محللون إسرائيليون: “وحل غزة بات واقعا”
الجيش الإسرائيلي يعتزم زج مزيد من قواته في القطاع، فيما احتكاك قواته مع المقاومة يتزايد. ومقاتلو حماس يخرجون من الأنفاق ويستهدفون القوات الإسرائيلية ويعودون إلى أنفاقهم قبل أن ترصدهم القوات، وذلك في المناطق التي يسيطر عليها الجيش أيضا
قوات إسرائيلي في شمال القطاع، أمس (أ.ب.)
يقسم الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية البرية في قطاع غزة إلى قسمين. قسم يسيطر عليه عسكريا وعملياتيا، والقسم الآخر لم يسيطر عليه حتى الآن. إلا أن الجيش يواجه مقاومة شديدة في كلا القسمين ويتكبد خسائر بجنود قتلى يوميا، وفق ما أفاد المحللون العسكريون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الأحد.
ووصف المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، بأن “وحل غزة” تحول في نهاية الأسبوع الماضي من “عبارة فضفاضة إلى واقع معقد وصعب في قطاع غزة”.
وأشار إلى أن “حالة الطقس العاصفة أضافت مصاعب إلى سلسلة معارك وجها لوجه، إطلاق قذائف مضادة للمدرعات وإلقاء عبوات ناسفة، إلى جانب التخوف من إطلاق نيران صديقة. وهذا هو السيناريو الذي استعد له العدو الذي يختبئ في الأنفاق، يفخخ بيوت ويطلق قذائف مضادة للمدرعات. وهذه الظروف واستعدادات حماس تقود إلى أننا ندفع وسندفع أثمانا باهظة في مهمة احتلال الأرض… كي يتمكن سكان النقب الغربي من العودة إلى بيوتهم”.
وأضاف يهوشواع أن “الحقيقة البسيطة هي أن القصف الجوي والمدفعي وحدهما لن يحققا هذه النتيجة”. ونقل عن ضابط إسرائيلي قوله إن “حماس تميل أقل إلى مواجهة مباشرة أو شن اقتحامات منظمة، وتفضل تنفيذ إطلاق نار وزرع ألغام ضد آليات وهدم مبان على قوات الجيش الإسرائيلي”.
وتابع أن “المواجهات الشديدة في غزة، في نهاية الأسبوع الماضي، كانت منتشرة من حيث طبيعتها وجغرافيتها. وهذه معركة عنيدة صعبة والتمترس في عدة مناطق. وأقوال حول انتهاء العملية العسكرية بعد أسابيع، تشجع حماس على الصمود لأن الجيش الإسرائيلي يوشك على التنازل. وفي قيادة الجيش يقولون إن القتال سيستمر لفترة طويلة جدا وستتحقق الأهداف في النهاية، لكن ليس من دون ثمن باهظ”.
وحسب المحلل العسكري في صحيفة “معاريف”، طال ليف رام، فإن الجيش الإسرائيلي سيدخل قوات أخرى إلى القطاع. “ومثلما هو الحال في شمال القطاع ومدينة غزة، فإن شبكة الأنفاق التي يخرج منها مقاتلو حماس في محاولة لاستهداف القوات، هي التحدي الأكثر تعقيدا بالنسبة للقوات”.
ولفت إلى أن مواجهات دارت في الأيام الأخيرة “في مناطق تخضع لسيطرة عملياتية لقوات الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع، وفيما قوات حماس تعمل بمميزات حرب عصابات، والتهديد المركزي على القوات هو تهديد المناطق المفخخة، البيوت ومخارج الأنفاق المفخخة”.
وأضاف أن “إطلاق القذائف المضادة للمدرعات يتواصل كميزة مركزية أخرى في قتال حرب العصابات الذي تنفذه حماس، وفي أحيان كثيرة يُنفذ ذلك بعدما يخرج مقاتل من نفق ويطلق قذيفة مضادة للمدرعات ويحاول العودة بسرعة إلى النفق، قبل أن ينجح الجنود الإسرائيليين برصده واستهدافه”.
كذلك أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن “المقاومة شديدة للغاية في الأماكن التي لم تتحقق فيها سيطرة إسرائيلية. وكذلك في الأماكن التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي، تتواصل محاولات حماس لاستهداف القوات”.
وأفاد بأن “منظومة الأنفاق لا تزال تعمل. ومعظم الهجمات المضادة من جانب حماس تتم بأساليب حرب عصابات وبحجم صغير، وهدفها تحقيق نتائج متراكمة. وأسلوب القتال يشمل نيران قناصة، إطلاق قذائف مضادة للمدرعات وتفجير عبوات ناسفة. ويتم إحباط معظم هذه الهجمات، لكن تلك التي تنجح كافية كي تجبي ثمنا يوميا من الخسائر للجيش الإسرائيلي”.
وحسب هرئيل، فإن “الاحتكاك الأكبر جار في جنوب القطاع”. وأضاف أن الفرقة العسكرية الإسرائيلية 98 تنفذ “ما يشبه عملية خاصة في محاولة لاستهداف قادة حماس، وحسب التصريحات الرسمية للجيش الإسرائيلي. وهناك مؤشرات على بدء عمليات إسرائيلية في مخيمات اللاجئين في وسط القطاع أيضا”.
وأشار إلى أن “قناعة شديدة لدى عائلات الجنود القتلى بعدالة الطريق”. وادعى أن “الجنود الذين قتلوا، من القوات النظامية والاحتياط، خرجوا إلى الحرب في 7 أكتوبر بشعور قوي بعدم وجود خيار آخر. وبمفهوم كثيرين منهم، ثمة حاجة إلى توجيه ضربة شديدة لحماس، وبضمن ذلك عملية برية واسعة في القطاع، من أجل محاولة تقليص شيء من الضرر الرهيب الذي أحدثه الهجوم الإرهابي، وتحسين الوضع الأمني في جنوب البلاد وإنشاء ظروف لإعادة المخطوفين”.
إلا أن هرئيل لفت إلى أنه “بعد شهرين ونصف الشهر لا تزال عدالة الحرب كما هي. لكن مع مرور الوقت، سيواجه الجمهور صعوبة في تجاهل الثمن الباهظ، وكذلك التشكيك في أن أهداف الحرب التي أعلِنت بصوت مرتفع لا تزال بعيدة عن التحقيق، وحماس لا تظهر مؤشرات على الاستسلام في المدى القريب”.
واعتبر أنه “في خلفية ذلك ستتعالى بشكل ملحّ أكثر مسألة ما إذا حان الوقت للانتقال إلى المرحلة الثالثة للعملية العسكرية، وفي مركزها إعادة الانتشار قرب الحدود، تقليص معين للقوات والتركيز على اقتحامات ألوية لأراضي القطاع. ولا تزال قيادة المنطقة الجنوبية تعتقد أنه توجد عدة مهمات ملحة ينبغي تنفيذها في الفترة القريبة، قبل إجراء تغيير في شكل العملية العسكرية. ورغم ذلك، أخذ يتضح أن المطلوب هو إجراء تغيير كهذا”.
المصدر: عرب 48