مثقفون عرب يتطلعون لتأسيس جمعيات أدبية أهلية
فيما عدّ رئيس بيت الشعر في المغرب الدكتور مراد القادري فِكرة تأسيس جمْعية أدبية عربية أهلية، فِكرة مُغْرية، لا يُمكنُ إلا تمجيدُها والانتصارُ لأفقها، خصوصا أنّ الأدب والعمل الأهلي أبانَا، في أكثر من مناسبة، أنهما قادِران على تضْميد جراحات السياسة، وتحْقِيق ما لم تنجَح هذه الأخيرة في تحْقِيقه، واستدعى القادري بعض التجارب العربيّة الناجحة في تجْميع وتشبِيك كفاءاتٍ عربية من مُختلف الحساسيات الأدبية والأطياف الفنية، من مثل مُنتدى الجوائز العربية الذي تحتضنُه بكرمٍ وأريحية جائزة الملك فيصل العالمية بمقرها بالرياض، و(الصندوق العربي للثقافة والفنون)، ومؤسسة (المورد الثقافي) وكلاهما في بيروت. وعدّ هذه الإطارات وغيرُها، ضِمن سياقٍ عربي موشومٍ بالانقسام والصّراع، قادرةً على أداء أدوار طلائعية على مستوى العمل الثقافي والأدبي العربي المشترك، ما أسفر عن تنفيذ أكثر من مبادرة ومشروع، تجاوز أثرُه ما تقوم به جامعة الدول العربية والمؤسسات التابعة لها. وقال: إذا كانتِ الفكرة تعْمُرُ بها نفسُ كلِّ من تشبّع بالحلم العربي؛ ذلك الحلم الذي يُراودُنا ورديّاً أحياناً وكوابيس أحايين أخرى، فإنّ المطلوب، اليوم، ليس هو الحُلم، ولكن كيفية تنزيله على أرض الواقع.
من جانبه، ذهب رئيس بيت الشعر المصري السابق السماح عبدالله؛ إلى أن الأمر أكثر عمقاً، وله أبعاد عدة، فمثل هذه الأفكار لكي تتحقق، تحتاج إلى مجتمع صحي، يؤمن برسالة الثقافة، ويصدق أن الأديب عنصر عضوي في الجماعة البشرية، وأننا عندما ندعمه، إنما نعبد طرقات مزهرة لمستقبل جميل، مشيراً إلى أنه إذا أدرك أصحاب رؤوس الأموال هذه الحقيقة، فربما يشاركون في الفعل الثقافي ويدعمونه، كما كان يحدث في الأربعينات، إذ حملت المراكز الثقافية الأهلية، الثقافة والمثقفين على أكتافها. وأضاف السماح: المأزق أن من يملكون الفعل، يعرفون أننا نقدم بضاعة غير رائجة، وأننا نتوجه لقارئ لا وجود له، فنحن في مأزق حقيقي، ولا أظن أن من يملك المال يجازف به في سبيل فكرة، هو أول من يؤمن بأنها بلا مردود.
فيما عدّ الشاعر خالد الإنشاصي الجمعيات الأهلية، حلماً لكل مثقف وأديب عربي، شريطة ألا تتحول إلى جسد بلا روح، وقال: لنا في جامعة الدول العربية مثال يَنْفُر من سلبيته كثيرون. ويؤمل أن تحقق الجمعيات الأهلية، التقارب الثقافي والتلاقح الأدبي بين الشعوب العربية، ما يسهم في ترميم تصدعات السياسات والأيديوجيات بتعزيز الوحدة العربية في مستوييها الأدبي والثقافي.. ولفت إلى أن بناء وتأسيس الجمعيات الأدبية والثقافية مرهون أيضاً بإرادة السياسي!، وقال: عليه فحبذا لو بدأ هذا الحلم بين الدول العربية المتوافقة سياسياً، إلى أن تتبدد كل معوقات ولوج هذا المشروع إلى حيز الوجود.. وإثر نجاحه بين هذه الدول يكون لكل حادثة حديث!.
خلق فضاءٍ حرٍّ ومساحةٍ للحوار
أشارت الشاعرة اللبنانية الدكتورة عبير شرارة إلى ضرورة تعزيز التفاعل بين الشعوب العربية؛ إذ لا يمكن أن يتعزز إلا عبر التواصل الثقافي بين النخب من خلال تأسيس جمعيات أدبية عربية أهلية؛ ويمكن لمثل هذه الجمعيات أن تكون منصة تفاعلية للأدباء والشعراء والتشكيليين والموسيقيين والخطاطين للتعبير عن هواجسهم ومشاركة أفكارهم وإبداعاتهم الأدبية.. من خلال تنظيم فعاليات ومهرجانات ثقافية متنوعة مثل الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وورش العمل تحت عناوين مختلفة تتيح المجال لخلق فضاء حر ومساحة لحوار مفتوح وتفاعل حضاري، مؤكدةً أن الجمعيات الثقافية الأهلية تتيح فرصاً لتعزيز وتقوية العلاقات بين الشعوب وتسهم بالنهضة الفكرية من خلال النخب العربية الفاعلة بقوة في المجال الادبي والثقافي.