المملكة تتصدر مشهد الإحصاء العالمي

في مشهد يعكس تحولًا جذريًا لملامح السعودية، وفي سياق التحولات الكبرى التي تشهدها، مدفوعة برؤية طموحة يقودها الأمير محمد بن سلمان، لم يعد الحديث عن السعودية مقتصرًا على الذهب الأسود وثقله الاقتصادي التقليدي. اليوم، تبرز السعودية كلاعب محوري في ميدان بالغ الأهمية، غالبًا ما يبقى خلف الكواليس ولكنه يشكّل عصب التنمية والتقدم: عالم الإحصاء والبيانات. ففي خطوة تاريخية تؤكد مكانتها المتنامية وتأثيرها المتصاعد على الساحة الدولية، يظهر إنجاز جديد يضاف إلى سجلها الحافل، ولكنه يحمل في طياته دلالات إستراتيجية تتجاوز حدود القطاع الإحصائي التقليدي.
حيث حصدت السعودية ممثلة في الهيئة العامة للإحصاء، بعد منافسة دولية قوية، حق استضافة منتدى البيانات العالمي لعام 2026. هذا الفوز يمثل علامة فارقة ويحمل في طياته دلالات عميقة، فهو ليس مجرد خبر عابر لفوز بتنظيم فعالية عالمية مرموقة أو محطة عابرة في مسيرة التنمية، بل هو إعلان مدوٍ عن ريادة سعودية جديدة وتتويج لريادة صاعدة واعتراف دولي صريح بالريادة الإحصائية التي باتت تتبؤوها السعودية ومكانتها كمرجع فاعل رئيسي ومصدر موثوق للمعرفة الإحصائية. إنه بمثابة شهادة اعتماد عالمية للمنهجية السعودية المتطورة في جمع وتحليل واستخدام البيانات، وهي المنهجية التي ارتقت بالعمل الإحصائي من مجرد جمع للبيانات إلى محرك إستراتيجي للتخطيط والتنمية المستدامة.
لم يكن هذا التتويج والإنجاز الرفيع وليد الصدفة أو يأتي من فراغ، بل هو انعكاس لرؤية استشرافية قوامها رؤية طموحة يقودها سمو ولي العهد، تدرك أن «لغة الأرقام» هي الأساس المتين الذي تُبنى عليه القرارات الرشيدة والأصدق والأكثر دلالة في قياس التقدم وتقويم الأداء وتُقاس به منجزات الدول، وثمرة جهود مؤسسية دؤوبة وحثيثة وإستراتيجية واضحة المعالم تضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي وتترجم الرؤية الثاقبة لسمو ولي العهد في تحويل السعودية من أرض الصحراء الشاسعة إلى ثقل عالمي مؤثر في شتى القطاعات، ولم يكن الإحصاء، بما يمثله من عصب حيوي للتخطيط والتنمية واتخاذ القرارات المستنيرة، بمنأى عن هذا التحول النوعي.
فمنذ أن أشرقت شمس رؤية السعودية 2030، أولت القيادة الرشيدة اهتمامًا استثنائيًا بتطوير البنية التحتية الإحصائية، إيمانًا راسخًا بأن البيانات الدقيقة والشفافة هي الوقود الحقيقي لمحركات التنمية المستدامة. حيث شهد القطاع الإحصائي في السعودية نقلة نوعية جذرية ولم تعد البيانات مجرد أرقام تُجمع وتُعرض بشكل تقليدي، بل أصبحت لغة القرار وعقل التنمية. المتأمل في مسيرة التحول الوطني يدرك أن السعودية لم تعد تكتفي بدور المستهلك للبيانات، بل قفزت خطوات واسعة لتتبوأ موقع المنتج والمصدر للمعرفة الإحصائية الموثوقة، تجسّد ذلك في بناء وتطوير منظومة إحصائية عصرية متكاملة، ترتكز على أحدث المنهجيات والتقنيات وأفضل الممارسات والمعايير الدولية وأكثرها دقة، وتنتج 39 منتجًا إحصائيًا عالي الجودة تستند إلى بيانات دقيقة وشفافة تغطي كافة القطاعات الوطنية ومختلف جوانب الحياة. هذا الاهتمام الدقيق بالتفاصيل والالتزام بالشفافية والصدق المنهجي وهذه القفزة النوعية لم تكن هدفًا بحد ذاته، بل كانت أداة إستراتيجية مكنت السعودية من تحقيق إنجازات مبهرة على صعيد تحقيق مستهدفات الرؤية، حيث تجاوزت نسبة الإنجاز 93% في عام 2024، وهو رقم يتحدث عن قوة التخطيط ودقة التنفيذ المستند إلى بيانات موثوقة تمثل الوقود الحقيقي لهذا التقدم. ويعكس قوة الأساس الذي تستند إليه هذه الطموحات. إن هذا الإنجاز يعزز قناعة راسخة بأن الطموحات الكبرى لرؤية 2030 لم تكن مجرد أحلام، بل تستند إلى قراءة دقيقة للواقع، مدعومة بمنظومة إحصائية متطورة وقادرة على توفير البيانات الموثوقة التي تدعم عملية صنع القرار بكفاءة وفاعلية. فاليوم، نشهد الأرقام تتحدث عن قصة نجاح سعودية استثنائية، حيث تسبق الإنجازات المواعيد المحددة، وتتحول الطموحات إلى حقائق ملموسة.
إن استضافة منتدى البيانات العالمي 2026 تضع السعودية في قلب المشهد الإحصائي الدولي، محط أنظار الخبراء والباحثين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم. هذه ليست فقط فرصة لعرض التجربة السعودية الرائدة في تطوير القطاع الإحصائي وبناء منظومة إحصائية حديثة وفعالة، بل هي أيضًا منصة للتبادل المعرفي والإسهام في رسم ملامح مستقبل العمل الإحصائي على المستوى الدولي.
بعيدًا عن الصورة النمطية لدولة تعتمد على ثرواتها الطبيعية فقط، تقدم السعودية اليوم نفسها للعالم كقوة صاعدة وفاعلة في صناعة المعرفة والابتكار في مجال الإحصاء والبيانات. إنها قصة تحول ملهمة واستثنائية، يقودها طموح قيادة لا يعرف المستحيل ولا يحده سقف، ورؤية إستراتيجية تضع الإحصاء في صميم عملية التنمية وبناء المستقبل. ففي السعودية الجديدة، لم تعد الأرقام مجرد إحصائيات جامدة أو تفاصيل هامشية، بل أصبحت لسانًا يعبر عن طموحات وطن، وشاهدًا على إنجازات قيادة، وبوصلة ترشد الخطى نحو مستقبل مزدهر ومستدام. وعندما تتحدث الأرقام بمصداقية وشفافية، فإنها تسكت كل الأصوات المشككة، وتعلن بوضوح أن حلم الريادة السعودية لم يعد مجرد طموح، بل واقع يتجسد يومًا بعد يوم. إن السعودية، بقيادة طموحة ورؤية واضحة، لم تكتفِ بتحقيق إنجازات نوعية على الصعيد المحلي، بل تخطت ذلك لتتبوأ مكانة مرموقة على الخريطة الإحصائية العالمية. وباستضافتها لمنتدى البيانات العالمي 2026، فإنها تؤكد للعالم أنها ليست فقط قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة، بل أيضًا مركز عالمي للمعرفة الإحصائية والابتكار في مجال البيانات. هذا الإنجاز هو شهادة حية على أن الاستثمار في بناء منظومة إحصائية قوية ومتطورة هو استثمار في مستقبل الوطن وازدهاره، وهو ما أدركته القيادة الرشيدة فكان هذا التميّز الدولي ثمرة هذا الإدراك العميق.
أخبار ذات صلة