قرية سمسم… من ذاكرة كبد الشنار
ملاحظة: هذه المادّة هي الرابعة ضمن سلسلة قرى قضاء غزّة المهجّرة الّتي حُوّلت لمستوطنات ما يعرف بغلاف غزّة الّتي ننشرها تباعًا…)
كريمة كانت سمسم على أهلها وقاصديها معًا… كان كلّما جاء مطر تشرين الثاني، سحبت سيوله حبّ برتقال بيّاراتها منها إلى حوافّ الدروب، ليلتقطها المارّون أو الفارّون من عيون سلطات الانتداب على ما ظلّت تتذكّره الحاجة أمونة (1). حين اندلعت الحرب الكونيّة الثانية 1939 – 1945 “توقّف البحر” كما تعوّد أهالي ساحل فلسطين التعبير في حينه، وتراجع الطلب على البرتقال، فتخلّت سمسم عن بيّاراتها بخلعها، تمامًا كما خلع شجر زيتونها قبل نحو ثلاثة عقود مع الحرب العموميّة الأولى 1914 – 1918، على أيدي الأتراك الّذين حوّلوا زيتون غزّة وقضاءها إلى حطب لتدفئة الجنود وفحم لقطار بابور السكّة، ولم يبق في سمسم غير بضع شجرات، أطلقوا عليها أسماء لقلّتها، وأشهر كانت شجرة سمّاها السماسمة “شجرة العيد”(2).
إلى الشمال الشرقيّ من غزّة المدينة تقع قرية سمسم على بعد 19 كيلومترًا منها، في الملتقى ما بين السهل الساحليّ الجنوبيّ والنقب الشماليّ، وقد أطلق عليها “باب النقب”، غير أنّها كانت تتبع تاريخيًّا للواء غزّة، كما كانت تبعد سمسم عن طريق غزّة – يافا الساحلي نحو خمسة كيلومترات، وعن غربيّ الطريق الساحليّ غزّة – كوكبًا الموازية للطريق الأوّل من الناحية الشرقيّة مسافة ثلاثة كيلومترات. كما أحاطت القرية ستّ قرى: فمن شرقها كانت تحدّها قرية برير، وقريتا بيت جرجًا ودير سنيد من الغرب، بينما بربرة كانت تحدّ سمسم من شمالها، وقريتي دِمرة ونجد من الجنوب (3).
وامتدّت سمسم على رقعة جغرافيّة ساحليّة، بلغت مساحتها حتّى أواخر فترة الاستعمار البريطانيّ نحو (16797) دونما، منها نحو (304) دونمات للأودية والمسالك، بينما الأرض الّتي أقيمت عليها بيوت القرية بلغت (44) دونما.
الواديان، الكبير والصغير، هما من كانا يمنعان تلك القرى عن بعضها بحسب تعبير أهالي سمسم (4). الوادي الكبير وهو امتداد لوادي الحسي المشهور القادم من جبال الخليل ناحرًا أراضي سمسم من جنوبها ما بينها وبين قرية نجد، ليصبح اسمه عندها وادي “الشقفات” قبل أن يمرّ بدير سنيد وهربيا ثمّ إلى البحر (5)، أمّا الوادي الصغير، فكان يقع شماليّ الوادي الكبير جنوبيّ مركز القرية، ويبدأ جريانه من المرتفعات الشرقيّة للقرية متّجهًا نحو الغرب مارًّا من أرض العانا إلى طور أبي ناجي، ليلتقي مع وادي الشقفات (الكبير) في أرض حيلة السبيل (6). أمّا “وادي البدويّة” فكان أقلّ عمقًا، وقد أطلقوا عليه اسمه، لأنّه يقال: بأنّ امرأة بدويّة غرقت فيه، في واحدة من حملات مائه خلال شتاء إحدى السنوات (7)، وقبل ذلك كان يسمّى “وادي الغرس” (8) نسبة لمروره قادمًا من أرض عامودا شمال – غرب القرية، ثمّ متّجهًا إلى الجنوب الغربيّ من القرية، مارًّا بأرض الزواه والمخزن، ثمّ إلى أرض الغرس ليصبّ بوادي الشقفات (الكبير) عند أرض حيلة السبيل.
كانت هذه الوديان حين تحمل الماء شتاء، تفرض حصارًا على سمسم وأهلها، إذ كانت تقسم القرية وأراضيها، ممّا يحول دون إمكانيّة الحركة فيها، ومن هنا كانت “مونة الحملات” الّتي عرفها أهالي سمسم موسميًّا، حيث كان يستعدّ أهالي القرية لطحن القمح وخزنه، قبل أن تبدأ الوديان بحمل ماء الشتاء (9)، كما كانت هذه الوديان المحيطة بسمسم، مصدرًا ومبعثًا للأمراض المعدية مثل الحمّى والملاريا، للحدّ الّذي أثّرت في معمار بيوت القرية، إذ ظلّت بيوت أهالي سمسم المبنيّة من اللبن أي الطين والتبن، أبوابًا بلا نوافذ في معظمها (10) تحوّطًا من الأمراض حتّى ثلاثينيّات القرن الماضي.
في اسم سمسم والجدّ سوار
زرع فلّاحو سمسم كلّ ما يمكن بذره أو غرسه في الأرض إلّا السمسم، ممّا يثير ذلك فضول السائل عن اسم القرية.! لم يكن اسم القرية يتّصل بزرعة السمسم فيها، مع العلم أنّ الدباغ يقول “إنّ اسم القرية يوحي إلى نبات السمسم” (11). بينما اسم سمسم هو تصحيف عن اسم موقعها قبل أن تنشأ القرية فيه، وهو “سميسمة” (12)، وبحسب رواية المعمّر محمّد عبد العزيز شعبان “إنّ سيّدة مسنّة مسيحيّة من شمال فلسطين قابلت أحد سكّان سمسم من عائلة تيم، وقالت له: إنّ أجدادها سكنوا في هذه القرية وكانت تسمّى سميسمة، واستدلّت على ذلك من بئر الراس القديمة الواقعة في القرية” (13).
ويذكر المؤرّخ الخالديّ أنّ الصليبيّين كانوا يطلقون على موقع القرية اسم “سمسم”، ومع توطّن القرية في زمن المماليك ظلّت تحمل الاسم نفسه، وكذلك طوال العهد العثمانيّ حتّى النكبة سنة 1948. أمّا جذور التسمية “سمسم” فإنّها على ما يبدو جاءت نسبة لموضع في الجزيرة العربيّة يحمل الاسم نفسه، لأنّ القبائل العربيّة الّتي انتشرت في بلاد الشام وتحديدًا في منطقة غزّة في مراحل مبكّرة من التاريخ الإسلاميّ وقبله، قد حملت معها أسماء المناطق القادمة منها وأطلقتها على المواضع الّتي نزلت فيها، وقرية سمسم واحدة من هذه القرى (14).
تعود حكاية نشأة قرية سمسم، إلى الجدّ المؤسّس “سوار”، ومعظم أهالي القرية ظلّوا يسمّونه “إسوار”(15)، ينسب إلى قبيلة “عجمان”. وفد سوار إلى منطقة غزّة قادمًا من الجزيرة العربيّة مع حركة المجاهدين في ظلّ الحروب مع الصليبيّين أيّام صلاح الدين، ونزل مع أهله قرية سمسم. وبعد فترة زمنيّة، وفد إلى سمسم شخص آخر يدعى “ارحيم”، يعود نسبه بحسب الروايات إلى قبيلة “بني عقبة” من شبه جزيرة سيناء (16). وكما هي عادة العرب، فقد أكرم سوار ضيفه ارحيم، وأقام هذا الأخير مدّة في القرية عمل فيها راعيًا عند الأوّل، ولمّا قرّر إرحيم ترك سمسم القرية، عرض عليه سوار الزواج من ابنته، فوافق ارحيم وتزوّجها، وأنجب من ابنة سوار ثمانية أولاد أنجبوا بدورهم كلّ عائلات قرية السمسم الّتي عرفت في القرية حتّى عام النكبة (17).
في ظلّ التاريخ العثمانيّ، وفدت للقرية عائلات أخرى، أهمّها تلك الّتي جاءت من مصر مع حملة إبراهيم باشا 1831-1840، لتغدو هويّة سمسم مثل كثير من قرى قضائيّ غزّة ويافا مشكلة من فلّاحين محلّيّين ومصريّين وافدين. أمّا عن عدد أهالي القرية، ففي أواخر القرن السادس عشر كان تعدادها 110 أشخاص، وفي إحصاء عام 1922 بلغ نحو 760 نسمة، و855 نفر في إحصاء سنة 1931، يسكنون في 195 بيتًا. وفي إحصاء نيسان/أبريل عام 1945 كان عدد سكّان سمسم 1290 نفرًا، ووصل عددهم في عام النكبة نحو 1500 نسمة (18)، وقد توزّع أهالي سمسم في أربع حارّات رئيسيّة: حارة دار يونس، حارة دار زيد، حارّة دار عابد، حارّة الشمالا، ولكلّ حارتين مختار، أيّ مختارين لكلّ أهالي سمسم طوال فترة الاستعمار البريطانيّ على البلاد.
معالم سمسم وعوالمها
بئر البلد وجامعها، أبرز معلّمين ومرجعين في سمسم، مثل باقي معظم ريف قضاء غزّة، حيث ذاكرة القرى الّتي يمكننا أن نقول عنها بأنّها كانت “بئريّة”، فالبئر سابقة في وجودها على نشأة القرية في سمسم وغيرها من القرى المحيطة فيها، صارت “بئر الراس” في غربيّ سمسم كفريّة، أيّ أثريّة بعد أن هجرها أهالي القرية، لأنّ امرأة من نسائها قد ألقت نفسها فيها في عشرينيّات القرن الماضي (19)، فحفروا ما صار يعرف ببير البلد في وسط القرية الّذي ظلّ مشرب الناس ومجمّعهم تمامًا مثل الجامع الّذي يقع إلى جانب البئر.
“بسم اللّه الرحمن الرحيم إنّما يعمّر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر… أنشأه الفقير إعليان في ربيع الأوّل سنة 1191 هـ/ 1777 م”. هذا ما ظلّ منقوشًا على بلاطة عتبة جامع سمسم إلى يوم النكبة، واعليان على ما يبدو كان إمامًا ومدرّسًا في الجامع، وقد دفن في ساحته هو وولداه (20).
غير أنّ مقام النبيّ دانيال، ظلّ المعلّم الأبرز في تشكيل هويّة سمسم ومخيال أهلها، وموقعه كان إلى جانب جامع القرية وبئرها في مركز القرية، وكان السماسمة يسمّون المقام بعامّيّتهم “النبيّ دانيان”. مجلّلًا بالقماش الأخضر بقي المقام على مدار تاريخ القرية، وملاذًا للمتوسّلين والمتشفّعين به، ومبعثًا للتعجّب وحكايا الكرامات، وممّا يجمع عليه أهالي القرية أنّ “عبد السلام السمسمي الّذي كان يعمل في محطّة سكّة القطار، قد تفحّم حذاؤه بعد أن قام بمسحه بزيت سراج مقام النبيّ دانيال” (21)، حيث تعوّد أهالي القرية إضاءته يومي الأثنين والجمعة من كلّ أسبوع.
كانت أكثر أسطورة، داوم أهالي قرية سمسم على تداولها في قريتهم، هي تلك المتعلّقة بـ “كنوز اليهود” الّذين جرى بحسب الرواية التوراتيّة طردهم وسبيهم في زمن حكم الرومان، إذ اعتقد أهالي سمسم بأنّ تلك الكنوز تركت في قريتهم، ومدفونة تحت مقام النبيّ دانيال تحديدًا، كما لو أنّ دانيال النبيّ رصدا عليها، وقد اعتقد اليهود المستوطنون في قضاء غزّة بذلك منذ قبل النكبة، وكان أوّل ما فعله الصهاينة بعد احتلال القرية وطرد أهلها عام 1948، هو نسف مقام النبيّ دانيال بحثًا عن تلك الكنوز يقول الحاجّ سليمان الشعابين (22).
أمّا مقام قبر الشيخ عرفج، الواقع تحت شجرة سدر، في الجهة الشماليّة من القرية، والّذي ظلّ قائمًا إلى ما بعد النكبة. ويقال إنّ جماعة بدو من خارج سمسم يعود نسبهم إلى قبيلة العقبيّ، كانت تزور هذا المقام مرّة في كلّ عام (23). كما عرف أهالي سمسم مقامات أخرى، منها مقام وسبيل الشيخ محمّد الكباكي، الواقع في خربة أبي فتّون الأثريّة، هذا وفضلًا عن الخرب القديمة الكفريّة في القرية، مثل: خربة عامودًا، خربة حربيّة وزيتا، وخربة البابليّة والمقبرة الرومانيّة في منطقة شعفة المغر.
من ذاكرة اللثام العربيّ
موجوعة ذاكرة سمسم في حكايتها مع قسوة الحرب والغياب، منذ حرب تركيّا (الحرب الكبرى 1914 – 1918) أيّام السفر برلك، حيث سحبت الجندرمة الأتراك ما لا يقلّ عن 12 شخصًا من أبناء القرية، ذهبوا جميعًا وانقطعت أخبارهم بلا رجعة، باستثناء ثلاثة كتب لهم عمر جديد وعادوا، هم: موسى بدران، عبد القادر خضر درابيه وعبد الرازق عبد الفتّاح درابيه (24).
لم تتخلّف سمسم يومًا عن واجب الدم، منذ أن استعمر البريطانيّون البلاد، وقد شاركوا أبناء بلادهم في أحداث سنة 1921، وفي ثورة البراق سنة 1929، والتحقوا في صفوف الثورة الفلسطينيّة الكبرى 1936 – 1939 حين اندلعت، وكانت سمسم من أولى قرى ريف غزّة الّتي نشطت في جمع التبرّعات والإعانات للثورة بقناطير القمح وحبّ الغلال، فضلًا عن المصاغ والمال. كما شارك أبناء قرية سمسم في الحملة المشهورة مع ثوّار منطقتي غزّة والرملة بخلع دوامر وقضبان سكّة حديد القطار ما بين يافا وغزّة أيّام الثورة،
غير أنّ الوجه النضاليّ لقرية سمسم، ظلّ متّصلًا بابنها وقائد فصيلها الشيخ أبو علي سليمان عبد القادر أبو حمام، الّذي أسندت إليه مهامّ قائد فصيل، وقائد منطقة متجوّل (25). كانت كلّ أشكال الدعم والإسناد الّتي تقدّمها القرية للثوّار بإيعاز من الشيخ أبو حمّام، خصوصًا ذلك الإسناد المتعلّق بإيواء الثوّار والمطاردين وتقديم الطعام والمؤونة لهم، وقد تعرّضت القرية للتفتيش والطوق العسكريّ غير مرّة، وقد دمّرت ناقلات الجند ودبّاباتهم حواكير وحقول القرية خلالها.
في صباح يوم الأربعاء الموافق 23 شباط/ فبراير 1938، نفّذت سلطات الاستعمار البريطانيّ حكمًا بالإعدام شنقًا على ابن قرية سمسم رمضان عبد القادر أبو حمام في سجن عكّا المركزيّ، كان الشهيد أبو حمام قد بلغ الـ 35 من عمره في حينه. صادق القائد العامّ للجيش البريطانيّ على حكم إعدامه، بتهمة محاولة اغتيال نائب مدير سجن عكّا واقتحامه لتحرير عدد من رفاقه الثوّار المحكوم عليهم بالإعدام، وبحوزته مسدّس وذخيرة، وبعد شنق رمضان استلم أهالي عكّا جثمانه ووري الثرى في مقبرة المدينة (26). وقد اشتهر رمضان أبو حمام في منطقة شمال فلسطين، وعرف بين رفاقه الثوّار بلقب “الملثّم العربيّ” خصوصًا أنّه شقيق القائد سليمان عبد القادر أبو حمّام.
نكبة سمسم واستيطانها
في الأعوام السابقة على النكبة، شهدت قرية سمسم اشتباكًا دار بين أبنائها ويهود مستوطنة “جفارعام” الّتي أقيمت على أراضي قرية سمسم قبل النكبة. وذلك بعد أن قام حرّاس المستوطنة المسلّحين بإطلاق النار في آب/ أغسطس 1946 على الفتى وابن قرية سمسم عبد السلام عابد عابد، ممّا أدّى إلى استشهاده، وبحسب الروايات فإنّ عبد السلام عابد قد اعترض طريقه مستوطنو الكيبوتس أثناء عودته من المجدل بصحبة عدد من رفاقه (27).
في أحداث الطرد والنكبة من سنة 1948، وتحديدًا في يوم 12 أيّار/مايو قامت قوّات البالماح الصهيونيّة في إطار ما يعرف بعمليّة “براك” باحتلال قرية سمسم ومعها ثماني قرى أخرى من قضاء غزّة. وممّا يتذكّره أهالي القرية عن تلك الأحداث، ذهاب السيّد سليمان أحمد عوّاد ابن قرية سمسم إلى مصر عبر القطار لشراء بواريد وذخيرة منها، وقد عاد ومعه 20 بندقيّة باعها لأبناء القرية، والبعض يقول بأنّه جلب 50 بندقيّة وصندوقين من الذخيرة (28). وقد شارك أبناء قرية سمسم في أكثر من معركة عام النكبة مثل معركة برير، وأخرى وقعت على أرض قريتهم، منها يوم معركة الكبانيّة (مستعمرة) المقامة على أراضي قرية هوج، حيث هاجم ثلاثة مقاومون هم: سليمان فرج اللّه ويوسف الكتري ومصباح أبو غانم مستوطنة “جفارعام” واستشهد خلالها مصباح أبو غانم، وهو من قرية دمرة (29).
دافع أهالي سمسم عن قريتهم، حتّى حين دخلها الصهاينة يوم 13 أيّار/مايو بإحدى عشرة مصفّحة، وهدّدوا أهلها بمصير قرية برير إن لم يسلّموا سلاحهم. طرد السماسنة من قريتهم في ذلك اليوم، وانتقل مسلّحو القرية إلى القرى المجاورة (دير سنيد ودمرة)، ثمّ لحقوا بأهاليهم النازحين – اللاجئين إلى بيت حانون وبيت لاهيًا حيث ظلّوا فيها لاجئين إلى يومنا.
كانت أوّل مستعمرة أقامها الصهاينة على أراضي سمسم، هي “كفارعام” سنة 1942، وكان أهالي القرية والمنطقة يطلقون عليها اسم “محار-سمسم” (30)، استوطنها مهاجرون يهود من تشيكوسلوفاكيا والنمسا وهولندا. وبعد احتلال سمسم، وتهجير أهلها أقام الصهاينة على أراضي القرية في سنة 1957، مستعمرة “أور هنير”.
كمثل كبد الشنار
حين سئل الحاجّ سليمان الشعابين ابن قرية سمسم في مقابلة معه، عن تربة أراضي قريته، أجاب: كانت حمرا مثل كبد الشنار”(31). هكذا كان يشبه أهالي سمسم تراب قريتهم من شدّة حماره القاني بكبد طائر الشنار أي الحجل، خصوصًا كلّما كان مطر كوانين، يجرى باتّجاه سمسم عبر أوديتها ليشطف ماؤه تراب أراضي سمسم.
ولمّا هجر أهالي القرية من سمسمهم في النكبة، ظلّوا يتذكّرون في يوم خروجهم منها، دم نزهة بنت سعيد زيدان مسفوحًا على قارعة الطريق. كانت نزهة طفلة ما تزال رضيعة حين قتلها الصهاينة وهي على ذراع أمّها هند أبو عون، وظلّ لون دمها مسترخيًا يشجّ ذاكرة كلّ من رآها من أهلها، أحمر بلون عطش تراب أيّار سمسم، وقانيًا مثل كبد الشنار.
الهوامش:
1 _ قرية سمسم، مقالة منشورة على موقع وكالة قدس نت.
2 _ أحمد، سامي يوسف، قرية سمسم المحتلّة: الأرض الهويّة والتاريخ، عمادة البحث العلميّ جامعة القدس المفتوحة، رام اللّه، 2018، ص26.
3 _ عن ذلك، راجع: سكيك، إبراهيم خليل، غزّة عبر التاريخ: من أقدم العصور حتّى الفتح الإسلاميّ، ج6، ص 76-77.
4 _ أبو العون، جمال إسماعيل، مقابلة شفويّة، سمسم-غزّة، موقع فلسطين في الذاكرة: ضمن مشروع تدوين الذاكرة الشفويّة للنكبة الفلسطينيّة، تاريخ 6-4-2008.
5 _ أحمد، سامي يوسف، المرجع السابق، ص 47.
6 _ المرجع السابق، ص47.
7 _ الشعابين، سليمان، مقابلة شفويّة، سمسم-غزّة، موقع فلسطين في الذاكرة: ضمن مشروع تدوين الذاكرة الشفويّة للنكبة الفلسطينيّة، تاريخ 14-11-2008.
8 _ المقابلة السابقة.
9 _ المقابلة السابقة.
10 _ أحمد، سامي يوسف، قرية سمسم المحتلّة…، ص84.
11_ المرجع السابق، ص38.
12_ أبو العون، المقابلة السابقة.
13_ أحمد، سامي يوسف، المرجع السابق، ص38.
14_ المرجع السابق، ص39.
15 _ الشعابين، سليمان، المقابلة السابقة.
16 _ أحمد، سامي يوسف، المرجع السابق، ص65.
17_ المرجع السابق، ص66.
18_ المرجع السابق، ص62.
19_ الشعابين، المقابلة السابقة.
20 _ أحمد، سامي يوسف، المرجع السابق، ص72.
21 _ أبو العون، المقابلة السابقة.
22 _ الشعابين، المقابلة السابقة.
23 _ أبو العون، المقابلة السابقة.
24 _ أحمد، سامي يوسف، المرجع السابق، ص64.
25 _ المرجع السابق، ص199.
26 _ المرجع السابق، ص200.
27 _ المرجع السابق، 202.
28 _ المرجع السابق، ص204.
29 _ المرجع السابق، ص209.
30 _ المرجع السابق، ص132.
31 _ الشعابين، المقابلة السابقة.
المصدر: عرب 48