بعد حرق غزة.. الغزو البري بانتظار «ساعة الصفر»
ويتزامن الغموض الإسرائيلي بشأن مصير غزة، مع مخاوف دولية وإقليمية من تكلفة باهظة الثمن إنسانياً ومادياً على الجانبين كنتيجة لأي توغل بري، خصوصاً أن القطاع الذي يضم أكثر من مليوني فلسطيني، يعتبر من المناطق الأكثر كثافة عالمياً نسبة لمساحته (365 كيلومتراً مربعاً).
لكن ثمة رأياً آخر يعتقد أن شبكة الأنفاق التي ينتظر أن تتحول ساحة معارك مليئة بالكوابيس، هي التي دعت قادة الاحتلال إلى التريث قليلاً بشأن العملية البرية التي يُتوقع لها أن تكون دموية بامتياز بين جنود الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، وتتحدث وسائل إعلام غربية عمّا تسميه «غزتين» إحداهما فوق الأرض، والأخرى تحتها، في إشارة واضحة إلى الأنفاق، ويرون أن إسرائيل تستعد لدخول غزة الثانية التي يُتوقع أن تكون المرحلة الأخطر والأشد ضراوة في هذه الحرب.
تلك الأنفاق التي تراهن عليها «حماس» بأنها ستكون بمثابة الوحل أو المستنقع الذي سيغرق فيه جنود إسرائيل، إذ ستكون مليئة بالصواريخ والمدفعية والذخائر، والإمدادات الحربية وبالمقاتلين.
ويؤكد خبراء عسكريون أن المعركة البرية لن تكون نزهة لجيش الاحتلال، بل ستكون طويلة وصعبة، إذ يتطلب العثور على أنفاق «حماس» عملية طويلة الأجل، خصوصاً أنها ظلت بمثابة هاجس يؤرق إسرائيل على مدى سنوات، إذ تُمكن عناصر الحركة من شن هجمات مفاجئة بالصواريخ وتنفيذ عمليات خداع إستراتيجي.
ومهما كان التقدم التكنولوجي في مجال الروبوتات، فإن تطهير الأنفاق يقتضى دخول عناصر بشرية، وهنا يمكن أن يتعرضوا للكمائن والمتفجرات والألغام، وهو ما سوف يتسبب في خسائر كبيرة.
ومن هنا يمكن فهم استدعاء نحو 360 ألفاً من جنود الاحتياط الإسرائيلي، ما فسره محللون بأنها تدرك أنها تخوض حرباً طويلة الأمد، على الرغم من انعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي الذي ضربه الركود في الأسبوع الثاني من الحرب، لأن جنود الاحتياط يعملون في قطاعات اقتصادية وصناعية وزراعية وخدمية مختلفة.
وبحسب موقع «غلوبال فاير باور» الأمريكي، فإن عدد القوات الإسرائيلية العاملة يبلغ 173 ألف عسكري، في حين يبلغ عدد الاحتياط 465 ألفاً، ما يعني أن تل أبيب استدعت نحو ثلاثة أرباع قوات الاحتياط في جيشها، فإذا أضفنا هذا الرقم إلى عدد الجنود من غير الاحتياط، فإن إسرائيل تكون قد حشدت أكثر من نصف مليون جندي لقتال «حماس» التي يراوح عدد مقاتليها بين 30 و40 ألف مقاتل.