القوات الإسرائيلية أحرقت مئات المباني ومحتوياتها بقطاع غزة
تقرير: الجنود الإسرائيليون يضرمون النار بالمباني ومحتوياتها، والتي تبقى مشتعلة حتى إتلافها كليا ولا يكون بالإمكان استخدامها. وجنود ينشرون في الشبكات الاجتماعية مواد توثق إحراق المباني انتقاما لمقتل زملاء لهم لهجوم “طوفان الأقصى”
حريق بمقر للأنروا في خانيونس بعد غارة إسرائيلية، الأسبوع الماضي (Getty Images)
أحرقت القوات الإسرائيلية مئات المباني في قطاع غزة، الشهر الفائت، بموجب تعليمات من الضباط الميدانيين، “ومن دون المصادقة القانونية المطلوبة”، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الخميس. وذلك إلى جانب تفجير الجيش الإسرائيلي آلاف المباني على طول الجدار المحيط بقطاع غزة بادعاء إقامة “منطقة عازلة”.
ويضرم الجنود الإسرائيليون النار بالمباني ومحتوياتها، والتي تبقى مشتعلة حتى إتلافها كليا ولا يكون بالإمكان استخدامها.
وعقب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن “تفجير وتدمير مبان يتم بوسائل مصادق عليها. وسيتم فحص الأعمال التي نُفذت بطرق أخرى خلال الحرب”. لكن المتبع في الجيش الإسرائيلي أنه لا تتم محاسبة الجنود والضباط الذين يخالفون الأوامر الرسمية، أو فرض عقوبات متساهلة للغاية في أفضل الأحوال.
وادعى أحد الضباط الإسرائيليين الذي يقود قوات في القطاع، أنه يتم إحراق مبان تم جمع معلومات استخباراتية بشأنها. وأضاف حول إحراق مبنى معين في المنطقة التي تتواجد قواته فيها، أنه “على ما يبدو أنه كانت هناك معلومات حول مال البيت، أو أنه تم العثور على شيء ما هناك. ولا أعلم بالضبط سبب إحراق البيت”، حسبما نقلت الصحيفة عنه.
وأكد ثلاثة ضباط يشاركون في القتال داخل القطاع أن إحراق المباني بات “طريقة عمل منتشرة”. وأصدر ضابط في كتيبة عسكرية، قبل انتهاء عملياتها في القطاع، تعليمات للجنود، قائلا: “أخرجوا أغراضكم من البيت، وجهزوه لإضرام النار فيه”.
وقال أحد الضباط إنه “نضرم النار في البيوت التي تواجدنا فيها أيضا، عندما نغادرها ونتقدم إلى الأمام”، وفق ما نقلت الصحيفة عنه.
ونشر جنود مؤخرا مواد توثق إحراق المباني في القطاع من خلال الشبكات الاجتماعية. وأشارت الصحيفة إلى أنه في بعض الحالات، أحرق جنود إسرائيليون مبان انتقاما لمقتل زملاء لهم وكذلك انتقاما لهجوم “طوفان الأقصى”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وكتب أحد الجنود الإسرائيليين في منشور أن “فصيلا معينا يقتحم مبان في المنطقة يوميا. والبيوت مدمرة ومحتلة. وتبقى الآن تفتيشها بشكل دقيق. داخل الأرائك. خلف الخزائن. أسلحة، معلومات استخباراتية، فتحات أنفاق ومنصات إطلاق قذائف صاروخية. وقد عثرنا على هذا كلّه. وفي النهاية نحرق البيت ومحتوياته كلها”.
وأفادت الصحيفة بأن جنودا كتبوا على حائط منزل قبل مغادرته للجنود الذين سيحلون مكانهم: “لن نحرق البيت كي تستمتعوا به، وستعلمون ماذا ستفعلون عندما تغادرونه”. ووثق جندي ذلك بصورة نشرها في شبكة اجتماعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بتدمير بيوت في القطاع منذ بداية الحرب على غزة، بادعاء أنها تعود لمقاتلين في حركة حماس ومواطنين غزيين شاركوا في هجوم “طوفان الأقصى”. كذلك جرى هدم مبان سكنية بادعاء أنه تتواجد فيها مقرات لحماس أو تم اكتشاف فتحة نفق بقربها.
والدمار الذي زرعه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة رهيب وغير مسبوق حتى مقارنة بحروب أخرى في العالم كله. وأظهر تحليل لصور أقمار اصطناعية، نشرته BBC البريطانية، أن ما بين 144 – 170 ألف مبنى تضرر في القطاع خلال الحرب الحالية. وذكر تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، الشهر الفائت، أن مناطق بأكملها دُمرت في بيت حانون وجباليا وضاحية الكرامة في مدينة غزة، وأن الجيش الإسرائيلي حوالي 350 مدرسة و170 مسجدا وكنيسة.
وفي أعقاب الدمار الرهيب الذي لحق بقطاع غزة، تجري مداولات في أوساط أكاديمية في العالم حول إمكانية اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة “إبادة بلد” (Domicide)، وتعني تدمير مبان كعقاب جماعي لسكان منطقة بشكل لا يسمح بإعادة إعمار وإسكان.
وأشارت الصحيفة إلى وجود تخوف في إسرائيل من أن هذه المداولات حول جريمة “إبادة بلد” ستدفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل. وشددت الصحيفة على أنه في الجيش الإسرائيلي يدركون أن عمليات إحراق المباني في القطاع من أجل هدمها من شأنه أن “يضع جهاز القضاء الإسرائيلي أمام مشكلة صعبة مقابل الولايات المتحدة، وكذلك مقابل محكمة العدل الدولية في لاهاي”.
المصدر: عرب 48