السعودية ومحيطها الإقليمي
وتعد المملكة وإيران وتركيا اليوم أكبر القوى في المحيط الإقليمي، وبرغم ما تم إنجازه من ملف المصالحات والتقارب، إلا أن المستقبل يستدعي المزيد من الجهود المشتركة لتفكيك أزمات خانقة في المحيط العربي تقتضي وضع النقاط على الحروف من جانب شركاء الحلول؛ ما سينعكس إيجاباً على دول وعواصم عانت الأمرّين بسبب تحويلها لساحات صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.
ولن تخلف المملكة وعودها ولا تنقض عهودها في توجهها نحو فتح صفحة جديدة مع طهران وأنقرة في سبيل تخليص منطقتنا من تداعيات كوارث أقحمت مجتمعات آمنة في معارك طاحنة وحروب عطّلت التنمية وأعادت البلدان «القابلة للنمو» للوراء، متخلفةً عن ركب التمدن والتحضر والرفاه.
وسعت المملكة بما لها من ثقل إلى نزع فتيل صراعات خانقة، وردم بؤر التوتر من صنعاء إلى بيروت مروراً بكييف وموسكو؛ في سبيل حماية الأرواح البشرية وعودة عجلة البناء والإعمار لسابق عهدها، ولجم طموح وجموح القوى المتهورة بلجام الحكمة والتعقل وإعلاء فرص الوئام في كل عواصم الدنيا.
وتعي المملكة مكانتها من خلال نظرة العالم الإسلامي والمحيط العربي لها، فهي على رأس دول المذهب السني، ولها كبير التأثير المعنوي على المسلمين في العالم كونها قبلتهم، وبحكم ما يجمعها بالشعوب من عقيدة وعبادات وأخلاق تقتضي الوفاء بمقتضى أخوة الدِّين وروابط القيم النبيلة، وتتطلع لأن يكون الجميع في مستوى إنساني راقٍ بكل معطياته، فالبيئة بما تهدد به من كوارث طبيعية تنذر بالمزيد من المجهول معلوم العواقب، يوجب تغليب كفة المصالح ودرء المفاسد بكل ما يمكن من تعاون مثمر يُعلي شأن الحياة والأحياء.