برز دور المرأة السعودية الفاعل والمؤثر جليّاً في منظومة الحج، وتوزعت أدوارها بين الأمن، الرعاية الصحية، الإعلام، الإرشاد والتطوع، الغذاء، النقل، الطوافة، الكشافة، إضافة إلى مجالات رئيسية عدة، وأدت السعوديات دوراً رئيسياً مهماً أكد إمكاناتهن وقدراتهن في التعامل مع ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة والمطارات ووسائل الإعلام والنقل والسياحة.
لقد حظيت المرأة السعودية منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، بتمكين غير مسبوق في الجهات الحكومية، كوزارة الداخلية وقطاعاتها الأمنية، وعززت الداخلية تمكين المرأة في ديوان الوزارة وقطاعاتها الأمنية، بإشراكها في مهمات خدمة ضيوف الرحمن وأمن المسجد الحرام والمشاعر المقدسة ومباشرتها أعمال التنظيم والمتابعة الميدانية والترجمة واستقبال البلاغات التي تُعنى بسلامة أمن الحجيج والمعتمرين، والإسهام في حفظ الأمن، وتعزيز السلامة الوقائية من خلال إعداد الخطط التنفيذية في أعمال الدفاع المدني والأعمال المساندة، وتفقد أوضاع السلامة والأوضاع الوقائية العامة في المنشآت، وخدمة زوار المملكة في المنافذ، وترميم الوثائق ومعالجتها، وتطوير الخدمات الإلكترونية وتحليل المعلومات وبناء المؤشرات وتحسين الأعمال، وتلقي البلاغات الأمنية الطارئة عبر مراكز العمليات الأمنية الموحدة (911) في مناطق مكة المكرمة والرياض والشرقية والمدينة المنورة.
إشراف على نقاط التفتيش
أسهمت المرأة السعودية في مكافحة الجريمة بأنواعها كافة، والمحافظة على البيئة، والمشاركات المحلية والإقليمية والدولية، واللغات والترجمة، وتنظيم المعارض والمؤتمرات، ودعم غرف العمليات الأمنية، وخدمة المجتمع وطب الأسرة، وإعداد وتنفيذ البرامج التدريبية والتطويرية لمنسوبات القطاعات الأمنية أثناء التأهيل وعلى رأس العمل وتطوير المعايير اللازمة لجودة التأهيل والتدريب، وتنفيذ مهمات السجون في الحراسة والنقل والحماية والمراقبة وتقديم الاستشارات التدريبية والدراسية الأمنية.
وتؤدي الكوادر النسائية في الجهات الأمنية أدواراً حيوية في تنظيم حركة الحجاج، والإشراف على نقاط التفتيش، وضمان انسيابية الدخول إلى المواقع المخصصة للعبادة، بما يُجسد كفاءتهن المهنية في التعامل مع الحشود وتنظيمها بفعالية.
دور مؤثر للمجندات
دخلت المرأة السعودية، القطاع العسكري في سنوات سابقة في نطاقات ضيقة تركزت في السجون، والجوازات، والمهمات الطبية والتمريضية؛ وفي 2018م، عملت في القطاع العسكري عبر وزارتي الداخلية والدفاع، وشغلت وظائف متعددة في الأمن العام، والجوازات، والقوات الجوية والبحرية وغيرها.
وفي 2021م، افتتح أول معهد تدريب نسائي للأمن العام؛ ليعمل على تجهيز وتدريب المجندات في عدد من التخصصات الأمنية والفنية، ويخرِّج خلال السنوات الماضية العديد من العناصر النسائية اللواتي خدمن في قطاعات أمنية عدة. وفي مجال الإعلام برزن في التقديم والتصوير والأعمال الصحفية، أما في القطاع الصحي ظلت المرأة السعودية منذ الأزل في الخدمات الطبية المتكاملة للحجاج، عبر فرق تضم طبيبات، وممرضات، ومساعدات صحيات ومتطوعات يعملن على مدار الساعة لتأمين الرعاية الأولية، والتعامل مع الحالات الطارئة، وتنفيذ حملات التوعية الصحية، ولا يقتصر دورهن على المنشآت الصحية، بل في أرجاء المشاعر والمسجد الحرام يقدمن الرعاية الطبية اللازمة لمن يحتاجها.
مطوفات وداعمات
تعمل السعوديات مطوفات في الحج، وتنشر اللجان المنظمة طواقمها التي تضم كوادر نسائية، وتلعب المطوفة دوراً توعوياً وتثقيفياً مهماً، فهناك بعض التساؤلات الخاصة التي تعجز النساء عن طرحها أمام الرجال تتعلق بأركان الحج وواجباته، فتتولى المطوفة الإجابة عنها وتوعية السيدات بها. ويتجاوز دور المطوفة، خصوصاً مع المريضات، ما سبق، فهي تتحول إلى ممرضة وداعمة نفسية؛ كونها ترعى المرأة المريضة وتشجعها على أداء المناسك على أفضل وجه ممكن.
وقدمت المرأة السعودية خدمات جليلة لضيوف الرحمن في الإرشاد والغذاء والأعمال الإنسانية وتوزيع الوجبات والمياه، وتقديم الدعم اللوجستي، في صورة مشرقة تعكس روح المبادرة والمسؤولية المجتمعية. ويمثل هذا التنوع في الأدوار التي تؤديها المرأة السعودية خلال موسم الحج، تجسيداً عمليّاً لتمكين المرأة، ويؤكد دورها الفاعل في مختلف القطاعات، ما يعزز من مكانتها شريكاً أساسيّاً في التنمية وخدمة الحجاج، ويشكل نموذجاً يُحتذى به.
نجاح مشروع التمكين
الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الجعيد، أكد أن بروز دور المرأة السعودية، ومشاركتها الفاعلة في العديد من المجالات، أثبت مدى قدرتها الكبيرة على أن توجد لها كياناً قوياً قادراً على المشاركة في حفظ أمن الوطن وخدمة ضيوف الرحمن. وأضاف: أثبتت المرأة السعودية قدرتها على خوض التحديات الكبيرة، من خلال الإنجازات التي قامت بها، فقد أثبتت تميزها على أكثر من صعيد، وفي أكثر من مجال، وأكد الخبراء والمختصون أن المرأة قدمت كل المساندة والاحترافية في المجالات الأمنية، بعد أن تلقت دورات مكثفة تؤهلها لأن تشارك في العمل الأمني، عبر الشرط والمرور والتحقيق والنيابة العامة والأمن الفكري، وغيرها من المجالات التي توقعوا أن تحقق فيها إنجازات ونجاحات كبيرة؛ لتساهم في خدمة وتنمية الوطن.
وأوضح اللواء الجعيد أن تجارب ومبادرات سابقة لمشاركة المرأة في المجال الأمني في السجون النسائية قد أثبتت نجاحاً وتميزاً كبيراً.
من جانبه، أشار اللواء متقاعد سالم المطرفي إلى أن العديد من القطاعات العامة والخاصة حول العالم تشهد تحولاً مهماً في عمل المرأة. ومن بين هذه القطاعات، يلتفت العالم بشكل متزايد إلى دور المرأة في مجالات الأمن والدفاع؛ فالنساء لم يعدن مجرد شريكات محتملات في حفظ الأمن العام، بل أصبحن شريكات يسهمن بشكل فاعل في تحقيق التوازن في المجالات الأمنية.
وأضاف: إن مسارات تمكين المرأة السعودية باتت جزءاً من مفاصل العمل كافة، دون حصرها في نطاق محدود. ودخولها في وزارتي الداخلية والدفاع ليس خروجاً عن النمطية المعروفة عن المرأة السعودية، فقد سبق لها الدخول في مجالات كثيرة لم تكن متاحة لها مسبقاً، وهذا تأكيد على نجاح مشروع التمكين.
إسهامات كبيرة في الأدلة الجنائية
اللواء متقاعد المطرفي بيّن أن المرأة في الأمن العام تشارك في عدد من المهمات الأمنية، وفي مقدمتها خدمة ضيوف الرحمن، إذ تم تعيين مجندات في القوات الخاصة لأمن الحرمين الشريفين، والأعمال الشرطية، كما تم تكليفها بالعمل في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وفروعها، في تحقيق الشخصية، وفحص السوابق والتصوير الجنائي، وإجراء الفحوص الطبية الحيوية في مجال البصمة الوراثية (DNA)، والمختبرات الجنائية، وفحص جميع العينات التي ترفع من مسرح الجريمة، وفحص ومضاهاة الخطوط في مجال التزييف والتزوير، لكشف ملابسات مختلف القضايا، إضافة إلى الأعمال الإدارية والمالية والموارد البشرية والمراجعة الداخلية، وتقنية المعلومات، والأنظمة.
كما عملت المرأة في الدفاع المدني على إعداد الخطط التنفيذية لزيادة مشاركة المرأة في الأعمال المساندة، حسب الحاجة، كما تقوم بالكشف الوقائي والتفتيش وتفقد أوضاع السلامة في مخيمات الحجاج والأوضاع الوقائية العامة في المنشآت.
أخبار ذات صلة
