Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

المساعدات الأمريكية.. غزة بين جوع قاتل ونار لا ترحم

في قلب المأساة المتصاعدة بقطاع غزة ، حيث لم يعد هناك مأمن من القصف ولا ملاذ من الجوع، تنقلب المساعدات الغذائية من طوق نجاة إلى امتحان قاسٍ للبقاء. هناك، لا يملك الناس ترف الاختيار، بل يُدفعون إلى مفترقٍ موجع إما أن يموتوا جوعًا خلف جدران من الحصار، أو يخاطروا بحياتهم على أبواب المساعدات، تحت تهديد الرصاص.

شهادة من قلب الألم:

يقول أبو أحمد، وهو أب لخمسة أطفال من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة: “خرجتُ مع ابني في الصباح الباكر لنلتحق بطابور المساعدات، كنا نأمل أن نحصل على كيس طحين يسد رمق أولادي، الذين لم يذوقوا الخبز منذ يومين.

وأضاف:” انتظرنا ساعات طويلة تحت الشمس، وكل دقيقة تمرّ كانت أثقل من سابقتها. وفجأة سمعنا إطلاق نار. ارتفعت الصرخات وتفرّق الناس رأيت شابًا يسقط أمامي، كان يحمل كيسًا صغيرًا من الأرز. لم يكن يشكّل خطرًا على أحد، لكنه لم يعد إلى بيته.”

يتوقف أبو أحمد ليمسح دموعه، ثم يضيف: “نحن لا نطلب الكثير فقط أن نبقى أحياء. أريد أن أُطعم أطفالي، لا أن أدفنهم”.

مراكز توزيع داخل مناطق عسكرية:

تم إنشاء أربعة مراكز لتوزيع المساعدات ضمن النظام الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية عبر ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF). وقد بدأ العمل في موقعين جنوبي القطاع فقط، في مناطق تقع بالكامل داخل مناطق عسكرية إسرائيلية على طول ممر “موراغ”، الذي خضع لأوامر إخلاء صادرة في 26 مايو/أيار.

في المقابل، تغيب مراكز التوزيع عن شمال غزة كليًا، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات الإغاثة الدولية، التي ترى في ذلك انسجامًا مع الهدف الإسرائيلي المعلن بتهجير سكان شمال القطاع، كما صرّح سابقًا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

وأكدت مؤسسة غزه الإنسانية بأنها وزعت حوالي 8000 صندوق غذائي باجمالي 462000وجبه في غزة وأضافت أنها ستزداد يومياً بهدف ايصال الطعام الى واحد ونص مليون شخص اي معادل 60% من سكان القطاع، لكن مشاهد الفوضى، والاقتحامات العنيفة لمواقع التوزيع، والتدافع المستميت نحو ما تبقّى من سبل البقاء، تكشف حجم المأساة الحقيقية.

قناصة وجوعى في ساحة واحدة: 

على الرغم من نفي المؤسسة لأي مسؤولية، فإن مصادر محلية ودولية تؤكد أن القوات الإسرائيلية تستهدف المدنيين بشكل مباشر خلال محاولاتهم الوصول إلى المساعدات، مما يؤدي إلى سقوط عشرات الضحايا يوميًا.

وصرح مسؤولون في جهات الإغاثة الإنسانية في قطاع غزه واصفاً ما يجري في نقاط التوزيع بأنها مهينة وغير آمنة حيث قالت إن المواطنين في حاجه ماسة للغذاء وقد تكون في حاله من الفوضى وهذا اضرار للموارد وصرف الانتباه عن المجازر.

وقد وثّقت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل أكثر من 516 شخصًا، وإصابة نحو 3,800 آخرين منذ بدء عمليات التوزيع.

 حيث تُتهم جماعات مدعومة أمريكيًا بإثارة الفوضى في مراكز التوزيع، بالتزامن مع تواجد شركات أمريكية أمنية خاصة تتولى عمليات الإغاثة تحت حماية الجيش الإسرائيلي، في مشهد يُوصف بأنه “خصخصة للجوع”.

وتُطلق النار أحيانًا على مناطق وُصفت من قبل الإدارة الأمريكية بـ”الآمنة”، ما يثير تساؤلات أخلاقية حول أهداف هذه العمليات.

 

روايات من قلب الجوع والموت: 

يقول المواطن “أبو زين”: “المكان بعيد جدًا… تعبت من التفكير، كيف أوفر الطعام؟” 

أما حسن محمد، فأكد أن: “المساعدات ليست إلا غطاء لتعميق الأزمة… هذه فوضى مفروضة على لقمة العيش.”

ويضيف هاني صالح، أحد المتواجدين في نقاط التوزيع:” فيما يسمّونها منطقة إنسانية آمنة، يُطلق علينا الرصاص وتقصفنا طائرات مسيّرة، ولا يُسمح حتى لسيارات الإسعاف بالدخول.” 


 

في تصريح خاص، أكد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمّدت منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى مواقع سقوط الشهداء والمصابين، خاصة قرب مناطق توزيع المساعدات الإنسانية الأمريكية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. وأوضح المتحدث باسم الدفاع المدني، أن القوات الإسرائيلية لم تكتفِ باستهداف الطواقم الطبية، بل منعت وصولها لأكثر من ساعتين إلى الموقع الذي شهد سقوط عدد كبير من الضحايا، ما أدى إلى تدهور الحالة الصحية لعدد من الجرحى وترك الشهداء دون نقل أو دفن لفترة طويلة.

وأشار البيان إلى أن هذه الانتهاكات تُضاف إلى سجل استهدافٍ ممنهج للمركبات الطبية، وسط عجز كبير في عدد سيارات الإسعاف العاملة، والتي تقلّصت إلى الحد الأدنى نتيجة القصف المباشر وندرة الوقود وقطع الغيار.

ووصف الدفاع المدني عمليات توزيع المساعدات بأنها “كارثية”، قائلاً إن الاحتلال “يديرها بطريقة مهينة للكرامة الإنسانية”، و”يمنع الجهات المحلية من تنظيم وصول المساعدات إلى مستحقيها”، محذرًا من أن استمرار هذه الإجراءات يُنذر بـ”انهيار شامل للمنظومة الإنسانية والإسعافية في القطاع المحاصر”.

وطالب الدفاع المدني المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بـتدخل عاجل لوقف استهداف طواقم الإنقاذ والإسعاف، و فتح ممرات آمنة لدخول المساعدات والمستلزمات الطبية والوقود، وتمكينهم من أداء واجبهم في إنقاذ الأرواح وانتشال الشهداء.

خبز بطعم الرصاص… ومساعدات تسرق الحياة

إن ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد أزمة غذاء، بل هو تحوّل مأساوي في دور المساعدات من طوق نجاة إلى أداة ضغط، ومن حقّ إنساني إلى ورقة مساومة.

إنه اختزال للوجع الفلسطيني في أبشع صوره حيث تُحاصر الأم وهي تطبخ على نار الصبر، ويخاطر الأب بحياته من أجل رغيف، ويبحث الطفل عن مكان آمن لا يعرفه.

وفي ظل هذا الواقع، تبقى غزة شاهدةً على عالم يقف صامتًا أمام مجازر تُرتكب باسم “الإغاثة”.

ملاحظة : هذا مخرج عملي لدورة ” الصحفيات والقيادة الإعلامية” التي نفذتها مؤسسة بيت الصحافة في الفترة من 22 إلى 30 يونيو 2025

المصدر : وكالة سوا – إيمان سكر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *