تخطط الهيئة القومية لسكك حديد مصر لإجراء تحديثات كبيرة على خطوطها، وتحديداً على المسار الحيوي بين الأقصر وأسوان. يهدف هذا المشروع، الذي تقدر تكلفته بنحو 300 مليون دولار، إلى تحسين كفاءة وسلامة سكك حديد مصر وزيادة القدرة الاستيعابية بشكل ملحوظ. ومن المتوقع أن يبدأ التنفيذ في العام المقبل، مما يمثل خطوة مهمة في خطط تطوير شبكة السكك الحديدية على مستوى البلاد.
يشمل المشروع تحديث أنظمة التشغيل على طول 224 كيلومتراً من المسار الذي يربط بين المدينتين السياحيتين. ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن هذا التحديث سيرفع عدد الرحلات اليومية من 56 إلى 200 رحلة، أي بزيادة تتجاوز 257%. يأتي هذا التوسع في ظل زيادة الطلب على خدمات النقل بين هاتين الوجهتين السياحيتين.
تحديث سكك حديد مصر: تفاصيل المشروع وأهدافه
يعتمد المشروع على قرض ميسر من صندوق التعاون للتنمية الاقتصادية الكوري بقيمة 251 مليون دولار، بالإضافة إلى تمويل ذاتي من الهيئة. ومن المقرر أن تستغرق أعمال التحديث والتطوير 48 شهراً، وفقاً للجدول الزمني المحدد. هذا التمويل يعكس الثقة في خطط التحديث التي تتبناها الهيئة.
تحسين السلامة والكفاءة التشغيلية
لا يقتصر المشروع على زيادة عدد الرحلات فحسب، بل يركز أيضاً على تعزيز السلامة والكفاءة التشغيلية لشبكة السكك الحديدية. يهدف إلى تحسين التحكم والسيطرة على حركة القطارات، وتقليل فترات الانتظار أو التقاطر بين القطارات، مما يساهم في تسريع وتيرة النقل. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تحديث 70 معبراً سكرياً على طول الخط لتقليل مخاطر الحوادث.
تأتي هذه الخطوة في إطار خطة شاملة للهيئة القومية لسكك حديد مصر لتطوير منظومة النقل، والتي ترتكز على خمسة محاور رئيسية: تحديث الوحدات المتحركة، وتطوير البنية الأساسية، وتحديث نظم الإشارات، وتطوير الورش الإنتاجية، والاستثمار في تنمية العنصر البشري. تهدف هذه الخطة الطموحة إلى رفع طاقة نقل الركاب إلى مليوني راكب يومياً بحلول عام 2030، مقارنةً بـ 1.2 مليون راكب يومياً حالياً.
كما تسعى الهيئة إلى زيادة طاقة نقل البضائع إلى 13 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، مقارنةً بـ 6 ملايين طن حالياً. هذا التوسع في نقل البضائع يتماشى مع جهود الحكومة لتعزيز القطاع اللوجستي وتسهيل حركة التجارة. تعتبر شبكة السكك الحديدية المصرية من أقدم وأكبر الشبكات في المنطقة، حيث تمتد على مسافة 9570 كيلومتراً وتخدم 23 محافظة.
الأداء المالي لسكك حديد مصر
شهدت إيرادات الهيئة القومية لسكك حديد مصر نمواً ملحوظاً في الآونة الأخيرة. فقد قفزت الإيرادات بنسبة 44% في النصف الأول من عام 2025، لتصل إلى 4.3 مليار جنيه مصري. يعزى هذا النمو إلى عدة عوامل، بما في ذلك رفع أسعار التذاكر وزيادة حجم نقل البضائع.
ووفقاً لوثيقة رسمية، ارتفعت كميات البضائع المنقولة عبر الشبكة بنسبة 14% لتصل إلى 3.6 مليون طن خلال نفس الفترة. في المقابل، انخفض عدد الركاب بنسبة طفيفة بلغت 0.7%، مسجلاً 206.2 مليون راكب. يعكس هذا التراجع ربما تأثير ارتفاع أسعار التذاكر على الطلب.
في أغسطس 2024، قامت الهيئة برفع أسعار تذاكر القطارات بنسبة 25% للقطارات العادية و12.5% للقطارات المكيفة وقطارات التالجو. جاء هذا القرار بالتزامن مع تشغيل قطارات جديدة وزيادة عدد العربات المتاحة، بهدف تحسين مستوى الخدمة المقدمة للركاب. تعتبر هذه الزيادة في الأسعار جزءاً من استراتيجية الهيئة لزيادة الإيرادات وتحقيق الاستدامة المالية.
تضم أسطول سكك حديد مصر حالياً 3040 عربة ركاب، منها 850 عربة مكيفة، بالإضافة إلى 8553 عربة بضائع ونحو 793 جراراً. تستمر الهيئة في الاستثمار في تجديد وتحديث الأسطول لضمان تقديم خدمات نقل آمنة وموثوقة.
من المتوقع أن تستمر الهيئة القومية لسكك حديد مصر في متابعة تنفيذ مشروع تحديث خط الأقصر-أسوان عن كثب، مع التركيز على الالتزام بالجدول الزمني والميزانية المحددة. كما ستراقب الهيئة عن كثب تأثير المشروع على زيادة عدد الركاب ونقل البضائع، وتقييم العائد على الاستثمار. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذه التحديثات وتوفير التمويل اللازم لمشاريع مماثلة في المستقبل، وهو ما يتطلب تعاوناً مستمراً بين الحكومة والقطاع الخاص.
