الطفلة هبة تروي مشقّة طريق النزوح تحت القصف
يعاني سكّان غزّة من وضع إنسانيّ وصحّيّ كارثيّ، إذ نزح نحو 1.4 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنعت إسرائيل عنهم إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء، في ظلّ قصف مكثّف.
الطفلة هبة (الأناضول)
بمشهد تغلّب على كلّ تبعات الإعاقة، لخّصت الطفلة الفلسطينيّة هبة صبح، وهي تجلس على كرسيّ متحرّك تفاصيل الحكاية، بعد أن طالها القصف الإسرائيليّ، حتّى في أثناء رحلة النزوح.
الطفلة هبة، نزحت من بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزّة، إلى مدرسة هارون الرشيد، في محافظة خانيونس (جنوب)، هربًا من الغارات الإسرائيليّة المتواصلة.
تقول هبة: “لم يهدأ القصف في أثناء نزوحنا، وكنت أصرخ خوفًا من القذائف الّتي سقطت قربنا”.
ولم يمنع المشهد المأساويّ داخل القطاع، هبة، من إدراك التفاؤل بالعودة إلى منزلها، حيث قالت: “أتمنّى أن نعود إلى بيتنا بسلام وأمان”.
وتلاعب هبة، أطفالًا في باحة المدرسة، وتقود كرسيّها المتحرّك بيديها الصغيرتين، ويساعدها النازحون في النزول عن الدرج، في حين تساعدها والدتها في تسريح شعرها، ثمّ تتابع بنفسها المهمّة، لتنطلق إلى الحياة وسط كلّ هذه المعاناة.
بدورها تقول والدة هبة، “تعاني هبة، كثيرًا بعد أن نزحنا من بيتنا، حيث توفّرت في منزلنا بعض الوسائل المساعدة لها، أمّا هنا، فهي تزحف على ركبتيها، ما أدّى إلى تمزيق ثيابها، ولا تتوفّر لها الثياب الكافية”.
وأضافت “تنزل هبة، زحفًا عن الدرج، وتعاني من الدخول إلى دورات المياه، ولا يتوفّر لها مكان خاصّ لذوي الاحتياجات الخاصّة، فالمعاناة كبيرة، لكنّ هبة متغلّبة عليها”.
وعن طباع هبة، تقول والدتها: “تحبّ هبة الحياة الاجتماعيّة، وتحبّ اللعب والجلوس مع الآخرين، وتطلب منّي دائمًا أن أساعدها على النزول إلى الباحة، كي تلعب مع الأطفال، وهي تحظى بمحبّة جميع المتواجدين في المدرسة”، وأشارت إلى أنّ “الجميع هنا يشجّعها على اللعب، ويتقرّبون منها، ويتبادلون معها الحديث”.
تجلس هبة، بجوار أمّها وعدد من النساء، وهنّ يصنعن الخبز، في حين أنّها تمسك بمرآة وتسرّح شعرها، ثمّ تعكف على مساعدة أمّها في صنع الخبز ورقائق العجين، ثمّ تزحف إلى الطرف الآخر، لترتيب الرقائق وإعدادها، ثمّ تمتطي كرسيّها وتخرج بمساعدة الجيران إلى الباحة، كي تكمل مسيرة حياتها.
تتجوّل في الساحة، وتتبادل الابتسامات وأطراف الحديث، وتحكي للنازحين عن قصّة نزوحها، وما عاينته بنفسها من قصف وتهجير.
ولم تمنعها إعاقتها من حضور صلاة الجماعة في باحة المدرسة، برفقة النازحين، حيث تبدو المدرسة مكتظّة بالكثيرين الّذين هربوا من القصف الإسرائيليّ المتواصل على القطاع.
تبدو هبة، من خلال المشاهد الّتي رصدتها عدسة الأناضول، مقبلة على الحياة، حيث تمارس حياتها الطبيعيّة، في ظلّ القصف والحصار الخانق الّذي فاقم من معاناة القطاع، حيث تجرّ كرسيّها بنفسها أحيانًا، وبمساعدة الآخرين أحيانًا أخرى.
ويعاني سكّان غزّة من وضع إنسانيّ وصحّيّ كارثيّ، إذ نزح نحو 1.4 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنعت إسرائيل عنهم إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء، في ظلّ قصف مكثّف.
ولليوم 44، يشنّ الجيش الإسرائيليّ حربًا مدمّرة على غزّة، خلّفت 12 ألف و300 شهيد فلسطينيّ، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلًا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وسط دعوات لفتح تحقيق دوليّ في الهجمات الإسرائيليّة، ووقف فوريّ لإطلاق النار لأسباب إنسانيّة.
المصدر: عرب 48