الشاباك يضع شروطا للانخراط في “مكافحة” الجريمة في المجتمع العربي
الشاباك يميل إلى الموافقة على انخراطه في “محاربة الجريمة في المجتمع العربي” ودعم الشرطة في هذا المجال، رغم أن إدخال الشاباك إلى الحيز المدني ليس من ضمن صلاحياته القانونية. الشاباك يشترط توفير غطاء قانوني لعملياته وعدم الكشف عن قدراته الخاصة.
من موقع جريمة القتل الجماعي في يافة الناصرة (Getty Images)
يعتزم المسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، وضع شروط للموافقة على المشاركة في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، بما يضمن له الحصول على غطاء قانوني لعملياته في هذا الإطار، وعدم الكشف عن أدواته وقدراته حتى أمام الهيئات القضائية ذات الصلة، علما بأن إدخال الشاباك إلى الحيز المدني ليس من ضمن صلاحياته القانونية.
من جانبه، أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بتشكيل لجنة لفحص إمكانية إشراك الشاباك في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، على أن تقدم هذه اللجنة توصياتها لنتنياهو في غضون أسبوع؛ وجاءت هذه التوجيهات في ختام مداولات موسعة عقدها نتنياهو مساء اليوم، لبحث هذه المسألة.
وانتهت المداولات دون التوصل إلى تفاهمات في هذا الشأن، ما دفع نتنياهو لتكليف مستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، بالاجتماع مجددا مع جميع الأطراف المعنية وتقديم توصيات خلال أسبوع، فيما شدد نتنياهو على ضرورة “تسخير قدرات الشاباك لمحاربة العنف المتصاعد في المجتمع العربي”.
وإلى جانب تشكيل لجنة التوصيات، برئاسة هنغبي، قرر نتنياهو تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لشؤون المجتمع العربي، بحسب ما ذكر موقع “واللا” الإلكتروني.
ورغم التقارير التي أشارت إلى رفض الشاباك “التورط” في مكافحة الجريمة المستفحلة في المجتمع العربي، ذكر موقع “واللا” الإسرائيلي أن المداولات ركزت على محاولة إيجاد “مخرج” قانوني يتيح مشاركة الشاباك في محاربة عصابات الإجرام، رغم المعارضة الحقوقية الواسعة في المجتمع العربي لهذه الخطوة.
وشارك في المداولات التي عقدت قس مكتب رئيس الحكومة، كل من نتنياهو، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف – ميارا، ورئيس الشاباك، رونين بار، والمدعي العام، عميت أيسمان، وممثلي مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وخلال المداولات، حذّر رئيس الشاباك، بار، من “الضرر” الذي قد يسببه إشراك الشاباك في محاربة الجريمة في المجتمع العربي على عمليات الشاباك، وقال إن ذلك قد “يأتي على حساب إحباط العمليات الإرهابية”، بحسب ما كشفت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، في نشرتها المسائية.
ونقل موقع “واللا” عن مصدر مطلع على المداولات إن بار أكد أن “معالجة موضوع الجريمة في المجتمع العربي يجب أن يكون منهجيًا ويتضمن تحسين البنية التحتية وزيادة عدد أفراد الشرطة وتوفير أدوات إضافية”. وكرر أن إشراك الشاباك في التعامل مع الجريمة “سيأتي على حساب الانشغال بإحباط الهجمات الإرهابية”.
وأضاف بار أن الشاباك “سيكون قادرًا على تقديم مساعدة محددة ضد منظمات إجرامية في الأماكن التي يتمتع فيها بمزايا، لكن لن يحل محل الشرطة”.
من جانبها، قالت المستشارة القضائية للحكومة، إن إشراك الشاباك في مكافحة الجريمة قد تؤدي إلى الكشف عن “حيل وأساليب تستخدم في التحقيقات”، الأمر الذي عارضه بن غفير، واقترح تعديل قانون الشاباك، وقال إن النيابة العامة الإسرائيلية أدارت ملفات شارك الشاباك بالتحقيق فيها، وأصدرت أمر تعتيم على جزء من التفاصيل.
كما رفض المدعي العام الإسرائيلي، أيسمان، خلال المداولات، إشراك في التحقيقات الجنائية المتعلقة بجرائم القتل في المجتمع العربي.
ونقل موقع “واللا” عن مصادر مطلعة على مشاورات أولية عقدت قبل المداولات الموسعة، أن الهدف المباحثات هي التوصل إلى “مسار وسط، يسمح للشاباك بالتعاون مع الشرطة”، في محاربة الجريمة في المجتمع العربي.
من جهة أخرى، شددت المصادر على أن الشاباك “لا يريد الكشف عن قدراته في مجال الاستخبارات والتي تهدف إلى إحباط هجمات إرهابية وحوادث أمنية وعمليات تجسس”.
وقدر مسؤولون أمنيون أنه في نهاية المطاف سيتم العثور على “حلول وسط مُعرّفة ومحدّدة وواضحة لجميع الأطراف، والتي سيتمكن أفراد الشاباك من خلالها من مساعدة الشرطة”.
في المقابل، قالت المصادر إنه “ومع ذلك، لن تكون هذه الحلول بديلاً عن الاستثمار في القوى العاملة والتكنولوجيا لدى الشرطة، لصالح مكافحة المنظمات الإجرامية”.
وبحسب تقديرات مسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية فإن “الشاباك سيوافق على مساعدة الشرطة في الأحداث التي يكون فيها تداخل بين الجنائي والقومي، بشرط إصدار موافقات قانونية مناسبة”.
والحالات التي قد يتدخل فيها الشاباك في التحقيقات الجنائية تشمل “القبض على سلاسل الإنتاج والتجارة في الأسلحة والذخيرة والوسائل القتالية”، و”إلحاق الضرر برموز حكومية مثل حرق مراكز شرطة، أو إطلاق النار على مكاتب حكومية أو سلطات محلية، وما إلى ذلك”.
وبحسب “واللا” فإن الشاباك ساعد الشرطة بالفعل في سياق التحقيق في قضية استهداف سلطات محلية في منطقة الشمال بإطلاق النار، وكذلك اعتقال مشتبهين بالتورط في سرقة 26 ألف رصاصة من قاعدة الجيش الإسرائيلي “تسيئيليم” في النقب جنوبي البلاد.
وخلال المداولات، بحث المسؤولون ما إذا كانت هناك حاجة إلى تعديل قانون الشاباك، أم أنه بالإمكان استغلال ثغرة في القانون الحالي من أجل الإيعاز للشاباك بالمشاركة في محاربة الجريمة، وذلك استنادا إلى البند 7 في هذا القانون، الذي يصف غايات عمل الشاباك.
ويعتبر الشاباك جهاز أمن وقائي، وينص البند 7 على أن “نشاطا في مجال آخر تقرره الحكومة، وبمصادقة لجنة الكنيست لشؤون الجهاز، تكون غايته الحفاظ ودفع مصالح وطنية هامة لأمن الدولة القومي”.
وفي وقت سابق، اليوم، تطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في بداية الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إلى جرائم القتل المتصاعدة في المجتمع العربي، وكرر إصراره على إشراك الشاباك في التحقيقات في هذه الجرائم.
وقال نتنياهو إن “جرائم القتل في المجتمع العربي أصبحت كارثة للدولة. وقسم كبير من الجريمة هي المنظمات الإجرامية التي تنغص حياة المواطنين العرب، يفرضون الإرهاب، الخوف، يجبون الإتاوة التي تحولت إلى كارثة اقتصادية، وليس في الوسط العربي فقط”.
وأضاف أن الحكومة “مصرة على محاربة رأس الأفعى للمنظمات الإجرامية”. وأشار إلى أنه سيعقد “اجتماعا خاصا من أجل دمج الشاباك في مجهود مركز ضد عائلات الإجرام”. وكان نتنياهو قد أعلن عن إشراك الشاباك في التحقيقات في أعقاب جريمة القتل في يافة الناصرة التي راح ضحيتها 5 قتلى، الخميس الماضي.
ويؤيد وزير القضاء، ياريف ليفين، تعديل قانون الشاباك، من خلال إضافة أمر طوارئ مؤقت، ولكن بالإمكان تمديده، إلى القانون شريطة أن يكون هذا الأمر محدد وليس واسعا، وفق ما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم.
في حين يتحفظ مسؤولون في وزارة القضاء والمستشارة القضائية للحكومة والمدعي العام الإسرائيلي، من توسيع غايات الشاباك تحسبا من المس بالديمقراطية.
ويعتبر مسؤولون في الجهاز القضائي أن “الشاباك يقدم مساعدات للشرطة الآن بكل ما يتعلق بمخالفات جنائية في الوسط العربي، مرتبطة بمخالفات أمنية. ورغم ذلك، يتحفظ الشاباك من إشراكه في متابعة وفك رموز جرائم جنائية في الوسط العربي بشكل روتيني. وذلك لأنه لا يريد أن يستخدم كقوة شرطية في الوسط العربي، وذلك تحسبا أيضا من كشف أساليب العمل الخاصة به. وبدلا من تجنيد الشاباك من أجل مساعدة الشرطة، ينبغي تعزيز قدراتها والقوى البشرية المهنية فيها”.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن الشاباك وافق، في إطار سياسة غير رسمية ومن دون تعديل القانون، على الضلوع في تحقيقات متعلقة بأحداث هبة الكرامة، في أيار/مايو العام 2021، التي اندلعت ردا على الاعتداءات على الفلسطينيين في القدس المحتلة وبشكل خاص في المسجد الأقصى وفي موازاة العدوان على غزة حينها. لكن الشاباك شارك بالأساس في تحقيقات ضد مواطنين عرب وليس ضد مواطنين يهود هاجموا مواطنين عرب.
المصدر: عرب 48