مسيحيو غزة يحيون الميلاد بالصلاة من أجل انتهاء الحرب
في ليلة الميلاد، لم يتوقف القصف في القطاع الفلسطيني للحظة. “في الحرب لا أحد يشعر بروح الأعياد، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات… نصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت”.
خلال قداس الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة بدير اللاتين (Getty Images)
أدى مسيحيون في قطاع غزة، قداس منتصف الليل الأحد – الإثنين، في كنيسة العائلة المقدسة بمجمع دير اللاتين وسط مدينة غزة، ضمن الطقوس الدينية المرافقة لعيد الميلاد، حسب التقويم الغربي.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
ويحتفل المسيحيون الكاثوليك بالعيد ليلة 24 – 25 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام بحسب التقويم الغربي، فيما تحتفل الطوائف الشرقية في 7 كانون الثاني/ يناير سنويا.
وجاء عيد الميلاد هذا العام دون مظاهر احتفالات وعلى وقع قصف إسرائيلي مكثف جعل ليلة الإثنين، واحدة من أعنف ليالي الحرب التي تمر على قطاع غزة.
وقالت الأخت نبيلة صالح (47 عاما) الموجودة في كنيسة العائلة المقدسة بدير اللاتين بالبلدة القديمة وسط مدينة غزة: “تم إلغاء كافة الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة واقتصارها على الصلوات”.
أضافت “كيف نعيد وبلدي مجروح؟ كيف نعيد وبلدي مدمر وأهلي مشردين وإخوتي في الوطن حزانى، وشهداؤنا لم تدفن في الشوارع وآخرين منهم تحت الأنقاض؟”.
وقال الفلسطيني أنطوان عياد، أحد المشاركين في قداس الليلة الماضية إن الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام “اقتصر على الطقوس الدينية فقط”.
وأضاف عياد: “عيد ميلاد المسيح فرح وسعادة لنا لكن هذا العام الوضع مختلف نحن نعيش في أسوأ كارثة إنسانية ولدينا شهداء وجرحى ودمار في كنائسنا بسبب الاحتلال الإسرائيلي”.
وتابع: “نحن نؤدي الصلاة من أجل أن يحل السلام على غزة وتنتهي هذه الحرب الجنونية. لقد فقدنا شهداء في الحرم الكنيسي بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي كنيسة القديس برفيروس في حي الزيتون قبل نحو شهرين”.
وتابع أن “الحزن يسكن قلوبنا ونناشد العالم بأن يساعدنا من أجل التخلص من أهوال هذه الحرب”.
واعتاد الفلسطينيون في غزة على نصب شجرة الميلاد في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة، كل عام في مثل هذا الوقت من العام، وتعليق الزينة وتزيين الكنائس وتوزيع الحلوى.
لكن هذا العام كان المشهد مختلفا فغابت شجرة الميلاد عن ساحات وطرقات غزة التي دمرتها الآليات العسكرية الإسرائيلية، كما أن كنيسة القديس “برفيروس” الأشهر في غزة، مدمرة بشكل جزئي بفعل القصف، وغابت أي طقوس احتفالية أخرى.
كما كانت الليلة الماضية وهي ليلة العيد، إحدى أعنف ليالي الحرب بعد أن كثف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية والمدفعية على جميع مناطق القطاع، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وكغيره من المسيحيين، يمضي الفلسطيني فادي صايغ (20 عاما) عيد الميلاد هذا العام في مدينة خانيونس عوضا عن زيارة الأماكن المقدسة.
وقال أثناء خضوعه لجلسة غسيل كلى في مستشفى في خانيونس “في هذه الأوقات من كل عام نكون في القدس، وبيت لحم ورام الله نحتفل مع عائلاتنا وأقاربنا”.
وأضاف “كان يجب أن نكون نصلي الآن ونزور الأماكن المقدسة لكننا تحت القصف والحرب، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات”.
وتابع “أصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت”.
وكانت بطريركية اللاتين قد أعلنت في وقت سابق هذا الشهر، أن امرأة وابنتها من المسيحيين قتلتا برصاص إسرائيلي في باحة كنيسة العائلة المقدسة.
وأحيت مدينة بيت لحم ليل الأحد، عيد ميلاد السيد المسيح، بحزن وصمت، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
وغابت مظاهر العيد في كنيسة المهد حيث تمت الاستعاضة عنها بالصلوات والدعوات لحلول السلام بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب الأكثر حصدا للأرواح في تاريخ الحروب بين الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
وألغت بلدية بيت لحم الاحتفالات على خلفية الحرب في غزة. وغابت شجرة الميلاد ومظاهر الفرح في المدينة التي كان العيد يجذب إليها الآلاف سنويا.
وفي رسالة الميلاد، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في ساعة متأخرة من ليل الإثنين: “يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد، بيت لحم، تعيش حزنا لم تره قبل هذا اليوم، قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفال فلسطين، وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منهم، حيث لم يسلم أحد من أبناء شعبنا، النساء والرجال وكبار السن، من هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير آلاف البيوت، ما يذكرنا بما حدث في نكبة عام 1948”.
وأضاف: “أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، بأن عذاباتكم، وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وأن شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، آتية لا محالة، بل إنها قاب قوسين أو أدنى”.
ويعيش في غزة نحو 1000 مسيحي من مجموع سكان القطاع البالغ قرابة مليوني نسمة، يتبع نحو 70% منهم طائفة الروم الأرثوذكس، التي تمتلك كنيسة مركزية في مدينة القدس، فيما يتبع البقية طائفة اللاتين الكاثوليك.
من جهته، وصل بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا، إلى باحة كنيسة المهد واضعا الكوفية الفلسطينية حول عنقه.
وقال البطريرك “قلوبنا مع غزة، إلى كل الناس في غزة، لكن على وجه الخصوص إلى رعيتنا المسيحية في غزة التي تعاني، لكننا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني”.
وتابع “نحنا هنا لنصلّي ونطلب ليس فقط وقفا لإطلاق النار، وقف إطلاق النار ليس كافيا، علينا أن نوقف هذه الأعمال العدائية وأن نطوي الصفحة لأن العنف لا يولّد إلا العنف”.
المصدر: عرب 48