خشية إسرائيليّة من تطوُّر العبوات الناسفة و”عمليّة محدودة” محتملة في الضفة
جيش الاحتلال، يتحسب من وقوع عمليات “انتقامية”، عقب العدوان على جنين، ويتجهّز لذلك. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن العبوات الناسفة، التي تسببت بتعطل مركبات عسكرية للاحتلال، “سلكية”، غير أنها قد شُغِّلت من بُعد.
أحد “جيبات” الاحتلال، خلال محاولة الانسحاب (Getty Images)
قرّر جيش الاحتلال الإسرائيليّ، إلغاء اقتحامات المستوطنين لـ”قبر يوسف”، شرقي مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، والتي كان من المقرر أن تُنفَّذ، مساء الإثنين، وذلك في أعقاب عدوان الاحتلال على جنين ومخيّمها، ما أسفر عن استشهاد 5 أشخاص، أحدهم طفل، وإصابة 91 آخرين. كما اعترف جيش الاحتلال، بأن طائرة هليكوبتر تابعة له، قد أُصيبت برصاص مقاومين، فيما أشارت تقديرات إسرائيلية إلى أن العبوات الناسفة، التي تسببت بتعطل مركبات عسكرية للاحتلال، “سلكيّة”، غير أنها قد شُغِّلت من بُعد، وتتزايد الخشية الإسرائيلية منها، وبخاصة لأنها آخذة في التطوّر.
جاء ذلك بحسب ما أفادت هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة (“كان 11”)، مساء الإثنين، في تقرير أكدت فيه أن مئات المستوطنين، كانوا سيشاركون في الاقتحام، الذي كان من المُزمع تنفيذه.
وقالت (“كان 11”)، إن جيش الاحتلال، يتحسّب من وقوع عمليات انتقامية، عقب العدوان على جنين، ويتجهّز لذلك. وذكرت أن التقدّم في طبيعة الأنشطة المقاوِمة في الضفة، “يقّرب إسرائيل من عملية محدودة في نابلس وجنين”.
وفي الصدد ذاته، أفادت صحيفة “هآرتس” عبر موقعها الإلكترونيّ، بأن الحكومة التي يترأسها بنيامين نتنياهو، تمارس ضغوطا شديدة على قوات الأمن الإسرائيلية، لشنّ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربيّة، مشيرة إلى “ازدياد الضغوط في الأسابيع الأخيرة، على خلفية عدة عمليات إطلاق نار وقعت في المنطقة، والحملة التي يقودها المستوطنون للمطالبة بتجديد السيطرة على منطقة جنين”.
وذكرت “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي “لا يزال يعارض (الشروع في) عملية كبيرة”، في الضفة الغربية، غير أنها أشارت إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ (الشاباك)، “يغير رأيه بشأن ذلك، تدريجيا”.
وأوضحت أن السببين، هما: الترقية الكبيرة والتطوّر في مستوى العبوات الناسفة، التي يتمّ تصنيعها وتجهيزها في مخيم جنين، وبالقرب منه، والخوف من انتشار ما وصفته بـ”الفوضى السائدة” في شمال الضفة الغربية، إلى مناطق أخرى، تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.
وفي حين لفتت الصحيفة إلى ازدياد عمليات إطلاق النار في الآونة الأخيرة في الضفة، وإلى “الصورة العامة في الساحة الفلسطينية”، وعلى رأسها ضعف السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى “إدراك الجيش الإسرائيلي هذه التطورات المقلقة”؛ ذكرت أن الجيش “ليس حريصًا” على الشروع في “عملية كبيرة” في الضفة.
وأوضحت أن قوات جيش الاحتلال “تعمل في جنين عدة أيام في الأسبوع، ووفقًا لرئيس الأركان، فإن الجهد (العسكريّ والعمليّاتيّ) الحالي كافٍ لوقف العنف، وإبقائه في حدٍّ محتمَل”، مشيرة إلى أن “المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي يقدمها الشاباك والجيش الإسرائيلي، تسمح بالتركيز على الخلايا المسلّحة، دون الانجرار إلى عملية لاحتلال المنطقة، والتي يمكن أن تطول، وتعقَّد”.
وأشارت إلى أن عملية واسعة من قِبل الاحتلال، أو احتلال منطقة محددة في الضفة واجتياحها، لن يؤديا إلى نتائج إيجابية، “بل سيؤديان فقط إلى تفاقم الأزمة، بطريقة قد تكون لها أيضًا عواقب دولية سلبية”.
ووفق التقرير ذاته، أظهر الشاباك، مؤخرًا، موقفًا مختلفًا في المناقشات الأمنية، مقارنة بالجيش، حيث “يركز اهتمامه على مدى تعقيد العبوات الناسفة”، وخوفًا من أن تُستخدم العبوات ذاتها، مستقبلا، ليس فقط لاستهداف جنود، بل أن تستخدَم في استهداف سيارات إسرائيلية في الضفة الغربية.
كما نقلت (“كان”) عن مصدر أمني إسرائيلي، أن ما وصفها بالمساعدة الجوية، والتي شملت قصفا جويا للاحتلال في جنين، هو الأول من نوعه في الضفة الغربية، منذ الانتفاضة الثانية؛ قد ساعدت عناصر الاحتلال، بشكل كبير. وذكر المصدر ذاته أن استخدامها “سيتواصل”.
وقد تعطّلت عدة مركبات عسكرية تابعة للاحتلال، عقب استهدافها بعبوات ناسفة، وواجه جيش الاحتلال كمائن محكمة وضعتها المقاومة المسلحة في طرقات المدينة، وأدت إلى إعطاب عدد من آلياته، خلال انسحابها من جنين، ما أسفر عن إصابة عدد من عناصر وحدة “المستعربين”. وفي هذا الصدد، أقرّ جيش الاحتلال بأن سبع مركبات عسكرية مصفّحة، قد عُطِّلت أثناء عملية إنقاذ 8 من عناصره، التي أُصيبت خلال عدوانه.
وبخصوص ذلك، فإن التقديرات الإسرائيلية، تشير إلى أنه تمّ تفجير العبوات الناسفة من بُعد، وإلى أنها فُجّرت عبر “كابلات (أسلاك)”، لا عن طريق بطاريات.
وتقدِّر أجهزة الأمن الإسرائيلية، أن هناك تأثيرا من قبل حركة “حماس”، بالإضافة إلى “تأثير إيراني على نوعية الإرهاب في الميدان”، على حدّ وصفها، والذي ينعكس في “التأثير والمعرفة”، وفق (“كان 11”)، التي ذكرت أن الاستنتاجات التي توصلت إليها أجهزة أمن الاحتلال؛ “تنبع بشكل أساسي من الخصائص غير العادية”، للعملية التي استهدفت مركبات الاحتلال العسكرية، والتي تضمنت “استخدام عبوة سلكية، ووضعها في موقع إستراتيجيّ، وتفعيلها في وقت وصول” مركبات الاحتلال.
ولفتت هيئة البث إلى أن “التقدُّم في طبيعة الأنشطة الإرهابية، يقرّب إسرائيل من عملية محدودة في نابلس وجنين”.
وذكرت هيئة البثّ، أنه تقرّر إلغاء اقتحام الليلة (ليل الإثنين)، في أعقاب عدوان الاحتلال في جنين، والذي تطلّب وصول تعزيزات عسكرية من مناطق أخرى في الضفة.
وقال جيش الاحتلال في بيان أعلن فيه انسحاب قواته من جنين ومخيمها: “في أعقاب عمليات القوات الأمنية في جنين، غادرت جميع القوات والمركبات المدينة”.
وزعم أنه “طوال العملية، جميع القوات…. تصرفت بتصميم لإحباط التهديدات. كما تم إطلاق طائرات هليكوبتر، لإنقاذ جرحى وإنقاذ مقاتلين من المنطقة”.
وأكد أنه “تم إطلاق مروحيات قتالية في وقت الحدث”، مشيرا إلى أنها “فتحت النار، لمساعدة القوات على الأرض”، على حدّ وصفه.
وذكر جيش الاحتلال أنه “وخلال العملية، تم إطلاق النار من أسلحة خفيفة على المروحيات، وتم رصد عدة إصابات” في إحداها.
وشهداء جنين الخمسة، هم: الشاب خالد عصاعصة (21 عاما)، والطفل أحمد يوسف صقر (15 عاما)، وقسام فيصل أبو سرية (29 عاما)، وقيس مجدي جبارين (21 عاما)، وأحمد خالد دراغمة (19 عاما) من مدينة طوباس.
المصدر: عرب 48