الحمدُ للهِ الذي خَلَقني سعوديّاً

الحمد لله… لا تُقالُ جزافاً، ولا تُسكبُ على اللسانِ كالماءِ العابر، بل تخرجُ من أعماقِ الفخر، ومن جوفِ هويةٍ لا تُشترى ولا تُستعار.
الحمد لله الذي خَلَقني سعوديّاً… وكأنَّ كوني من هذه الأرض نعمةٌ تَزِنُ الجبال، وشرفٌ يعلو عن التعريف.
أن تكون سعوديّاً، فذاك ليس مجرّد اسمٍ في خانة الجنسية، ولا ورقة تُقدَّمُ عند السفر، بل هو انتماءٌ لصوتٍ لا يخفت، لوطنٍ كلما حاولتَ أن تُعَرِّفه بكلمة، وسِعتكَ العبارة وضاقَ عنها المعنى.
أن تُولَد في السعودية يعني أنك وُلِدتَ في أرضٍ نَزَل فيها الوحي، ومشى على ترابها الأنبياء، وارتفع من فوق جبالها أول نداء بالتوحيد.
يعني أنك تحمل من مكة النور، ومن المدينة الطُهر، ومن نجد الشموخ، ومن الشرقية العطاء، ومن الجنوب الصمود، ومن الشمال الكرم والوفاء، ومن الغربية الحِكمة والحنكة والضيافة.
أن تكون سعوديّاً يعني أن المجدَ ليس شيئاً تركض نحوه، بل هو شيءٌ يَركض في عروقك، وأن السيادة ليست طموحاً بل إرث، وأن القيادة ليست منصباً بل خُلقٌ وتكوين.
في هذا الوطن لا يعيش الناس على الهامش، ولا تُحدِّدهم ظروفهم، بل يُحدِّدهم طموحهم، وتُصيغهم رؤيتهم، وينحتهم وليُّ عهدهم من صخر الحُلم إلى تمثالِ الإنجاز.
فيا أيُّها العالم: لا تندهش!
إن رأيت سعودياً لا يُشبه غيره، فذلك لأنّه صُنِع في وطنٍ لا يُشبه سواه.
وطنٌ يَرفع الحجارة لتكون أبراجاً، ويزرع الرمال لتُصبح جناناً، ويحوّل الطموح إلى خطة، والخطة إلى فعل، والفعل إلى واقعٍ تُدْهِشُ به الدُنا.
السعودي ليس متكبّراً، بل معتزّ. ليس عنيفاً، بل حازم. ليس مغلقاً، بل واثق. يعطي بلا مِنّة، ويحمي بلا خوف، ويصمت حين يكون الصمت أشد إيلاماً من الكلام، ويتكلّم حين يجب ويجب ويجب أن يُسمع.
ولو سألتَ طفلاً سعوديّاً: «ماذا يعني أن تكون من هذه الأرض؟»
لأجابك بفطرةٍ لم تُلوّثها الفلسفات:
يعني أني من بلاد الحرمين.
يعني أن اسمي يرتبط بالتاريخ، ومكاني محفوظٌ في قلب الجغرافيا، ودوري قادمٌ في صناعة المستقبل.
نعم، الحمد لله الذي خلقني سعوديّاً…
في زمنٍ صار فيه الانتماء ترفاً، صار انتمائي عزّاً، في عصرٍ اختلطت فيه الهويات، ثبتت هويتي، في عالمٍ يُباع فيه الولاء، وُلدتُ على الوفاء وأموت على الوفاء.
فيا رب، كما رزقتني هذه النعمة، فاحفظها لي، واجعلني ممن يستحقّها بالفعل قبل القول.
واجعلني ممن إذا ذُكِرَتْ السعودية، كان لفعله فيها أثر، ولو بكلمة، ولو بخطوة، ولو بنبضٍ صادق.
الحمد لله الذي خلقني سعوديّاً… وكفى بها من نعمة.
أخبار ذات صلة