الأمن كمخرج للتسوية؟ تحذيرات من “الفوضى” وتأثر جهوزية الجيش
في محاولة للتوصل إلى تسوية، اجتماعات مكثفة مع قادة الأجهزة الأمنية الذين يحاولون الضغط على الأطراف للتوصل إلى تفاهمات منعا لـ”فوضى” محتملة في إسرائيل وفي ظل “تداعيات التشريعات القضائية على جهوزية الجيش”.
تشهد إسرائيل اجتماعات مكثفة بين أوساط أمنية ومسؤولين سياسيين من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، في محاولة للضغط باتجاه التوصل إلى تسوية حول إصلاح جهاز القضاء، وإنهاء الخلافات التي تسببت في انقسامات عميقة في المجتمع الإسرائيلي اتسعت لتشمل الجيش، وسط تحذيرات من “فوضى داخلية”.
والليلة الماضية، عقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، اجتماعا مع رئيس حزب “المعسكر الوطني”، بيني غانتس، الذي حذّر في أعقاب الاجتماع من “تداعيات” التشريعات القضائية على الجيش، مشيرا إلى “وضع أمني مقلق للغاية”؛ كما أجرى هليفي مباحثات مع عضو الكنيست ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت.
وعقد رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، رونين بار، اجتماعا مع زعيم المعارضة، يائير لبيد. واللافت أن الاجتماعين بين هليفي وغانتس وبار ولبيد عقدا بالتنسيق مع وزير الأمن، يوآف غالانت، وبموافقة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، علما بأن الاجتماعات عقدت بطلب من الجهات الأمنية المعنية.
واجتمع كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين، بأعضاء في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، في محاولة لإقناعهم بضرورة التوصل إلى تسوية مع المعارضة، والموافقة على تخفيف التشريع الرامي لإلغاء حجة عدم المعقولية، وذلك من خلال إطلاعهم على صورة “الوضع الأمني وجهوزية الجيش الإسرائيلي”.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن قائد شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، عوديد بسيوك، وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، أهارون حاليفا، مثّلا الجيش في الاجتماعات التي عقدت مع وزراء الكابينيت، وحاولا شرح صورة الوضع الحقيقي داخل الجيش في ظل الانقسامات حول التعديلات القضائية.
ووفقا للتقارير، فإن بسيوك وحاليفا أطلعا الوزراء على العدد الحقيقي المسجل لدى الجيش للضباط والعناصر في قوات الاحتياط الذين باتوا يرفضون الامتثال لأوامر الاستدعاءات العسكرية، والتهديدات التي تتمثل باتساع رقعة رفض الخدمة في صفوف الجيش.
وأفادت إذاعة الجيش بأن المسؤولين العسكريين نقلا كذلك صورة الوضع المتوقعة في الجيش إذا ما نفذ المئات من الضباط والعناصر تهديداتهم بالتوقف عن التطوع في خدمة الاحتياط أو رفض الامتثال لأوامر الاستدعاء بعد تمرير التشريعات القضائية، علما بأن الكتلة الأكبر لرافضي مخطط الحكومة هددوا بالتوقف عن الخدمة إذا تم إقرار التشريعات.
كما أطلع حاليفا وبسيوك وزراء الكابينيت على “الوضع الأمني في مختلف القطاعات وخاصة في الجبهة الشمالية، في إشارة إلى لبنان وسورية، وكيف يرى إعداء إسرائيل الأزمة الداخلية وما هي الأخطار التي تشكلها في هذا الجانب” على الردع الإسرائيلي الآخذ بالتآكل.
وفي أعقاب سلسلة الإحاطات الأمنية للمسؤولين في الائتلاف والمعارضة، تحدث وزير الأمن، غالانت، مع أعضاء الكنيست من المعارضة والائتلاف بالإضافة إلى عدد من الوزراء، وطالبهم بالتوصل إلى تسوية، معتبرا أنه ذلك بات “واجبا عليهم” في أعقاب إطلاعهم على الوضع الأمني.
وتعكس الصورة التي نقلها رئيس الشاباك، بار، خلال اجتماعه الليلة الماضية مع لبيد، “ضعفا” في الأمن الإسرائيلي، وسط مخاوف متصاعدة من “العنف والفوضى داخل المجتمع الإسرائيلي”، وسط تشديد على ضرورة التوصل إلى “تفاهمات واسعة لمنع الفوضى”، بحسب ما أوردت القناة 12.
وفي بيان أعقب اجتماعه مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمس، قال غانتس إن “الوضع الأمني مقلق للغاية ويتطلب اهتماما وقرارات أمنية إستراتيجية في مجموعة متنوعة من ساحات العمل”، مشددا على أنه يتجوجب على نتناهو أن يدعو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) للاجتماع “لفهم تداعيات التشريع على الجيش قبل تمريره”.
وأضاف غانتس أن “الأمر ذاته ينطبق على الحاجة إلى عقد اجتماع للجنة الشؤون الخارجية والأمن (في الكنيست)”، وقال إن محادثته مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “أكدت له أكثر من أي وقت مضى على ضرورة تجنب التحركات أحادية الجانب”، وتابع “لقد اقترحت طريقة مسؤولة للخروج من الأزمة”، فيما دعا إلى الامتناع عن رفض الخدمة العسكرية احتجاجا على التعديلات القضائية.
من جانبه، قال لبيد عقب اجتماعه برئيس الشاباك إنه “تلقى تحديثات حول الوضع والتهديدات الأمنية في مختلف الساحات”، وتابع في تغريدة على “تويتر”، “ناقشنا التهديدات من الداخل والخارج وأعربت عن قلقي بشأن التماسك والمناعة القومية. لدينا مسؤولية مشتركة للحفاظ على أمن البلاد ووحدة الشعب”.
ويأتي ذلك قبيل تصويت الهيئة العام للكنيست على تعديل قانون لإلغاء ذريعة عدم المعقولية ضمن مخطط الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، في قراءتين ثانية وثالثة؛ وتعتزم المعارضة مقاطعة جلسة التصويت فيما تتواصل المساعي التي يقودها الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات.
ومساء أمس، أفادت القناة 12 بأن نتنياهو وبّخ وزير الأمن في حكومته، يوآف غالانت، بسبب دعوة الأخير لتأجيل التصويت على مشروع قانون “الحد من المعقولية” المثير للجدل لعدة أيام، لـ”احتواء الأمن”، في ظل الاحتجاجات الواسعة التي امتدت لتصل إلى الجيش.
وأشارت القناة إلى أن نتنياهو هاتف غالانت مساء الأحد، ووبخه، قائلا له: “لا تتدخل، أنا أتعامل مع الأمن”. وأضاف نتنياهو في حديثه مع غالانت: “تعتقد أن اقتراحك يمكن أن يجلب فوائد لكنه يضر بشدة، توقف عن التصرف كأنك رئيس الوزراء”.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تحدث فيها مناوشة كلامية بين نتنياهو وغالانت، حيث دعا الأخير، في آذار/ مارس الماضي، نتنياهو، بشكل علني، إلى وقف خطة “الإصلاحات القضائية”، معتبرا أنها “تسببت بانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، ما يشكل خطرا مباشرا وملموسا على أمن الدولة”.
وإثر ذلك، أعلن نتنياهو عن إقالة غالانت حينها قبل أن يتراجع عن قراره.
المصدر: عرب 48