الاحتلال لم يُحصّل سوى الدمار
“الاحتلال لم يُحصّل سوى الدمار”؛ هذا ما يؤكد عليه أهالي مخيم جنين الذين تحدثوا لـ”عرب 48” عن اللحظات التي عاشوها تحت القصف، وشددوا على أن عدوان الاحتلال “لم يزدهم إلا قوة وعزيمة وصمود”.
يرى أهالي مخيم جنين أن الاحتلال لم يحقق شيئا من أهدافه خلال عدوانه الأخير على مخيم جنين، كما يروج لنفسه، ولم يتمكن من الوصول إلى المطلوبين، ما دفعه لاستهداف المدنيين والأبرياء، بالإضافة إلى استهداف شوارع المخيم والبنى التحتية كي يخرج ببعض “صور النصر” الزائفة ليقدمها لمواطنيه الذين يترقبون نتائج الاجتياح القصير للمخيم.
وفي أحاديث منفصلة مع “عرب 48“، شدد أهالي من مخيم جنين على أن الاجتياح القصير الذي بدأ فجر الإثنين واستمر حتى مساء الثلاثاء، “زاد من قوة وعزيمة أهالي المخيم”، على الرغم من الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الذي أسفر عن استشهاد 12 شخصا وإصابة أكثر من 100 بينهم 20 بحالة خطيرة.
ودمر الاحتلال البنى التحتية في المخيم، إذ قام بتجريف الشوارع وتخريب المنازل إلى درجة بات من الصعب العيش فيها، إضافة إلى تجريف وتدمير البنى التحتية بما يشمل شبكة المياه وخطوط الكهرباء وشبكات الصرف الصحي.
ومن بين حارات المخيم التي شهدت دمارا كبيرا حارة الدمج، التي حيث يتواجد مسجد الأنصار، وحارة الفلوجة التي اقتحمها جيش الاحتلال ودمر جزءا من منازلها، بالإضافة إلى حارة السكة التي تم تجريف شوارعها بالكامل.
وفي حديث لـ”عرب 48“، قالت ميسون حسين، وهي أم لستة أطفال، “في ليلة الاقتحام تعرض المخيم لضربة قوية من الصواريخ الإسرائيلية التي استهدفت عدة مناطق، الأمر الذي أجبرنا على الخروج من منزلنا وتوجهنا إلى منزل الجيران”.
استخدام الناس كدروع بشرية
وتابعت “بعض الأطفال خرج حافيا ودون ارتداء ملابسه؛ عندما توجهنا إلى بيت الجيران اقتحم الجيش منزلهم، وأخذ صاحب المنزل وابنه وقريبهم، لاستخدامهم كدروع بشرية يحتمي بها الجيش في المخيم”.
وأضافت “بعد أن اقتحم الجيش منزل الجيران واستهدفه بالقنابل والصواريخ، خرجنا من البيت وتوجهنا إلى مستشفى جنين الحكومي كونه مكانا آمنا، وبعد ساعات خرجنا من المستشفى لنتوجه إلى الأماكن التي كانت مفتوحة أمام أهالي المخيم من قبل أهالي جنين”.
وأوضحت أن “ما حصل خلال هذه الأيام في مخيم جنين أشبه بما حصل في المخيم خلال اجتياح المخيم عام 2002؛ أقول أكثر من ذلك: ما حصل في مسلسل التغريبة الفلسطينية يحصل مرة أخرى عام 2023 في مخيم جنين وعلى مرأى العالم دون أي اكتراث من الحكومات والأنظمة”.
تحقيقات مع الأطفال
وعن تجربته خلال الاجتياح، قال الطفل ياسين، في حديث لـ”عرب 48“، “ليلة الاقتحام كنا نجلس داخل بيتنا في المخيم، فجأة منتصف الليل أحدهم طرق باب المنزل، فتحنا الباب ولم نكن نعلم أن الذي يقف خلف الباب هم جنود مدججين بالسلاح، رفعوا السلاح بوجهنا واجبرونا على الدخول للمنزل، وقاموا بتقييدنا وإجراء تحقيقات معنا وكل ذلك والسلاح كان موجهًا نحونا نحن الأطفال داخل البيت”.
ولفت إلى أن “الجيش لم يكترث لحالنا، بل عاملنا بهمجية وعنف ووضع السلاح بوجهنا، كنا نبكي طيلة الوقت بسبب أسلحتهم والصواريخ التي استهدفوا بها المنزل، ولكننا بعد ذلك وقفنا بقوة وخرجنا من المنزل حتى وصلنا إلى المدينة “.
استهداف مسرح الحرية
وعن استهداف مسرح الحرية في مخيم جنين من قبل الجيش الاسرائيلي، قال مدير المسرح، مصطفى شتا لـ”عرب 48” إن “أول مكان استهدفه الاحتلال خلال الاجتياح هذا الأسبوع كان مسرح الحرية، وحول مسرح الحرية إلى مركز توقيف وتحقيق من قبل الجيش، إذ تم احتجاز أهالينا اللاجئين في مخيم جنين داخل المسرح والتحقيق معهم والتنكيل بهم أيضًا”.
ونوّه شتا إلى أن “الاحتلال لم يكتف باستهداف المسرح إنما قام بحرق مركبات جيران مسرح الحرية من عائلة سعدي؛ حرق أكثر من 5 سيارات بالإضافة إلى منازل العائلة التي تم استهدافها وتحويلها إلى مراكز لقناصة الاحتلال، الذين استهدفوا كل شيء حي داخل المخيم”.
محاربة الرواية الفلسطينية
واعتبر شتا أن “الفكرة الوحيدة من وراء استهداف مسرح الحرية هي القضاء على كل شيء حي وجميل داخل المخيم، خاصة أن المسرح له علاقة بالابتكار والإبداع والاستهداف ليس عبثيًا، إنما له علاقة بتقويض كل شيء له علاقة بالإبداع والابتكار للقضاء على كل شيء يروج للحقيقة والرواية الفلسطينية”.
وشدد على أنه “من جانبنا كل استهداف من قبل الاحتلال يزيدنا قوة وإصرارًا لإكمال مسيرتنا، نحن بدأنا العمل صبيحة الأربعاء، بعد ساعات من خروج الاحتلال من المخيم، كل اعتداء يزيدنا قوة وعزيمة لإكمال ما بدأنا به، وهذا دليل على أننا بالطريق الصحيح وهو نقل الرواية الفلسطينية الحقيقية والثقافة والوعي لكل العالم”.
الإجرام الإسرائيلي يزيدنا قوة
ومن جانبه، قال غسان نغنغية والد الطفلة سديل نغنغية التي استشهدت يوم 6 حزيران/ يونيو الماضي في مخيم جنين، في حديث لـ”عرب 48“، “يجب على الاسرائيليين معرفة أن الإجرام الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وتحديدًا أهالي مخيم جنين، لا يزيدهم إلا قوةّ وعزيمةً وأن هذا العنف والدمار يوّلد عنف ودمار على الإسرائيليين”.
ولفت إلى أن “ما يحصل أمام أطفالنا من اعتداء وإجرام وحرق منازل وسيارات وتنكيل بأهالي المخيم، يوّلد داخل هؤلاء الأطفال غضب وحقد كبير على الإسرائيليين. الإجرام الذي يحصل أمام أطفالنا يجعلهم مستقبلاً قنابل موجهة ضد الاحتلال، لذلك على الشعب الإسرائيلي أن يوعى لما تقوم به حكومته المتطرفة، ويكبحوا الحكومات الإسرائيلية المتطرفة التي تزرع الحقد والكره بالأطفال الفلسطينيين”.
وتابع “هذا الطفل الذي يرى الدم والهدم والحرق سيرد ذلك للإسرائيليين، والدليل على ذلك أن الشبان الذين يقاومون اليوم في المخيم، شاهدوا التنكيل بأهالي المخيم عام 2002 وشاهدوا أقاربهم عندما استشهدوا، والآن هم يقاومون من كان سببا في دمارهم”.
بدورها، قالت سائدة جرادات إن “الجنود اقتحموا منزلي في المخيم وقاموا بتحطيم جدران المنزل من أجل تنقلهم داخل المخيم، وذلك بسبب خوفهم من التنقل مشيًّا على الاقدام، إذ أن منزلي للمرة الثانية يتعرض لذات الحادثة، عام 2002 أيضًا تم تحطيم جدار المنزل من أجل تنقل الجنود، ولكن هذه المرة كانت المقاومة أشرس من اجتياح المخيم”.
إسرائيل فشلت واستهدفت المدنيين
واعتبرت أن “ما حصل في المخيم زاده قوة وصلابة، ومعظم الذين تم استهدافهم واستشهدوا في المخيم هم أبرياء وليسوا من المقاومة، الجيش لم يتمكن من الوصول إلى المقاومين في المخيم، لذلك استهدف من يضرب الحجارة ومن يسير بالشوارع بسبب المأزق الذي وقعوا به داخل المخيم”.
واختتمت حديثها بالقول إن “كل الادعاءات الإسرائيلية حول تحقيق الأهداف كاذبة وواهية، إسرائيل لم تحقق أي هدف من أهدافها في المخيم، إنما على العكس فشلت فشلاً ذريعًا عندما اقتحمت المخيم، الأهداف التي حققتها هي تجريف الشوارع وتحطيم المنازل، ولكن الأهداف المعنوية وأهداف المقاومة ارتفعت إلى السماء بعد هذا الفشل الذريع لإسرائيل”.
المصدر: عرب 48