فتح المجال أمام مستقبل مستدام
جنبًا إلى جنب مع تطبيقات الطاقة المتجدّدة، ظهر استخدام الموادّ الصديقة للبيئة بشكل قويّ، حيث الموادّ التقليديّة مثل الخرسانة والصلب والبلاستيك لها تأثيرات كبيرة على البيئة
بحسب العديد من الدراسات التي أجريت خلال السنوات الأخيرة، يعاني العالم من أزمة بيئيّة غير مسبوقة بسبب تحوّل المناخ، وللحفاظ على مستقبل مستدام، أصبحت التكنولوجيا الخضراء أمرًا حاسمًا، وتعرف التكنولوجيا الخضراء أو التكنولوجيا النظيفة باسم تصميمات تكنولوجيّة ترفع من مستوى الاستدامة البيئيّة.
عرفت أنظمة الطاقة المستدامة ازدهارًا كبيرًا في عالم التكنولوجيا الخضراء، إذ يعدّ تطويرها وتنفيذها بشكل واسع بمثابة الخطوة الأساسيّة لتحسين البيئة وتخفيف آثار التغيّر المناخيّ وانخفاض غازات الاحتباس الحراريّ، واكتسبت الطاقة الشمسيّة اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مع تحسينات واسعة وتحسين الكفاءة وتقليل التكلفة وتطوّر قدرات تخزين الطاقة، وكذلك شهد استخدام الخلايا الكهروضوئيّة والطاقة الشمسيّة المركّزة زيادة ملحوظة، ممّا سمح باستخدام طاقة الشمس في مجالات متنوّعة.
ومع بناء توربينات الرياح أكبر حجمًا وأكثر فعّاليّة، شهدت طاقة الرياح تقدّمًا مميّزًا، وبفضل إنتاج مزارع الرياح البحريّة العالي من الطاقة والضرر الضئيل لموارد الأرض، أصبح لها مكانة في غاية الأهمّيّة، حيث وجد الجمع بين الذكاء الاصطناعيّ والتعلّم الآليّ في عمليّات توربينات الرياح أنّه أدّى لتحسين أدائها، وزيادة إنتاج الطاقة وتخفيض تكاليف الصيانة.
وتحقّق تقدّم كبير في مجال الطاقة الكهرومائيّة، ويتمّ تطوير تقنيّات جديدة مثل تحويل طاقة المدّ والجزر والأمواج لتوليد الكهرباء، وذلك للاستفادة من فعاليّة قوّة المدّ والجزر في البحار، كما تساهم التقنيّات الحديثة في مجالات الطاقة الحيويّة والحراريّة الأرضيّة وخلايا وقود الهيدروجين في إنتاج وتوليد مزيج متنوّع ومستدام للطاقة.
وجنبًا إلى جنب مع تطبيقات الطاقة المتجدّدة، ظهر استخدام الموادّ الصديقة للبيئة بشكل قويّ، حيث الموادّ التقليديّة مثل الخرسانة والصلب والبلاستيك لها تأثيرات كبيرة على البيئة، ومع ذلك، تمكّن الباحثون والمهندسون من اتّخاذ خطوات كبيرة في العثور على بدائل مستدامة.
ومن بين الأمثلة المشهورة ظهور الموادّ القابلة للتحلّل، حيث يمكن للبلاستيك الحيويّ الّذي يتمّ استخراجه من مصادر متجدّدة مثل نشا النبات والسليلوز أن يحلّ محلّ البلاستيك التقليديّ، وبالتّالي، يمكن تحويل هذه الموادّ إلى سماد وذلك بفضل قابليّتها للتحلّل، ممّا يقلّل من التأثيرات البيئيّة الناتجة عن النفايات المختلفة، وتحديدًا يقلّل من العبء الّذي يتعرّض له مدافن النفايات والمحيطات.
ومن بين هذه الموادّ توجد الخرسانة الخضراء، والّتي تتميّز بتصنيعها باستخدام موادّ معاد تدويرها، أو باستخدام أسمنت منخفض الكربون، إنّ استخدام هذا النوع من الخرسانة يساعد في الحدّ من انبعاثات الكربون المرتبطة بإنتاج الخرسانة التقليديّة، كذلك، يمكن استخدام بدائل الأخشاب المستدامة، مثل الخيزران والخشب المصمّم هندسيًّا، الّذي يساعد في الحفاظ على الغابات ويقلّل من الآثار السلبيّة للمشاريع البنائيّة على بصمة الكربون.
وتساهم وسائل النقل بشكل كبير في زيادة انبعاثات الغازات المسبّبة للتغيّرات المناخيّة، وفي المقابل، تغيّر المنظر الحاليّ لحلول النقل المستدام بفضل التكنولوجيا الخضراء الجديدة، حيث شهدت حركة السيّارات الكهربائيّة نموًّا سريعًا، بفضل تطوّر تقنيّة البطّاريّات لتوفير نطاق أكبر وأوقات شحن أسرع، ويعمل استخدام السيّارات الكهربائيّة على نطاق واسع على تقليل تلوّث الهواء والتخلّص من الاعتماد على الوقود الأحفوريّ.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تطوير التقنيّات الذكيّة في نظم النقل والسيّارات المستقلّة يحدث ثورة في طريقة حركتنا، حيث تساهم أنظمة التحكّم المروريّ الذكيّة في تحسين حركة السير وتقليل الازدحام والانبعاثات، كما يمكن للسيّارات ذاتيّة القيادة تحسين سلامة الطريق وزيادة كفاءة استهلاك الوقود، وتخفيض استخدام الطاقة الخاصّة بحركة السيّارات.
وتلعب وسائل النقل البديلة المثل خدمات التنقّل المشتركة والبنية التحتيّة للدرّاجات دورًا مهمًّا في تقليل انبعاثات الكربون، بالإضافة إلى ذلك، تمكّن التكامل التكنولوجيّ في هذه المجالات من إتاحة خيارات نقل أكثر كفاءة واستدامة، ممّا يعزّز التحوّل نحو بيئات حضريّة أكثر اخضرارًا واستدامة.
وتتطلّع التقنيّات الخضراء إلى العديد من المزايا البيئيّة والّتي يمكن استخدامها في تحسين البيئة بصورة عامّة، عندما يتمّ التحوّل من استخدام المصادر الأحفوريّة إلى المصادر المتجدّدة للطاقة، سوف يكون من الممكن من خفض نسب عوادم ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير، كما نتمكّن من الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراريّ بصورة كبيرة ونقلّل تدمير النظام البيئيّ. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ استخدام الموادّ الصديقة للبيئة سيحمل البيئة على تقليل التلوّث وإدارة النفايات بشكل كبير وتعزيز استدامة الموارد الطبيعيّة والبيئة الّتي نعيش فيها.
ولا يتمّ التركيز في استخدام التكنولوجيا الخضراء على حلّ المسائل البيئيّة فقط، بل يشمل أيضًا فرصًا اقتصاديّة، حيث تحقّقت زيادة كبيرة في فرص العمل في قطاع الطاقة المتجدّدة، ممّا ساهم في دفع التنمية الاقتصاديّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إنتاج واستخدام الموادّ الصديقة للبيئة وحلول النقل المستدامة تقوم بتحفيز الابتكار وخلق أسواق جديدة.
المصدر: عرب 48