ما بين اكتساب المهارات والآثار الصحيّة المحتملة
من المخاوف الّتي تتمّ مناقشتها غالبًا والمتعلّقة بألعاب الفيديو إمكانيّة الترويج لنمط حياة خامل وما يرتبط به من آثار صحّيّة، حيث يمكن أن يساهم قضاء الوقت المفرط في اللعب في مجموعة من المشكلات الصحّيّة، بما في ذلك السمنة واضطرابات النوم
منذ ثمانينات القرن الماضي، استحوذت ألعاب الفيديو على اهتمام الباحثين وأولياء الأمور على حدّ سواء، فيما يتعلّق بتأثيرها على عقول الأطفال، وهو ما أثار جدلًا كبيرًا حول تأثيراتها المحتملة، ومع استمرار التطوّر التكنولوجيّ، أصبحت ألعاب الفيديو جزءًا لا يتجزّأ من الترفيه الحديث، ممّا يثير المخاوف بشأن تأثيرها على التطوّر المعرفيّ والسلوكيّ.
وأحد أبرز مجالات الاستكشاف في أبحاث ألعاب الفيديو هو التأثير المحتمل على التطوّر المعرفيّ، حيث أظهرت الدراسات أنّ بعض ألعاب الفيديو يمكن أن تعزّز المهارات المعرفيّة مثل التفكير المكانيّ وحلّ المشكلات والتفكير الاستراتيجيّ، كما يمكن أن تحسّن الانتباه البصريّ والتوزيع المكانيّ للانتباه، والقدرة على تتبّع أشياء متعدّدة في وقت واحد، وفي دراسة أجريت عام 2010، أفادت بأنّ لألعاب الفيديو أيضًا عواقب سلبيّة، كما أشارت إلى وجود صلة مهمّة بين التعرّض لألعاب الفيديو العنيفة وزيادة السلوك العدوانيّ، وإزالة الحساسيّة تجاه العنف، وانخفاض السلوك الاجتماعيّ الإيجابيّ لدى الأطفال.
وقدّمت أبحاث كثيرة أبعادًا أخرى، مثل مفهوم “التعلّم الجيّد” و”التفكير النقديّ” و”المشاركة” التي يشترك فيها الأطفال من خلال مشاركتهم في ألعاب الفيديو، حيث يمكن أن تقدّم هذه الألعاب تحسين مهارات مختلفة، مثل القراءة والكتابة والرياضيّات والتعلّم الاجتماعيّ والعاطفيّ.
وفي دراسة أجريت عام 2014 من قبل سوبرامانيام، أكّدت على أنّ الأطفال المشاركين في ألعاب الفيديو، أظهروا تحسّنًا ملحوظًا في التعرّف على الحروف والوعي الصوتيّ والمفردات مقارنة بالمجموعة الضابطة، وحسب دراسة، فإنّ هذا يشير إلى أنّه يمكن استخدام ألعاب الفيديو التعليميّة المصمّمة بعناية كأدوات فعّالة في التعليم في مرحلة الطفولة المبكّرة.
وتطوّرت ألعاب الفيديو إلى ما هو أبعد من الأنشطة الفرديّة، حيث تمّ دمج أوضاع اللعب الجماعيّ عبر الإنترنت الّتي تسهّل التفاعلات الاجتماعيّة والعلاقات الافتراضيّة، وقد أدّى هذا الجانب من الألعاب إلى نتائج إيجابيّة وسلبيّة، وعلى الجانب الإيجابيّ، يمكن للألعاب متعدّدة اللاعبين عبر الإنترنت أن توفّر فرصًا للأطفال للتعاون والتواصل وتطوير مهارات العمل الجماعيّ، ومع ذلك، فإنّ التفاعلات الاجتماعيّة في بيئات الألعاب عبر الإنترنت لا تخلو من المخاوف، حيث يمكن أن يؤدّي عدم الكشف عن الهويّة الّذي توفّره التفاعلات عبر الإنترنت في بعض الأحيان إلى سلوك سامّ، والتسلّط عبر الإنترنت والتنمّر والتعرّض لمحتوى غير لائق، حيث أشارت الدراسة إلى وجود صلة وثيقة بين الاستخدام المفرط للألعاب متعدّدة اللاعبين عبر الإنترنت والنتائج السلبيّة مثل العدوان والقلق الاجتماعيّ لدى المراهقين.
ومن المخاوف الّتي تتمّ مناقشتها غالبًا والمتعلّقة بألعاب الفيديو إمكانيّة الترويج لنمط حياة خامل وما يرتبط به من آثار صحّيّة، حيث يمكن أن يساهم قضاء الوقت المفرط في اللعب في مجموعة من المشكلات الصحّيّة، بما في ذلك السمنة واضطرابات النوم وضعف اللياقة البدنيّة، وقد بحثت العديد من الدراسات العلاقة بين استخدام ألعاب الفيديو وهذه المخاوف الصحّيّة، وسلّطت الضوء على الحاجة إلى الاعتدال.
وأشارت الدراسة كذلك إلى وجود علاقة ذات دلالات إحصائيّة صغيرة، بين العنف في العالم الحقيقيّ وبين ألعاب الفيديو، إلّا أنّها ليست كبيرة بما يكفي لتكون مؤشّرًا وحيدًا على السلوك العدوانيّ.
المصدر: عرب 48