في مهرجان الفحيص.. تعرفي كيف استطاعت المدينة الحفاظ على هويتها وتراثها في عصر التكنولوجيا
• بلدة قديمة ضاربة بجذورها بالتاريخ ما قبل الميلاد
بحسب الموقع الرسمي لوزارة الثقافة الأردنية culture.gov.jo، فالفحيص بلدة قديمة ضاربة بجذورها بعمق في التاريخ الإنساني، اشتهرت بموقعها العسكري المتوسط لممالك ثلاث وهي: عمون، حشبون، وجلعاد، وتعود اللبنة الأولى لتأسيس المدينة إلى ما قبل القرن الثامن قبل الميلاد، منذ أن قرر الأجداد الاستقرار في موقع قلعة الدير والأرض الزراعية الواسعة المحيطة به قبل أكثر من 800 سنة قبل الميلاد، (كما تؤكد المعطيات الأثرية المكتشفة في المنطقة والتقاليد المتوارثة).
قلعة الدير أحد المباني التراثية الهامة بالفحيص بجدرانها المرتفعة تعانق السماء، تتوسد الصحراء بفضاءاتها الممتدة على مساحة 5 دونمات، تضم خزان مياه رئيسي، وهو من أكبر الخزانات في الفترة البيزنطية، يحيط بها سورا داخليا وأخر خارجيا، وأقواسا وبركا منحوتة في الصخر، وطاقات في أعلى جدران الدير، وغرف طعام واستقبال، وقد ظلت القلعة محطة الاستراحة للمسافرين والحجيج على الطريق التجاري للمدينة، ولقد استمر استخدام القلعة برج مراقبة لحماية القوافل التجارية دون أي إضافات معمارية حيث أكدت الكسر الفخارية الأثرية المكتشفة حضورها بالعديد من العصور التاريخية خلال فترات الدولة الأموية، والأيوبية، والمملوكية، والعثمانية.
• سبب تسمية بلدة الفحيص بهذا الاسم
سكن الفحيص الرومان عام 64 قبل الميلاد، وسميت الفحيص بعدة مسميات واشتق اسمها من الفحص والتمحيص، فقد كان التجار يقومون بفحص البضائع وتمحيصها وتدقيقها في هذا المكان، فسمي مكان الفحص والتمحيص وتحول للفحيص بمرور الزمن، وقد ظل هذا الاسم مستمرًا كونها تقع على طريق القوافل بين الممالك القديمة على ضفتي نهر الأردن في ظل إطلالتها مع جارتها ماحص على غور الأردن والبحر الميت ومدينة القدس وجبال فلسطين إلى الغرب، وعلى جبال جرش وعجلون إلى الشمال والذي أضفى على موقعها الاستراتيجي أهمية كبرى.
تعد الفحيص في الوقت الحاضر، درة محافظة البلقاء، مدينة ريفية جميلة، وعلى الرغم من مقدرتها الفريدة في الحفاظ على زخم تراثها القديم وهويتها الحضارية الأصيلة، إلا أنها استطاعت مواكبة النهضة الحديثة للمملكة الأردنية الهاشمية، وقد لقب أهلها بـ “صبيان الحصان” لفروسيتهم وكرمهم، وتشتهر الفحيص بأشجارها وكرومها وغاباتها. وقد تم تسمية الفحيص كبلدية في عام 1962.
• ليالي فحيصيه فنية تراثية بامتياز
من بين جنبات البلدة القديمة وحاراتها العتيقة وفضاءاتها التراثية الممتدة يلتقي تشكيليون وموسيقيون ومطربون ومثقفون وأدباء وحرفيون من مختلف الأنحاء والاجواء والوجهات والتوجهات في مهرجان الفحيص، يرفعون شعار “الأردن تاريخ وحضارة”، وهو شعار المهرجان الدائم منذ بداياته الأولى بالعام 1992، أي منذ 31 عام، حيث تعد البلدة القديمة ضيوفها بليالي فحيصيه فنية طربية تراثية مدهشة
• تحديات الحفاظ على الهوية والتراث
يشكل مهرجان الفحيص بحسب الحساب الرسمي له عبر الفيس بوك، بما يتضمنه من فعاليات ثرية أحد أهم التظاهرات الثقافية الفريدة التي تكرس للحفاظ على تاريخ وحضارة وثقافة وتراث الأردن العريق، والذي يُعد تحديًا كبيرًا في ظل ما تشهده المنطقة من تبدلات ثقافية وتحولات أيدلوجية وتغيرات فكرية واضحة على ماهية الإبداع وطرق وطرائق تذوق الآداب والفنون في المجتمعات ذات الكيانات الحضارية الخاصة كالأردن، حيث يشتهر المهرجان أيضا بمنبره الثقافي السنوي الذي يستقبل كبار المفكرين والسياسيين والشعراء والأدباء الأردنيين والعرب. ويحتفل بكل عام بمدينة المهرجان وبشخصية المهرجان من بين الشخصيات الوطنية التي تركت أثرا في السياسة الأردنية والنهضة والخدمة العامة، وقد عمل المهرجان عبر تاريخه على إحياء الثقافة الوطنية وحمل رسالة الأردن الحاضنة للثقافة والفكر والفن، وحقق نجاحات متميزة بين المهرجانات العربية المشهورة، ونال سمعة عالمية، انعكست على صورة الفحيص المدينة والأردن الوطن الآمن المستقر.
• فقرات المهرجان تنشر في أروقة المدينة فنًا وإبداعًا
يفتتح المهرجان عروضه بالمسرحية الكوميدية “هونها بتهون” للفنان حسين طبيشات، وتتواصل فعاليات المهرجان الفنية على مسرح مدرسة الروم الأرثوذكس ومسرح القناطر حتى 19 أغسطس بحفلات لكل من جهاد سركيس، وهيثم إلياس، وسعد أبو تايه، ومحمود سلطان، وغادة عباسي، ورامي شفيق، من الأردن.
ومن لبنان، يشارك كل من وليد توفيق، ووائل جسار، وجوزيف عطية، وهادي خليل.
ويحتفي البرنامج الثقافي في نسخة هذا العام برئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي، الذي اختير “شخصية المهرجان”، حيث تقام ندوة يوم 16 أغسطس لمناقشة أعماله ومشواره تتحدث فيها ابنته.
ويعد مهرجان الفحيص، ثاني أبرز المهرجانات السنوية الأردنية بعد مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي أسدل الستار على دورته السابعة والثلاثين، السبت الماضي