وينسلاند لسوا : المانحون لن يستمروا بالدفع لإعادة بناء غزة مرارا وتكرارا
زار منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند ، يوم الاثنين 19 فبراير 2024 ، قطاع غزة ، محذرا من شن أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد مدينة رفح التي يتواجد بها حاليا 1.4 نازح فلسطيني.
أجرت لقاءً ، مع وينسلاند خلال زيارته لقطاع غزة ، إذ قال إن ما شاهده بنفسه هنا يفوق الخيال ، وأن ما رآه وسمعه من النازحين داخليا كان مروعا.
وأضاف :” يمكنك أن ترى اليأس، والخوف من عدم اليقين، لقد تعرضوا للقصف والتهجير المتكرر، إنهم يشعرون، وهم محقون في ذلك، أن العالم قد تخلى عنهم وفشل في وضع حد لهذا العنف”.
وأوضح وينسلاند أن الأولوية الآن هي لوضع حد لهذه الحرب المدمرة من خلال وقف إطلاق نار إنساني فوري ، والسماح بوصول آمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية والعاملين داخل غزة حتى تتمكن الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني من تقديم المساعدة للأشخاص المحتاجين أينما كانوا ، وكذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن ( الأسرى الإسرائيليين) في غزة.
ودعا المنسق الأممي لمعاملة الأسرى الإسرائيليين معاملة إنسانية والسماح لهم بتلقي الزيارات والمساعدة من منظمة الصليب الأحمر.
وأكد وينسلاند ل أنه ومنذ بداية الحرب على غزة حافظ على اتصالاته الوثيقة مع المسؤولين الأمريكيين والقطريين والمصريين واللبنانيين والإيرانيين بشأن الجهود الرامية الى إنهاء الأعمال العدائية بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن ، مبينا أن سيواصل بذل كل الجهود للمساهمة في تحقيق هذه الغاية.
وقال :” في خضم هذه الأوقات العصيبة، يجب علينا أيضًا التركيز على بناء غد أفضل للأجيال القادمة ، وفي النهاية سوف تصمت البنادق ، سيتعين علينا نحن الأمم المتحدة وشركاؤنا، بما في ذلك الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية، أن نتحد ونعمل معًا لاستعادة الأمل في مستقبل أفضل وأكثر سلامًا للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، وكذلك للإسرائيليين”.
وتابع المنسق الأممي :” بدون حل سياسي حقيقي، أخشى أننا نزرع فقط بذور الصراع المدمر القادم(..) أعلم أن الفلسطينيون لا يستطيعون تحمل المزيد من الدمار والتهجير، وأعلم أن الجهات المانحة لن تستمر في الدفع لإعادة بناء غزة مراراً وتكراراً، ولهذا السبب ، ومن أجل التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني ، فمن الواضح بالنسبة لي أن حل الدولتين يظل الإمكانية الوحيدة القابلة للتطبيق لتحقيق سلام مستدام، وهذا يعني إنهاء الاحتلال، وإعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة وذات سيادة، والتي تشكل غزة جزءا لا يتجزأ منها”.
عواقب مدمرة لأي عملية عسكرية في رفح
وحذر وينسلاند من عواقب مدمرة لأي عملية عسكرية إسرائيلية ضد مدينة رفح جنوب قطاع غزة والتي يتواجد بها نحو 1.4 مليون فلسطيني حاليا ، والذين لا يملكون سوي القليل من الطعام وبالكاد يحصلون على الرعاية الطبية ولا مكان للنوم أو مكان آمن يذهبون إليه.
وقال :” لا أريد حتى أن أتخيل عواقب عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في رفح، وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب مثل هذا السيناريو، ولا توجد خطة قابلة للتطبيق لإجلاء هذا العدد الكبير من المدنيين، وإلى أين سيذهبون؟ لا يمكننا الوصول إلى الشمال(..) لقد عاش الفلسطينيون في غزة ما يكفي من المعاناة.
وبين أنه سيواصل اتصالاته النشطة مع جميع الأطراف المعنية لإنهاء هذا الكابوس الحي”.
وأكد وينسلاند ل أن الحرب تركت جميع السكان البالغ عددهم 2.2 مليون شخص يعانون من مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد ، إذ تواجه كل أربع أسر في غزة ، أي أكثر من نصف مليون شخص ظروف جوع كارثية ، ويعيش مئات الآلاف في مراكز إيواء ومستشفيات مكتظة مع نفاد الغذاء والماء.
وبين أن العمليات الإنسانية تواجه تحديات أمنية وعملياتية لا يمكن التغلب عليها تقريبا.
وأضاف :” لقد التقيت بموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الرائعين في غزة الذين يكرسون جهودهم بشكل لا يصدق للبقاء وتقديم الخدمات في هذه الظروف غير المقبولة، لكنهم بحاجة إلى الأدوات الأساسية – مثل معدات الاتصالات والمركبات المدرعة – للقيام بعملهم بسلامة وأمان”.
وقال وينسلاند :” نحن بحاجة إلى أن يقوم الإسرائيليون بتخفيف القيود المفروضة على دخول هذه المواد، وتحسين آليات منع الاشتباك، والعمل معنا لزيادة المساعدات (..) وفي هذه الظروف وفي ظل هذه الندرة، ينهار القانون والنظام، ومن الصعب جدًا إعادة بناءه بمجرد انهياره”.
وأوضح وينسلاند أنه سيواصل اتصالاته مع الأطراف ومع المجتمع الدولي لمعالجة هذه القضايا (..) قائلا :” في نهاية المطاف، ما نحتاجه حقًا هو وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإطلاق سراح الرهائن، وأي شيء أقل من ذلك هو بمثابة ضمادة على وشك أن تمتد إلى أقصى حدودها”.
اليوم التالي لحرب غزة
وحول الجهة الأفضل لإدارة شؤون قطاع غزة بعد يوم من انتهاء الحرب ، قال وينسلاند لسوا :” دعونا نصل إلى اليوم التالي ، نحن الآن في خضم حرب وواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي تواجه العالم، ويجب أن تنتهي وقريبا، ولكن عندما يتوقف القتال، علينا أن نكون مستعدين”.
وأوضح المنسق الأممي أنه يناقش اليوم التالي لحرب غزة ، بنشاط مع الأطراف والشركاء المعنيين وفي مقدمتهم السلطة الفلسطينية ، لان غزة جزء لا تجزأ من فلسطين ، ويجب أن تظل كذلك ، مبينا أنه وخلال هذه المناقشات يؤكد على بعض المبادئ الحاسمة والتي عرضها على مجلس الأمن أيضا ، لأنه يعتقد أنه من الضروري أن تشكل هذه المبادئ أي نقاش حول مستقبل غزة.
وأضاف وينسلاند لسوا :” لا يمكن أن يكون هناك حل طويل الأمد في غزة لا يكون سياسياً في الأساس، ولن يكون الأمر سهلاً ولكن لا يوجد بديل، وعلينا أيضا أن نعالج مسألة الأمن (..) فغزة لا تستطيع أن تتحمل المزيد من الأعمال العدائية والقصف والتشريد والدمار”.
وأضاف :” لا يمكننا أن نقبل أن تصبح غزة مرة أخرى بمثابة منصة لأعمال (الإرهاب) التي تستهدف الإسرائيليين أو لإطلاق الصواريخ بشكل عشوائي على المراكز السكانية الإسرائيلية، وأعتقد اعتقادا راسخا أنه من أجل مستقبل مستقر، يجب الحفاظ على سلامة أراضي غزة ويجب ألا يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد داخل القطاع”.
وتابع وينسلاند :” الأهم من ذلك أنني لا أرى أي طريق ذي مصداقية آخر غير حل الدولتين لضمان حماية الشعب الفلسطيني وأمن إسرائيل، ويتعين علينا أن نرى خطوات ملموسة على الطريق نحو تحقيق هذا الهدف الموعود منذ فترة طويلة في أقرب وقت ممكن، وينبغي أن يكون هناك أفق سياسي واضح في اليوم التالي”.
وقال المنسق الأممي :” من الأمور الحاسمة لهذه الرؤية ضمان توحيد غزة والضفة الغربية (سياسيا واقتصاديا وإداريا) وتحكمهما حكومة فلسطينية واحدة شرعية ومعترف بها دوليا ومدعومة، وسوف يتطلب ذلك إصلاحات جادة ودعماً من المجتمع الدولي، بما في ذلك المنطقة، ولكنني على ثقة من أننا نستطيع تحقيق شيء ما إذا عملنا بشكل جماعي في هذا الاتجاه”.