلى سيارته بعد اشتباكه بالأيدي مع المجرم، وهمَّ بمغادرة المكان. لو أنّ المجرم لم يقصد القتل لكان بإمكانه أن يطلق الرصاص على عجلات السَّيارة، أو أن يصيبه في قدميه برصاصة واحدة، خصوصًا وأنّه جندي في لواء النخبة (غولاني)، لكنّه أراد أن يقتل، فأطلق خمس أو ست رصاصات على الجزء العلوي من الجسد.
كان هذا القتل متعمّدا لأن ديار رفض إهانة القاتل له، فاشتبك ودافع عن نفسه بعدما هاجمه المجرم وهو وراء مِقود سيارته، بعدها شوهد ديار يهبط من السّيارة ليلقنه درسًا بيديه، وليس بأي سلاح كان، وعندما عاد إلى السيارة لمغادرة المكان، أطلق الجبان النار عليه، ليرتقي شهيدًا.
تشجيع وزير الأمن القومي، للمواطنين اليهود على التزوُّد بالسّلاح، وتسهيل الحصول عليه، شجَّع القاتل.
الدعم المعنوي لكل من يقتل فلسطينيًا حتى لأتفه الأسباب، هو توجيه صريح بالقتل. السوابق التي قتل فيها مواطنون عرب بدون محاسبة شجعت القاتل.
نعم هناك حاجة إلى رفع قضيتنا إلى كل هيئة دولية يمكن أن تسمع صوتنا، فهذه ليست جرائم عادية، بل هي جرائم على خلفيات سياسية.
أمام هذه الحقيقة، علينا أن نبحث عن جذور الخلل الذي أوصلنا إلى هذه الحالة من الضعف أمام مخطّطات السُّلطة، نحن نتحمّل مسؤولية كأفراد ومجتمع ومؤسسات، مجتمعنا يتدهور، وعلينا أن نجد طريقة لنعود إلى صوابنا ورشدنا وإلى ما كنا عليه كمجتمع متماسك ومتضامن.
من ناحية أخرى، فإنّ من يراهنون على تيئيس شعبِنا لدفعه إلى قبول المواطنة من الدرجة الثالثة أو الرّحيل، فهم مخطئون في حساباتهم كما أخطأت فاشيات كثيرة من قبلهم، فالجميع سيدفع ثمن قانون الغاب، ولن يقتصر هذا الثمن على طرف دون آخر.
اقرأ/ي أيضًا | “جمعيّة العمّال العربيّة الفلسطينيّة في حيفا” لأبي ماهر اليماني
المصدر: عرب 48