هل أثبت تحديد سقف لسعر النفط الروسيّ فعّاليّته؟
دخلت هذه الآلية حيز التنفيذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2022، ووضعتها دول مجموعة السبع، وتفرض الاستمرار في تسليم فقط النفط الذي يباع بسعر يساوي أو يكون دون الستين دولارا للبرميل.
تصاعد دخان خلال حريق في مستودع نفط روسيّ (توضيحية – Getty Images)
ساهم تحديد سقف لاسعار النفط الروسي في الحد من إيرادات موسكو النفطية، وهو أداة جديدة في مجموعة العقوبات المفروضة على روسيا بعد الحرب في أوكرانيا، لكنها تدخل مرحلة الاختبار الحقيقية مع ارتفاع الأسعار فوق هذه العتبة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أول من أمس الثلاثاء، إن “عائدات (النفط) الروسية أقل بنحو 50% مما كانت عليه قبل عام”.
وأضاف أنه لقياس مدى نجاح هذه السياسة، علينا أن ندرس ما إذا كانت “الإيرادات الإجمالية لروسيا، تأثرت أم لا، مقارنة بسوق غير مقيدة”.
ودخلت هذه الآلية حيز التنفيذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2022، ووضعتها دول مجموعة السبع، وتفرض الاستمرار في تسليم فقط النفط الذي يباع بسعر يساوي أو يكون دون الستين دولارا للبرميل.
علاوة على ذلك، يُحظر على الشركات الناشطة في دول الاتحاد الأوروبي/ ومجموعة السبع، وأستراليا، تقديم خدمات تسمح بنقل النفط الروسي بحرًا من التجارة والشحن والتأمين ومالكي السفن وما إلى ذلك.
والغاية وراء ذلك هي تقليص أرباح روسيا من خلال وضع سقف لعائداتها النفطية، مع الحفاظ على حوافز اقتصادية كافية، لتواصل بيع نفطها بسعر منخفض – بدلا من سحب براميل النفط من السوق مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ويقول ماثيو هولاند المحلل لدى “إنرجي أسبكتس”: “لقد حقق تحديد مجموعة السبع سقف للأسعار الغاية التي وضع من أجلها: الحد من عائدات روسيا مع الإبقاء على النفط في الأسواق”.
وذكر القائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية للسياسة الاقتصادية، إريك فان نوستراند، اليوم الخميس، أنه قبل الحرب، كانت عائدات النفط الروسي تشكل نحو ثلث موازنة البلاد، مقابل 25% في عام 2023.
من جهته يقول المحلل هيلغ أندريه مارتنسن لدى “دي إن بي”، إنه منذ وضع هذا السقف، “بقيت أحجام الصادرات الروسية مستقرة”.
ويضيف المسؤول الأميركي الكبير أنه لتشجيع المشترين على عدم الابتعاد عن النفط الروسي، “عرضت موسكو عقودًا لتسليم النفط طويلة الأجل، بتخفيضات كبيرة في حدود 30%، أقل من سعر خام برنت لمشترين من جنوب شرق آسيا والهند”.
ومن ناحية الأسعار، منذ كانون الأول/ ديسمبر، بقي نفط برنت من بحر الشمال، مرجع الذهب الأسود في أوروبا، دون عتبة التسعين دولارا في حين لم يتجاوز سعر خام غرب تكساس الوسيط 85 دولارا للبرميل.
وخلال ثمانية أشهر، تم التداول بالأورال، النوع المرجعي للنفط الروسي، بسعر أقل من سعر الستين دولارا المحدد للبرميل.
لكن منذ ذلك الحين، شهدت السوق توترا كبيرا. أعلنت تسع دول من “أوبك +”، بما في ذلك الرياض وموسكو، خفضًا طوعيًا للإنتاج منذ أيار/ مايو بإجمالي 1,6 مليون برميل يوميا، حتى عام 2024.
وفي حزيران/ يونيو، أعلنت السعودية عن خفض طوعي إضافي للإنتاج، بمقدار مليون برميل يوميا لشهر تموز/ يوليو، وتم تمديده لاحقا حتى آب/ أغسطس. وحذت روسيا حذوها بعد أن أعلنت خفض صادراتها من النفط الخام، بمقدار 500 ألف برميل يوميا في آب/ أغسطس.
وفي منتصف تموز/ يوليو، تخطت أنواع النفط الخام الروسي حد الستين دولارا، حسبما أفادت الصحافة المالية، بناء على بيانات شركة “أرغوس ميديا”.
ويقول هيلغ أندريه مارتنسن: “قد يكون هذا أول اختبار حقيقي لتحديد سقف للأسعار”.
وبالنسبة لهولاند، فإن تجاوز هذا السقف، سيساهم خصوصا في “تراجع اهتمام بعض المشترين” مثل الهند، بسبب المخاطر المرتبطة بالعقوبات.
وقال إريك فان نوستراند: “نحن نعلم أن… روسيا ستحاول تجاوز سقف الأسعار”.
وأكد أن لذلك “كلفة”، مستشهدا بالاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها الحكومة الروسية في بناء أسطول من الناقلات، لنقل نفطها، وهذا يلقي بثقله على ميزانيتها. لكنه لم يقدم أي رقم حول تدفق النفط خارج منطقة سيطرة مجموعة السبع، متحدثًا عن سوق يحيطه “الغموض”.
وبالنسبة لهان تان المحلل في “إكسينيتي”، فإن “الأهداف الحقيقية لتحديد سقف للأسعار كما يرغب الغرب، لن تتحقق إلا إذا تم خفض المجهود الحربي الروسي بشكل كبير”.
المصدر: عرب 48