“تويتر” في ورطة و”ميتا” تستغل الموقف
القيود التي يطبقها تويتر تعقّد حياة الباحثين الذين يحللون سلوك مستخدمي الشبكة الاجتماعية، وخصوصًا الذين يدرسون انتشار المعلومات المضللة
أثار إيلون ماسك انزعاج عدد كبير من مستخدمي تويتر والمعلنين فيها ومطوّريها بعدما أعلن أنّ المنصة ستحدّ عدد التغريدات التي يمكن لأصحاب الحسابات مشاهدتها، في قرار يناقض المسار المتّبع من الشركات المنافسة التي تحاول استغلال الوضع لمصلحتها.
وأعلنت شبكة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، المملوكة لمارك زاكربرغ، الاثنين عن فتح باب الطلبات المسبقة في الولايات المتحدة لتحميل تطبيق “ثريدز” الجديد الذي يُنظر إليه على أنه منافس مباشر لتويتر.
وقد وُصف التطبيق عبر متجر “آبل” الإلكتروني بأنه “تطبيق المحادثات النصية من إنستغرام”.
ويحاول مشروع “بلوسكاي”، بقيادة جاك دورسي المشارك في تأسيس تويتر، والذي يمكن الدخول إليه حصرًا عن طريق الدعوات، أيضًا أن يلفت الانتباه إليه عبر اعتماد أسلوب لا مركزي أكثر.
ورغم أنها لم تُثبت بعد أي شعبية حقيقية، فإن هذه المبادرات جميعها تنوي الإفادة من تدهور صورة تويتر منذ استحواذ إيلون ماسك على الشبكة في خريف العام الماضي في مقابل 44 مليار دولار.
وقد أثارت تويتر مجددًا ردود فعل قوية الأسبوع الماضي من خلال إعلانها فرض قيود على عدد التغريدات المسموح بقراءتها، عبر حصرها بـ10 آلاف يوميًا لأصحاب الحسابات الموثقة، وألف تغريدة لسائر الحسابات، وحتى 500 تغريدة فقط يوميًا لأصحاب الحسابات الجديدة، وهي سقوف رُفعت مرتين في بضعة أيام.
والهدف المعلن من هذه الخطوة يكمن في الحد من الاستخدام المكثف لبيانات الشبكة الاجتماعية من جانب أطراف خارجية، ولا سيما من الشركات الساعية لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
هذا الاستخدام المكثف من شأنه أن “يعطّل الاستخدام العادي” من جانب مستخدمي الإنترنت، بحسب إيلون ماسك الذي أنهى أيضًا في اليوم السابق إمكانية الاطلاع على التغريدات من دون تسجيل الدخول وتحديد هوية المستخدم. واشتكى مستخدمون كثر من أن بعض الميزات باتت غير متاحة لهم.
والثلاثاء، ذهبت الشبكة الاجتماعية أبعد في سياستها التقييدية، عبر إعلانها أنها ستحصر برنامجها TweetDeck (تويت دك) الذي يُستخدم على نطاق واسع من جانب المتخصصين في المجال الإعلامي، بأصحاب الحسابات الموثقة، وبالتالي المدفوعة، في غضون شهر.
ويوضح الأستاذ في جامعة نورث إيسترن الأميركية جون وهبي أن “مسار المنصات بُني بالكامل على قدرتها على تقديم خدمة مستقرة وموثوقة من دون حدود للاستخدام”، مشيرًا إلى أن التعديلات الجديدة “يبدو أنها تغيير جذري”.
وفي ظل صرف أعداد كبيرة من الموظفين وعصر النفقات، “يُتوقع منذ فترة طويلة أن تتدهور البنية التحتية للمنصة لدرجة أنها ستصبح غير قابلة للاستخدام، أو أن الأعطال ستدفع المستخدمين للخروج” من المنصة، بحسب هذا الأستاذ الجامعي.
عندما تولى إيلون ماسك رئاسة تويتر في تشرين الأول/أكتوبر، “كان الناس على استعداد للمغادرة لأسباب أخلاقية”، وفق وهبي الذي يقول، “اليوم يقدم لهم ماسك أسبابًا فنية” للانسحاب من الشبكة.
يقول مايك برو، من شركة “فورستر”، إن “هذا سبب إضافي يدفع المعلنين إلى إنفاق ميزانياتهم المخصصة للشبكات الاجتماعية في أماكن أخرى”.
ويذكّر بأن العلامات التجارية “تعتمد على جمهورها والتفاعلات (مع المستخدمين)”، “لكن تويتر يدمر كليهما”.
ويسأل جاستن تايلور، وهو موظف سابق في تويتر بات اليوم نائب رئيس اتحاد “دبليو دبليو إي” للمصارعة المحترفة، “كيف ستشرح للمعلنين على تويتر أنه من المحتمل ألا يشاهد المستخدمون إعلاناتكم بسبب القيود على الاستخدام؟”.
ويحمل هذا الإعلان الجديد ضررًا أكبر لأنه أعطى الانطباع بأن إيلون ماسك لا يزال يمسك منفردًا بقيادة الشبكة، بينما تولت المديرة العامة الجديدة ليندا ياكارينو منصبها قبل شهر تقريبًا، في محاولة لطمأنة المعلنين.
أخيرًا، فإن القيود التي يطبقها تويتر تعقّد حياة الباحثين الذين يحللون سلوك مستخدمي الشبكة الاجتماعية، وخصوصًا الذين يدرسون انتشار المعلومات المضللة.
حتى لو أن تويتر لا تزال “أكثر انفتاحًا” من منافسيها، “بات القيام بذلك قانونيًا باستخدام بيانات قابلة للنشر أمرًا معقدًا للغاية”، كما يوضح لوكالة فرانس برس فلوران لوفبفر، المتخصص الفرنسي في تحليل البيانات من الشبكات الاجتماعية.
وبحسب لوفيفر، فإن القيود “تُزعج عامة الناس”، لكن الشركات المتخصصة في التنقيب عن البيانات وجدت بالفعل حلولًا بديلة، لا سيما عن طريق مضاعفة عدد الحسابات التي تستخدمها.
المصدر: عرب 48