الحرب على غزة تلقي بظلالها على الأسرة العربية
الخبيرة النفسية والمعالجة الأسرية، صابرين أسدي: “سياسة التخويف بشكل عام وقمع الحريات وعدم قدرة الإنسان على التعبير عن رأيه ومشاعره بالطريقة التي يرغب من خلالها تفريغ الاحتقان الداخلي من شأنها أن تخلق آثارًا نفسية سلبية”.
آثار القصف الإسرائيلي على غزة (الأناضول)
لا تزال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، منذ 67 يوما، تُلقي بظلالها على مختلف نواحي حياة المواطنين العرب في البلاد، ما يعمّق الأزمات الاجتماعية والأسرية ويسبّب توترات واضطرابات نفسية وإشكالات داخل العائلة والحياة المعيشية.
وأكدت الخبيرة النفسية والمعالجة الأسرية، صابرين أسدي، أن “بعض ملامح هذه الآثار والتداعيات التي تخلفها الحروب والمشاهد المروعة تبدو واضحة في المجتمع العربي”.
وقالت أسدي لـ”عرب 48” إنه “بدون أدنى شك، تترك الأزمات والمحن في حالات الحروب والكوارث الطبيعية آثارا وخيمة وعميقة على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية للأفراد وداخل الأسر والعائلات من اضطرابات وتداعيات اقتصادية ونفسية واجتماعية على حياة الناس عموما، سواء على المدى القريب أو البعيد كما على مختلف مناحي حياة الناس، زد إلى جانب ذلك أن قمع الحريات والتخويف والترهيب وعدم إعطاء الإنسان حرية التعبير عن رأيه والتنفيس عن الاحتقان الداخلي في مثل هذه الحالات له تأثير كبير على الفرد وعلى الحالة النفسية وآثاره تنعكس عليه مستقبلا”.
وأضافت الخبيرة النفسية والمعالجة الأسرية أن “سياسة التخويف بشكل عام وقمع الحريات العامة وعدم قدرة الإنسان على التعبير عن رأيه ومشاعره بالطريقة التي يرغب من خلالها تفريغ الاحتقان الداخلي من شأنها أن تخلق آثارًا نفسية سلبية بما في ذلك ارتفاع مستويات التوتر والقلق والاضطراب النفسي. وقد يعاني الأفراد تحت هذه الظروف من شعور بالإحباط الدائم مما يزيد عصبية الفرد ويؤثر سلبا على مجالات مختلفة في حياته، ومن الواضح في هذه الفترة العصيبة أن الكثير من الأفراد والأُسر فقدت الشعور بالأمن والأمان”.
وأكدت أن “مشاهد القتل والدمار التي تخلفها حالة الحروب والأوضاع الصعبة التي نمر بها، منذ ما يزيد عن شهرين، تترك آثارا كبيرة على الأفراد والأُسر، حيث يمكن أن يؤدي الشعور بانعدام الأمان وفقدان السيطرة لتأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة على الصعيد الشخصي، والزوجي، والأسري، على المديين القريب والبعيد. يمكن أن يشعر الأفراد والأُسر العربية بالقلق المستمر والخوف بسبب التهديد المحتمل لحياتهم وقد يزداد، ويتفاقم هذا القلق والخوف مع ارتفاع وزيادة الشعور بفقدان السيطرة ما يعني أنه كلما شعرنا بأننا فقدنا السيطرة على الأمور كلما ازاد القلق والتوتر، وكذلك عدم القدرة على التركيز والقيام بأبسط الأمور المطلوبة منا كأفراد وأزواج وأهال. وطبعا إن تزايد منسوب القلق يمكن أن يصل إلى نوبات هلع تحتاج علاجا فوريا. وعلى مستوى الأسرة ومع استمرار الحرب تزداد التحديات أكثر مما يقتضي متابعة أفراد الأسرة عندما نلاحظ حالات اضطراب نفسي بشكل متزايد لأفراد العائلة قبل أن تصل لأزمة ومحنة وحالة اكتئاب”.
وختمت أسدي بالقول إنه “من المهم أن يتصرف البالغون تجاه أنفسهم وتجاه بعضهم البعض بهذه الطريقة. وأيضا من المهم أن يتصرف البالغون تجاه الأطفال وفاقدي الأهلية بهذه الطريقة. من المحتمل أن يحتاج البالغون تكرار هذه التأكيدات مرات ومرات مع القاصرين. وللجمهور الواسع، من المهم سماع الأخبار حتى يعرف الإنسان ما يحدث حوله، ولكن ليس من المفيد نفسيا وعاطفيا وذهنيا الالتصاق بمصادر المعلومات من تلفزيون وراديو ووسائل تواصل على مدار اليوم. هذا الغمر السلبي يؤذي الصحة النفسية. ولمن ينقطع عن العمل في هذه الفترة، هذه مناسبة متاحة لقضاء الوقت مع الأطفال وباقي أفراد العائلة”.
المصدر: عرب 48