Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

هجوم تدمر.. محاولة لضرب العلاقة والوجود الأمريكي في سوريا | الخليج أونلاين

الضربة المؤلمة في تدمر، والتي أسفرت عن مقتل جنود أمريكيين ومترجم مدني، هزت المنطقة وأثارت تساؤلات حول الأمن والاستقرار في سوريا. هذا الهجوم، الذي استهدف دورية مشتركة بين القوات الأمريكية والسورية، يمثل تصعيداً خطيراً في التوترات، ويضع العلاقات الأمريكية السورية الناشئة على المحك. التفاصيل الدقيقة للهجوم، وهوية المنفذ، والردود المحتملة، كلها عناصر تشكل صورة معقدة تتطلب تحليلاً دقيقاً.

## تفاصيل الهجوم على دورية تدمر: ما الذي حدث؟

وقع الهجوم يوم السبت (13 ديسمبر) بالقرب من مدينة تدمر الأثرية، عندما استهدفت عناصر مسلحة دورية مشتركة تضم ضباطاً سوريين وأمريكيين. وفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، قُتل جنديان أمريكيان ومترجم مدني، فيما أصيب ثلاثة جنود آخرون بجروح. وأكد البنتاغون أن المنفذ، وهو عنصر من تنظيم “الدولة”، قد قُتل في اشتباك مع قوات الأمن السورية.

الرواية السورية، كما نقلتها وكالة الأنباء السورية “سانا”، تشير إلى أن عناصر الحماية تدخلت بسرعة وأصابت المهاجم قبل أن يتمكن من إحداث المزيد من الأضرار. وقد أعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن إدانة حكومته الشديدة للهجوم.

## هوية المنفذ: عنصر من الأمن العام السوري مرتبط بتنظيم داعش

أحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق في هذا الهجوم هو هوية المنفذ. المصادر الأمنية السورية أكدت أن المهاجم كان عنصراً في جهاز الأمن العام التابع لوزارة الداخلية السورية، وقد التحق بالخدمة قبل أكثر من 10 أشهر. هذا الكشف أثار صدمة كبيرة، وأدى إلى توقيف أكثر من 11 عنصراً من الجهاز نفسه للتحقيق.

القيادة الوسطى الأمريكية “سنتكوم” أكدت أيضاً أن منفذ العملية كان مسلحاً منفرداً من تنظيم “الدولة”. ووفقاً للمتحدث باسم الداخلية السورية، نور الدين البابا، صدر تقييم أمني سابق بحق المنفذ يشير إلى احتمال حمله أفكاراً تكفيرية أو متطرفة. هذا يشير إلى وجود ثغرات في آليات الفرز والتدقيق داخل الأجهزة الأمنية السورية، خاصةً بعد فتح باب التطوع الواسع لسد الفراغ الأمني.

## ردود الفعل الأمريكية: وعود بالانتقام وتأثير على العلاقات السورية الأمريكية

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهد بالرد على الهجوم، مؤكداً أنه استهدف الولايات المتحدة وسوريا معاً. وأشار إلى أن الهجوم وقع في منطقة شديدة الخطورة لا تخضع لسيطرة كاملة من قبل السلطات السورية. المبعوث الأمريكي توم براك توعد بالعقاب السريع والحاسم لكل من شارك أو سهل أو مول الهجوم.

هذا الرد الأمريكي القوي يأتي في توقيت حساس، بعد التصويت في الكونغرس على إلغاء قانون قيصر، والذي يفرض عقوبات صارمة على سوريا. الهجوم قد يعقد جهود تحسين العلاقات بين البلدين، على الرغم من أن الباحثين يشيرون إلى أن قرار إلغاء قانون قيصر قد لا يتأثر بشكل كبير بالهجوم، نظراً للاتفاق السياسي الواسع حوله.

## السياق الإقليمي: تنظيم داعش والوجود الأمريكي في سوريا

الهجوم يذكرنا بأن تنظيم “الدولة” لا يزال يشكل تهديداً في سوريا، على الرغم من الهزائم التي مني بها في السنوات الأخيرة. يكشف الهجوم عن حضور عسكري أمريكي متزايد في سوريا، بالتنسيق مع الجانب السوري، ضمن جهود مواجهة خلايا التنظيم.

المرصد السوري لحقوق الإنسان يرى أن زيارة الوفد المشترك لتدمر تأتي في سياق استراتيجية أمريكية لتعزيز الحضور والتواجد في عمق البادية السورية، التي لا تزال تشهد نشاطاً لخلايا “داعش”. هذا التعاون الأمريكي السوري يهدف إلى ضمان عدم عودة التنظيم إلى الواجهة، وهو ما يعتبره البعض أساساً للشراكة السورية – الأمريكية.

## مستقبل العلاقات السورية الأمريكية: تحديات وفرص

هجوم تدمر يضع الحكومة السورية أمام تحدٍ كبير يتعلق بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتشديد آليات التقييم. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الهجوم إلى زيادة العبء على القوات السورية في مواجهة تنظيم “الدولة”، وقد يؤثر على آلية اندماج “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية).

ومع ذلك، يرى بعض الباحثين أن الإدارة الأمريكية الحالية لديها توجه حقيقي للانسحاب من المنطقة، بما في ذلك سوريا، وأنها تريد قبل ذلك ضمان عدم عودة تنظيم “داعش”. لذلك، تبحث عن شركاء موثوقين وفاعلين، وقد أبدت الحكومة السورية رغبتها وقدرتها على حمل هذه الأعباء الأمنية. بعد هجوم تدمر، قد يكون هناك مبرر إضافي لتخفيض عدد القوات الأمريكية في سوريا، وليس العكس.

في الختام، يمثل هجوم تدمر تطوراً خطيراً يثير العديد من التساؤلات حول الأمن والاستقرار في سوريا، ومستقبل العلاقات الأمريكية السورية. من الضروري إجراء تحقيق شامل في الهجوم، وتحديد المسؤولين عنه، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره. كما يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً لمواجهة خطر تنظيم “الدولة” وضمان استقرار المنطقة. هذا الهجوم يذكرنا بأهمية الحوار والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، وبأن الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال العمل الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *