خيارات إسرائيل في حربها على غزة وشروط الدعم الأميركي
الأسرى الإسرائيليون في غزة قد يفرضون قيودا على هجمات جوية، وبعد اجتياح بري واحتلال القطاع سيؤدي إلى طرح أسئلة حول نجاعة الاجتياح إثر مقتل جنود متوقع خلاله، ورغم الدعم الأميركي المطلق إلا أنه مشروط بهدف قابل للتنفيذ
تشييع جثامين بينهم أطفال استشهدوا بالقصف الإسرائيلي على غزة، اليوم (Getty Images)
يتوقع قسم كبير من الإسرائيليين أن يتم الرد بقوة شديدة للغاية على الهجوم البري الواسع والمفاجئ الذي شنته، أمس السبت، فصائل المقاومة في قطاع غزة على “غلاف غزة” ومدن في جنوب إسرائيل، وإطلاق القذائف الصاروخية على مناطق واسعة وصلت حتى تل أبيب، وأن تؤدي الحرب التي أعلنتها إسرائيل على غزة إلى تدمير كامل وإنهاء وجود حركة حماس وذراعها المسلح كتائب القسام.
وأشار المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، إلى خيارات إسرائيل في الحرب الحالية:
الخيار الأول هو ضربة جوية كبيرة في غزة، شبيهة بالضربة التي وجهتها إسرائيل إلى الضاحية الجنوبية في بيروت ودمرتها، في حرب لبنان الثانية في العام 2006، لكن الحرب استمرت بعد ذلك. واعتبر برنياع أنه “لا مانع بتنفيذ ضربة مشابهة في غزة. والسؤال هو ما هو الهدف الذي سيتحقق منها. وتعبنا من المحاولات المتكررة لتعليم حماس درسا بواسطة قصف من الجو. وإذا دلت أحداث الأمس على شيء بخصوص حماس، فقد دلت على أنه ليس بالإمكان ترويض هذه الحركة”.
وأضاف أن الأمر الأساسي هو أن “مصير عشرات الرهائن (الإسرائيليين في غزة) معلق في الهواء. وقصف مكثف لن يحسّن احتمالاتهم بالعودة إلى البلاد بسلام. وبإمكان حماس دائما أن تصعد بهم إلى الأسطح، كدرع حي. وباختصار: القصف هو ما اعتاد الجيش الإسرائيلي أن يفعله، لكن ثمة شكا إذا سيكون ناجع”.
الخيار الثاني هو “اختيار المفاوضات. وفي صفقة شاليط حرر نتنياهو 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل جندي أسير واحد. كم أسير ستطالب حماس بتحريرهم مقابل عشرات الأسرى؟ وصفقة كهذه ستمنح حماس انتصارا آخر. وبالأساس، ستنزل ضربة شديدة أخرى على الردع ضد إيران وحزب الله وستضعف السلطة الفلسطينية أكثر”.
الخيار الثالث هو “شن اجتياح بري. والفرق العسكرية الأربع التي أرسلها الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب أمس، ليس من أجل الدفاع عن غلاف غزة، وإنما كي تنضم إلى عملية برية إذا قرر المستوى السياسي شنها. ومعظم الجمهور سيؤيد عملية كهذه في بدايتها. وبعد ذلك ستبدأ الأسئلة: ماذا سيحدث بعد يوم من احتلال القطاع، إذا بقينا ننزف دما هناك، وإذا انسحبنا فماذا حققنا. وهل نعتزم تصفية جميع قيادات حماس خلال الاحتلال؟ ومن سيأتي مكانهم؟”.
وأضاف برنياع أن “الجمهور يريد الحسم هذه المرة، ليس جولة قتال أخرى. لكن هل هذا ما يريده نتنياهو؟” مشيرا إلى سياسة فرق تسد التي مارسها نتنياهو.
ولفت برنياع إلى أنه “للأحداث في غزة توجد دلالات سياسية بعيدة المدى. وسيتضح حجمها في المستقبل. وانتصار حماس هو نبأ سيء للصفقة السعودية. وإذا لم يؤد مئات القتلى في غزة وأولئك الذين سيقتلون في الأيام القريبة إلى موت الصفقة، فإنهم سيدخلونها إلى جمود عميق. والتخوف من حرب متعددة الجبهات، في الشمال والضفة والقدس، سيقلل أكثر حيز المناورة العسكرية”.
الهدف الإستراتيجي وغايات الحرب الإسرائيلية
اعتبر الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، كوبي ميخائيل، أن للحرب التي أعلنت عنها إسرائيل دلالات فائقة، ولذا عليها تعريف هدفها الإستراتيجي وغايات المعركة العسكرية. “والهدف الإستراتيجي يجب أن يكون ضمن تغيير أساسي في مكانة حماس وتأثيرها على الساحة الفلسطينية”.
وأضاف أن “مصدر قوة حماس هو قدراتها العسكرية، ولذلك يجب العمل على استهداف شديد بقدرات وقيادة حماس. وهذا الاستهداف سيخدم ثلاثة أهداف أساسية وضرورية”.
الهدف الأول هو إضعاف تأثير حماس على الضفة الغربية.
الهدف الثاني هو “إضعاف تأثير إيران على الساحة الفلسطينية لأن المعادلة الموجودة هي حماس قوية تساوي تأثير إيراني أكبر على الساحة الفلسطينية”.
الهدف الثالث هو “تعزيز صورة القوة الإسرائيلية وردع حزب الله، إيران ولاعبين آخرين، الذين من شأنهم أن ينظروا إلى هجوم حماس على أنه مصادقة على النضوج المأمول لمهاجمة إسرائيل من جبهات عديدة من أجل التسبب بانهيارها”.
وتابع ميخائيل أن “بطارية الشرعية الدولية (لإسرائيل) مشحونة بكاملها حاليا، لكن بطبيعة الحال ستفرغ بسرعة كبيرة نسبيا، ولذلك فإن الضربة الإسرائيلية ينبغي أن تكون سريعة، عميقة وكبيرة، من أجل ضمان إنجازات كبيرة قبل أن تضطر إسرائيل الوقوف أمام ضغوط المجتمع الدولي”.
ووصف ميخائيل الأسرى الإسرائيليين في غزة بأنهم “إضافة إلى تعقيدات التحدي”، إلا أنه اعتبر أن “المجهود الأساسي حاليا يجب توجيهه نحو الضربة العسكرية، التي هدفها تحطيم قدرات حماس العسكرية. ومن دون تحقيق هذا الهدف، ستواجه إسرائيل صعوبة ليس في العمل من أجل تحرير المخطوفين وإنما ستصطدم وتتدهور إلى دوامة خطيرة ليس مقابل حماس والساحة الفلسطينية فقط وإنما في ساحات أخرى أيضا”.
واعتبر أن “الواقع يفرض على القيادة الإسرائيلية التخلي عن فرضية الاحتواء والتسوية، وسيكون من الصواب استنفاد تغيير الفرضية المستوجب حتى النهاية بسيف حديدي ويد واثقة”. ويشير ميخائيل هنا إلى التسمية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على الحرب الحالية ضد غزة: “سيوف حديدية”.
شروط الدعم الأميركي
أشار الباحث في المعهد، إلداد شافيط، إلى أن الدعم لإسرائيل الذي أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، “يجسد الشعور العميق لدى بايدن تجاه إسرائيل والحاجة إلى ضمان أمنها”.
ولفت إلى أن “الشرعية السياسية الدولية، وخاصة من جانب الدول الغربية، الموجودة الآن لرد إسرائيل بموجب رؤيتها، ستتأثر لاحقا بالأساس من الدعم الذي ستمنحه الإدارة الأميركية لإسرائيل. وهذا الدعم سيبقى طالما تقدر الإدارة أنه يوجد لإسرائيل هدف إستراتيجي واضح وقابل للتنفيذ وأنها تنجح في تطبيقه”.
وأضاف شافيط أنه “من الجائز أن الإدارة ستولي أهمية أيضا لإدراك أن الخطوات تحظى بإجماع في إسرائيل وأن حكومتها تركز على الجهد الأساسي وتهمل أي محاولة من أجل دفع خطوات لا تحظى بتأييد كامل من جانب الجمهور”.
المصدر: عرب 48