المساعدات الأمريكية… مصائد الموت ومعركة البقاء

مصائد الموت او “فخاخ الموت” هكذا ينظر الغزيون للمساعدات الامريكية:
في خضم هذه المعركة المستمرة الطاحنة التي يخوضها أبناء شعبنا مازال يكافح العديد من افراد الشعب المكلوم للاستمرار من اجل البقاء على قيد الحياة. بينما تتصاعد حدة الصراع والمواجهات يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مرير يشكل تهديدا مباشرًا لحياتهم وحياة أطفالهم، ورغم كل هذه المآسي والمخاطر اليومية التي يعيشونها تتعاظم عزيمتهم في البحث عن لقمة العيش حتى لو كان ذلك في سبيل حياتهم.
وبالرغم من معرفتهم بخطورة الذهاب للمساعدات الامريكية وأنها قد تودي بحياتهم الى الموت والهلاك فأن اليأس من الظروف الاقتصادية المريرة والسيئة والمجاعة المتفشية تفرض عليهم اتخاذ قرارات قاسية جادا تحمل في طياتها الكثير من المخاطر.
إلا انهم ما زالوا يكافحون ويظهرون شجاعة نادرة في مواجهة الخوف من اجل تأمين قوتهم لعائلاتهم واطفالهم للبقاء على قيد الحياة.
إن ازمة المساعدات ليست مجرد مسألة غذاء، بل هي قضية تتجاوز ذلك لتجسد إرادة إنسانية في ظل هذه الظروف الطاحنة.
ولهذا يتحتم على العائلات الغزية الاختيار بين تحمل خطر الموت او مواجهة الجوع، ولكن حبهم لابنائهم يجعلهم يتسابقون الى هذه المساعدات حتى لو تحولت هذه المراكز لمصائد قاتلة
وفي هذا السياق، يشير الغزيون الى ان الامل قد تلاشى ولكن الايمان بالله وقدرته ورزقه ما زال ينبض في قلوبهم، فكل يوم جديد يحمل معه الكثير من التحديات، ولكنه أيضا يخبئ في طياته جدرانا من الامل وصمودا نادرا، فتحت وطأة الألم والمعاناة يتجلى الانتماء للوطن والدفاع عن حقوقهم كحقيقة لا تتزعزع، حتى وسط المحن.
شهادات حية مروعة:
ينقل لنا الواقع من أحداثه صورًا مخيفة لأحداث ربما لا نسمعها إلا في عالم الخيال أو الأفلام تحدث على الأرض وهذه شهادات نقلت من مصادرها الأساسية وعلى لسان من دخلوا في خضم هذه المصائد حيث صرح لنا الشاب “عبد الباسط أبو عوده” لحظات مروعة عاشها ليلة الثلاثاء 17 يونيو قرب مركز توزيع المساعدات الامريكية الإسرائيلية في منطقة وادي غزة
استهدف الجيش الإسرائيلي مجموعة من المواطنين المجودين بقذيفتين من القذائف المدفعية بعدما طلب منهم التقدم باتجاه البوابة لاستلام المساعدات
وبعد دقائق معدودة طلب الجيش الإسرائيلي من مجموعة أخرى من المواطنين بالتقدم ليبدأ إطلاق النار بعشوائية باتجاههم لأصابتهم وبتر أطرافهم وقتلهم
ولم يستطع الجميع اخذ الطرد الغذائي منهم من رجع لمنزله خالي الوفاض بدون أي طعام لأبنائه وفق ما قاله “ابوعوده”.
وأوضحت أم الشهيد “إسماعيل ابوعوده” كيف استشهد ابنها في المساعدات وذهب ضحية لقمة العيش، قائلة: “ذهب ابني للمساعدات ترجيته كثيرا ان لا يذهب وان الله لا يقطع رزق أحد.. عشان خاطري يما ما تروحش خليك يا حبيبي عندي برزق الله حكالها اللي كاتبه الله بصير يا حجة ادعيلي بدي اجيبلك كيس طحين يما انا واخوتي جوعانين ذهب ولم يعد بالطحين عاد شهيدا محملا على الاكتاف أصابه الاحتلال بقذيفة بالرأس”.
مراكز حقوق الانسان:
وقد حذرت مراكز حقوقية فلسطينية بشكل كبير ومتكرر من مراكز توزيع المساعدات المدعومة من جيش الاحتلال والولايات المتحدة الامريكية التي تحولت الى فخاخ موت يتم فيها قتل الفلسطينين واستهدافهم بشكل مباشر ومتعمد.
ويقول الفلسطينيون انهم يذهبون لهذا الطريق المحفوف بالمخاطر بسبب انعدام الحصول على الطعام والمواد الغذائية البسيطة في ظل المجاعة التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم بالموت المحتم.
ويفيد مركز حقوق الانسان بمقتل أكثر من 400 شخص حول مراكز الإغاثة الخاصة بالمساعدات الامريكية
ذكر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الامريكية يوم الثلاثاء ما لا يقل عن 410 اشخاص قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي اثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الامريكية في قطاع غزة
وأكد ثمين الخيطان أن” الية توزيع المساعدات الإنسانية العسكرية الإسرائيلية تتناقض مع المعايير الدولية لتوزيع المساعدات، بالإضافة الى منع وصولهم الى الخدمات الضرورية للحياة، يشكل جريمة حرب، عناصر جرائم أخرى بموجب القانون الدولي”.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ينشر إحصائيات ضحايا المساعدات الامريكية من السكان المدنيين المجودين الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال محاولاتهم الحصول على الغذاء من مراكز المساعدات الامريكية منذ بدء عملها في تاريخ 27 مايو 2025.
إن قصص هؤلاء الافراد تعكس واقعا مأساويا يعيشه الغزيون، حيث يصبح البحث عن لقمة العيش في عالمهم المحاصر مسارا محفوفا بالمخاطر، ويدفعهم الى مواجهة مصيرهم المجهول في سبيل البقاء، ويبقى لنا أن تسائل إلى متى سيبقى هذا الحال وهل سيبقى الصمت سيد الموقف دون تحرك على الأرض ينهي هذه المهزلة التاريخية.
ملاحظة : هذا مخرج عملي لدورة ” الصحفيات والقيادة الإعلامية” التي نفذتها مؤسسة بيت الصحافة في الفترة من 22 إلى 30 يونيو 2025