اخبار الخليج
أخيراً سقطت باخموت
أعلن يفغيني بريغوجين زعيم مجموعة فاغنر من قلب مدينة باخموت سقوط المدينة بالكامل بأيدي قواته، ثم تلا ذلك إعلان من الكرملين عن منح أوسمة لعناصر قوات فاغنر وكذلك للجيش الروسي باعتبار أنه كان شريكاً بالنصر، بما يناقض تصريحات بريغوجين الذي نسب النصر لقواته. أما الجانب الأوكراني فقد تضاربت تصريحاته ابتداء من إعلان الرئيس زيلينسكي أن المدينة مدمرة وأنها موجودة في قلب كل أوكراني مع عدم وجود جنود أوكرانيين، ولكن الرئاسة الأوكرانية سرعان ما ذكرت أن تصريحات الرئيس فهمت خطأ. بغض النظر عن المشهد الضبابي الذي أوحت به التصريحات الأوكرانية فإن من المؤكد أن المدينة ساقطة عسكرياً وإن وجدت فيها قوات أوكرانية فهي جيوب مقاومة صغيرة لا تغير من المشهد العام. أهمية هذا الحدث على مستويين؛ الأول رمزي لأن المدينة شكلت نقطة صراع الإرادات العسكري بين كييف وموسكو، وبالتالي سقوطها سيدعم معنوياً القوات الروسية، خصوصاً أنها تستعد لمواجهة هجوم واسع من القوات الأوكرانية لطالما تم الحديث عنه خلال الأسابيع الماضية. أما المستوى الآخر فهو الميداني والعسكري وهنا توجد وجهتا نظر الأولى أمريكية ترى أن المدينة ليست لها أهمية استراتيجية وما كانت تستحق كل الخسائر التي دفعت من أجلها، الأوكرانيون يرون أن لها أهمية استراتيجية باعتبارها تمثل البوابة لسيطرة روسيا الكاملة على المقاطعات الأربع التي ضمتها، وبالتالي الهدف التالي سيكون كراماتورسك، وجهة النظر الروسية لا تختلف عن الأوكرانية لأنها تأمل أن يمثل سقوط باخموت بداية تهاوي أحجار الدومينو المتمثلة بالدفاعات الأوكرانية، وهذا ما دفع هيئة الأركان الأوكرانية إلى الإعلان أنها عمدت إلى بناء خطوط دفاع قوية جداً أمام تقدم القوات الروسية إلى مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك. لا نتوقع أن يكون هناك من الجانب الأوكراني تهاوٍ سريع لأن الغرب عموماً والولايات المتحدة على وجه التحديد لن تسمح بذلك، وهذا ما دفع واشنطن إلى الموافقة على تزويد أوكرانيا بطائرات إف ١٦ وهذه الخطوة هي الأخيرة بعد تطور الدعم الغربي من أسلحة متوسطة حتى الطائرات المتطورة مروراً بمدافع هاي مارس ودبابات ليوبارد الألمانية وغيرها من التقنيات. الغرب لم يعد يعبأ بردة الفعل الروسية بعد أن أبانت موسكو عن عدم رغبتها بالدخول بمواجهة مباشرة مع حلف الناتو، هذه الرسالة الروسية فتحت أبواب الدعم الغربي على مصراعيه ويتوقع أن يزداد طالما أن الحرب مستمرة. توريد طائرات إف ١٦ على وجه التحديد يشير أن الغرب يتوقع أن يستمر الصراع لفترة طويلة ويزداد حدة، لأن هذه الطائرات لن تدخل الخدمة في أوكرانيا إلا بعد أشهر طويلة وتتطلب تدريباً خاصاً للطيارين الأوكرانيين وهذا ما تعهدت به بريطانيا. الصراع يزداد حدة بين الغرب وروسيا وحتى الآن يتم تغليب صوت السلاح على صوت العقل ولعل الحاجة أصبحت ماسة أن تقوم دول تمثل صوت العقل بوساطة لدرء المزيد من التدهور، وهذا ما تقوم به المملكة العربية السعودية، وهي مستمرة في جهودها لإحلال السلام، فكانت الدعوة الأخيرة للرئيس الأوكراني للمشاركة في القمة العربية.