الحرب البرية في غزة تحتدم الفاتورة البشرية

هاجمت القوات والدبابات الإسرائيلية مدينة غزة في شمال القطاع من الشرق والغرب، بعد ثلاثة أيام من اعلان توسيع الهجوم البري وبعد 24 يوما من القصف العنيف والممنهج، واعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية انها تصدت للهجوم واجبرت القوات الاسرائيلية على التراجع.
وقد اعتبرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن «حجم التوغل الإسرائيلي يدل على طموح أقل من الإطاحة بحركة حماس، ورغبة في إضعاف بنيتها وتصفية قادتها». وهو الهدف الذي اعلنته اسرائيل حين اطلاق حربها.
وبعد ان كانت المواجهة تتم بقصف متبادل عبر الحدود، تحولت المعركة إلى اشتباكات برية شديدة، حيث حاولت دبابات إسرائيلية، قطع الطريق الرئيسي بين شمال القطاع وجنوبه لفترة قصيرة قبل ان تنسحب بعد مواجهة عنيفة مع الفصائل الفلسطينية.
ونقلت وكالة فرانس برس عن شهود عيان أن الدبابات الاسرائيلية وصلت أطراف حي الزيتون في مدينة غزة. وقال أحدهم: قاموا بقطع شارع صلاح الدين (الذين يربط الشمال بالجنوب) وأطلقوا النار باتجاه أي سيارة تمر هناك.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس أنه ضرب «أكثر من 600» هدف في قطاع غزة «خلال 24 ساعة».
وأضاف في بيان انه خلال الاشتباكات في قطاع غزة قتل عشرات المسلحين الذين تحصنوا في أبنية وأنفاق وحاولوا مهاجمة قواتنا.
واشار الى أن إحدى طائراته استهدفت مبنى كان في داخله نحو 20 مسلحا من حركة حماس، فيما ضربت أخرى «موقعا لإطلاق الصواريخ المضادة للدروع» في منطقة جامعة الأزهر في مدينة غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل أربعة من قادة حماس.
وذكر سكان أن القوات الإسرائيلية نفذت عشرات الغارات الجوية على الجانب الشرقي من المدينة، وأفاد البعض بسماع هدير دبابات تتقدم وسط تبادل كثيف لإطلاق النار.
ونشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية تسجيلات مصورة لما قالت إنها مناورات داخل غزة تظهر جنودا في مبان ودبابات على طريق رئيسي وضربات جوية على ما قالت إنها مبان تحتلها حماس.
وقال المتحدث باسم الجيش الأميرال دانيال هاغاري «إننا نتحرك من الأرض، ونرصد الإرهابيين ونهاجم من الجو. وهناك أيضا اشتباك مباشر. ويدور القتال داخل قطاع غزة».
وفي الغرب، حيث عرضت إسرائيل أمس الأول صورا لدبابات على ساحل البحر المتوسط، قال سكان إن الطريق الساحلي بين الشمال والجنوب تعرض للقصف عدة مرات من الجو والبحر.
وأكد مسؤولو الصحة الفلسطينيون أن ضربات جوية إسرائيلية أصابت مناطق قريبة من مستشفيات الشفاء والقدس والصداقة التركي بمدينة غزة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن 117 ألفا من المدنيين يحتمون إلى جانب آلاف المرضى والأطباء في المستشفيات في الشمال.
في المقابل، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن «المقاومة أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب بعد أن تقدمت إلى شارع صلاح الدين الذي يربط شمال القطاع بجنوبه».
وأكد المكتب أنه لا يوجد أي تقدم بري إسرائيلي داخل الأحياء السكنية في قطاع غزة، وان ما جرى على شارع صلاح الدين هو توغل بضع دبابات لجيش الاحتلال وجرافة انطلاقا من المنطقة الزراعية المفتوحة بمنطقة جحر الديك.
وأضاف أن هذه الآليات استهدفت سيارتين مدنيتين على شارع صلاح الدين وقامت بتجريف الشارع، قبل أن تجبرها المقاومة على التراجع، مشيرا إلى أنه لا وجود لآليات لجيش الاحتلال على شارع صلاح الدين، وأن حركة المواطنين هناك عادت لطبيعتها عليه.
وقالت كتائب «القسام» الجناح العسكري لحركة حماس ان مقاتليها باغتوا «قوات العدو المتوغلة شمال غرب بيت لاهيا وهاجموها بقذائف «الياسين 101» والأسلحة الرشاشة تحت غطاء أسلحة القنص».
وفي هذا الاطار، قالت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الاسلامي: «مجاهدونا يوقعون قوة مدرعة للعدو الإسرائيلي في كمين محكم شرقي حي الزيتون أسفر عن إصابات في صفوفها».
من جهته، قال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، في مقابلة مع الجزيرة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت بمئات القنابل حي تل الهوى في القطاع، ما أعاق عملهم وأنهم يواجهون «صعوبة كبيرة» في أداء مهتهم.
وأوضح محمود أن الاحتلال أباد الشوارع الفرعية التي توصل للحي، وليس لديهم القدرة على الوصول للمنطقة لإنقاذ الجرحى ونقل الشهداء. ووصف ما يحدث في حي تل الهوى بـ «إبادة جماعية ومحرقة».
والتوتر امتد ايضا إلى القدس المحتلة، حيث أصيب شرطي إسرائيلي بجروح بعدما طعنه فلسطيني أعلنت الشرطة أنها قتلته. وفي وقت لاحق، دوت صفارات الإنذار في القدس أعقبها وقوع خمسة انفجارات على الاقل وفق وكالة فرانس برس.
وفي الضفة الغربية المحتلة، قتل أربعة فلسطينيين فجر أمس خلال عملية للجيش الإسرائيلي في جنين.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» إن «أكثر من 100 مركبة عسكرية اقتحمت مدينة جنين من محاور عدة برفقة جرافتين عسكريتين».
ودعت برلين إسرائيل إلى «حماية» الفلسطينيين في الضفة الغربية من «المستوطنين المتطرفين».
إلى ذلك، اعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا الحرب على القطاع إلى «8306 شهداء بينهم 3457 طفلا و2136 امرأة و21048 مصابا». وأكد المتحدث باسم الوزارة اشرف القدرة ان عددا كبيرا «من الشهداء مازال تحت الأنقاض». وقال إن «الاحتلال عمد إلى شل حركة سيارات الإسعاف حتى لا تتمكن من القيام بواجبها في إنقاذ المرضى والجرحى». واتهم اسرائيل بإخراج 25 مستشفى عن الخدمة في القطاع واستهداف 25 سيارة إسعاف. وناشد سكان غزة التوجه للمشافي للتبرع بالدم بسبب عدم توافر كميات كافية منه لإنقاذ الجرحى.
وأضافت «حتى 29 أكتوبر، تم الإبلاغ عن نحو 1800 مفقود، منهم 940 طفلا على الأقل، وربما كانوا محاصرين أو لقوا حتفهم تحت الأنقاض بينما كانوا في انتظار من ينقذهم».