إثر جريمة القتل في يافة الناصرة.. “الحكومة والشرطة تتحملان مسؤولية الأمن والأمان”
حمّل خليلية الشرطة المسؤولية الكاملة عما يحدث نظرا إلى توفر الإمكانات والوسائل والخطط لديها لمكافحة الجريمة. وأكد أن “الشرطة والحكومة وفي مقدمتهما رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية المسؤولين المباشرين على أمن المواطن”.
جانب من الاحتجاجات تنديدا بجرائم القتل وتقاعس الشرطة، الجمعة (عرب 48)
لا تزال بلدة يافة الناصرة الآمنة بوجه عام تعيش حالة من الصدمة من هول جريمة القتل الجماعي التي وصفها البعض بـ”الكارثة” بينما يقول البعض بأنها “مجزرة”، في حين أن هناك من يرفض هذه التسميات لأن المجازر غالبا ما تحمل صبغة قومية، لكن رغم اختلاف العبارات والتسميات فإنه لا خلاف على أن ما شهدته يافة الناصرة الخميس بمثابة حدث مهول وغير مسبوق.
وأسفرت الجريمة عن مقتل 5 شبان هم: نعيم ورامي مرجية ومحمد كنانة من يافة الناصرة ولؤي أبو رجب وإبراهيم شحادة من الناصرة، وقد جرى تشييع جثامين الضحايا في وقت سابق من مساء الجمعة بمشاركة جماهيرية حاشدة فيما شهدت بلدات عربية احتجاجات غاضبة تنديدا باستفحال جرائم القتل وتقاعس الشرطة.
وفي تفاصيل الجريمة، وصل مسلح إلى محل لغسيل السيارات في أحد الأحياء بالقرب من شارع المدارس في يافة الناصرة وفتح النار من سلاح أوتوماتيكي على الضحايا، ما أسفر عن مقتلهم فيما أصيب شخص سادس بجروح وصفت بالخطيرة آنذاك.
ووصف رئيس مجلس محلي يافة الناصرة، ماهر خليلية، ما حدث في حديث لـ”عرب 48” بالقول إنها “مجزرة أليمة بكل معنى الكلمة، أثرت على يافة الناصرة والمجتمع العربي ككل بشكل سلبي”.
وأضاف “دائما نحن نقول إننا في يافة الناصرة عائلة واحدة ومميزة، وهذا أمر غير مقبول على تربية ونشأة المجتمع اليافاوي النصراوي”.
وحمّل خليلية الشرطة المسؤولية الكاملة عما يحدث نظرا إلى توفر الإمكانات والوسائل والخطط لديها لمكافحة الجريمة. وأكد أن “الشرطة والحكومة وفي مقدمتهما رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية المسؤولين المباشرين على أمن المواطن. ومن هنا أقول إن كل دولة متحضرة تأخذ على عاتقها أمن المواطن وعلى وزير الأمن القومي وقيادة الشرطة تحمل مسؤولياتها”.
وردا على سؤال حول ما سيكون في يافة الناصرة بعد انتهاء ثلاثة أيام من الحداد، قال خليلية إن “يافة الناصرة تنزف ونحن اليوم نهتم بالعائلات الثكلى من قبل طواقم الاختصاصيين النفسيين والعمال الاجتماعيين، وقد عقدت جلسة عبر تطبيق ’زووم’ شاركت فيها الطواقم التربوية في المدارس والمهنية في المجلس المحلي أدارها الطبيب النفسي د. رزق شلش للتخفيف على كل أبناء المجتمع اليافاوي النصراوي، ولنحافظ على التفاهم وعلى الروح الطيبة بين المجتمع اليافاوي النصراوي في هذه الفترة الصعبة، وسنقوم بتنظيم وقفة احتجاجية على الشارع الرئيسي للبلدة، وسنجري نشاطات في المدارس نظرا إلى أن أحد الضحايا وهو رامي مرجية هو طالب ثانوي”.
وذكر المربي هاني مرجية عم الضحيتين رامي ونعيم مرجية، لـ”عرب 48“: “نحن عائلة مسالمة لا علاقة لنا بما يجري من أحداث عنف وحتى الآن لا نعرف ما خلفية هذه الجريمة، نحن هنا ندير مصلحة عامة لغسيل السيارات ولا نعرف من هو المستهدف في هذه الجريمة، ولكن ما لا شك فيه أن هنالك عدد من الأبرياء راحوا ضحايا هذه الجريمة”.
وعن ابن شقيقيه قال “هما شابان في مقتبل العمر ورامي طالب متفوق في المدرسة، ونعيم يدير محل الغسيل، لكن الجاني أطلق النار بشكل عشوائي وحصد أرواح الجميع ولو كان عدد المتواجدين أكبر لكان عدد الضحايا أكبر ومع ذلك فإن النتيجة سيئة للغاية”.
ونفى مرجية وجود خلافات للعائلة مع أحد بالقول “كلنا نعمل ونكسب رزقنا بعرق جبيننا، وعائلة مرجية هي عائلة بسيطة ومسالمة يعمل بعض أفرادها في الحدادة وفي التدريس وفي أعمال متنوعة وتربطنا علاقات طيبة مع المجتمع من حولنا”.
وختم بالقول “كنا نسمع أحيانا عن قتل ضحايا أبرياء في جرائم سابقة ولم نكن نصدق بأن الجريمة تحصد من الأبرياء إلا حين وصلت إلى بيتنا”.
وذكر رئيس مجلس محلي يافة الناصرة سابقا، المحامي عمران كنانة، لـ”عرب 48“، أن “ما حدث هو كارثة وخطوة تصعيدية في مجال الجريمة والعنف التي تجتاح المجتمع العربي في السنوات”.
وأضاف “لقد جفت الأقلام من إجراء الأبحاث والدراسات حول السرطان المتفشي في جسد المجتمع والمسمى بآفة العنف. كنا نحذر من أن هذا السرطان سيصل إلى كل بلدة وكل بيت ولا أحد محصّن، وها هي يافة الناصرة الآمنة تأخذ نصيبها من هذا السرطان، والحقيقة أن هناك حاجة لاجتثاث هذا المرض وليس لمكافحته بالمهدئات والمسكنات”.
وأشار كنانة إلى أن “مختصين في اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة المتابعة قدموا تقريرا في العام 2020 حذر مما يجري اليوم، وتضمن التقرير توصيات للحكومة التي هي الجهة الوحيدة القادرة على اجتثاث هذا المرض هي الحكومة، فالمجتمع المدني بكل طاقاته غير قادر على مصادرة السلاح ومواجهة عصابات الإجرام المنظم”.
وأوضح أن “الحكومة لا توجد لديها نية لمحاربة الجريمة في المجتمع العربي، فيما أن وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، ولذلك تم طرده من يافة الناصرة”، فيما طالب بأن تتحرك الحكومة الإسرائيلية وتضع برنامجا شاملا وجديا لاستئصال هذا المرض المستفحل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، عودة بشارات، الذي كان يصف بلدته بأنها واحة خضراء وسط بحر متلاطم بأمواج العنف والجريمة، لـ”عرب 48“، إننا “فجعنا بالأمس بجريمة كانت بمثابة طوفان حصدت حياة خمسة أشخاص وهذه صدمة رهيبة لأهالي يافة الناصرة الذين وجدوا بلدتهم غارقة في الدماء، وباعتقادي فإن أهالي يافة الناصرة موحدين باستنكارهم لهذه الجريمة ويسعون لمواجهة هذه الموجة التي تذهل كل إنسان عاقل”.
وردا على سؤال حول استغلال هذه الفاجعة من قبل رئيس الحكومة ووزير الأمن القومي من أجل إقحام جهاز “الشاباك” وميليشيات الأمن القومي وزجها في المجتمع العربي بذريعة مكافحة الجريمة والعنف، قال بشارات “برأيي الشاباك موجود في مجتمعنا ويتدخل في كل مجالات الحياة، وما هذه التصريحات سوى ذريعة للتغطية على فشل وعدم كفاءة الحكومة وشرطتها، وعدم وجود قرار حكومي يقضي بمحاربة الجريمة”.
المصدر: عرب 48