«أيام الغفوة» وليس «الصحوة»
لقد ولّت تلك المرحلة من اختطاف التيارات الإسلاموية للمجتمع بفضل رؤية المملكة 2030؛ التي يقودها سمو ولي العهد، واعتقد البعض أن جوهرها وأهدافها اقتصادية فقط، ولكن الرؤية كما نعيشها الآن لها جوانب اجتماعية وثقافية ودينية، والمملكة تعيش مرحلة ثورة ثقافية بمعناها الواسع تؤسس وبشكل واضح لدولة الحقوق والواجبات المصانة بالقوانين التي تصدر تباعاً.
وأتذكر إجابة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل سنوات في مؤتمر اقتصادي بالعاصمة السعودية، عندما قال «إننا كنا نعيش حياة طبيعية قبل 1979، والآن نحن نعود إليها في مشروع الرؤية إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم». وشدد سموه على أن 70% من الشعب السعودي أعمارهم أقل من ثلاثين سنة، ولن نضيع ثلاثين عاماً في التعامل مع أفكار متطرفة، سوف ندمرهم تماماً.
هذه هي رؤية عراب الرؤية في الفكر الذي تسير عليه بلادنا منذ سنوات، ومعه أفكار، وهمة وإيمان شباب الوطن من الرجال والنساء، ومن يشهد العمل الذي يجري في وطننا يتضح له أن هذه الرؤية هي بمثابة أيديولوجيا واقعية وخارطة طريق تسير عليها جميع الأجهزة الحكومية وفي القطاع الخاص أساسها في المقام الأول الإنسان ومصالح الوطن العليا.
سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان قال بشكل واضح وصريح في كلمة له بمؤتمر مبادرة القدرات البشرية بالرياض: إن العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية عشنا في مرحلة (غفوة) وليس صحوة، أو كما سماها سموه (الصندوق الأسود)، أو الفترة السوداء، من حيث إقصاء المرأة السعودية من المشاركة في أغلب المجالات، وإن حدث ذلك فهو بنسبة قليلة جدا بدواعي واهية؛ مثل أن المرأة لا تملك الموهبة وقوة التحمل والقدرة على الإبداع.
من دلائل ارتفاع حضور المرأة في المملكة وصول نسبة مشاركة المرأة في قوة سوق العمل لنسبة 35.9% في الربع الرابع لعام 2023م، مثل هذه الأرقام والخطاب الواضح والصريح تجاه القوى الظلامية المتسترة بستار الدين تؤكد أن مشروع الرؤية بكل جوانبه، وخاصة الاجتماعية والاقتصادية، يواصل السير في الاتجاه الصحيح ويحقق أهدافه، بل إن بعض المستهدفات قد تم تحقيقها قبل عام 2030؛ ومنها نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل.
خطابات وتأكيدات سمو ولي العهد تجاه مشاريع المملكة وما تحمله من تطلعات للشباب وشابات الوطن تعطينا الثقة أن الاستثمار البشري وتنميته هو عصب الاقتصاد الوطني؛ الذي يحتل الصدارة في مشاريع الرؤية.
وحديث سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان بهذا الوضوح يعطينا قناعة أن مشروع التغيّر بكل أشكاله ماضٍ بقوة، ولقد ولّى توظيف الدين ومغالطات الخصوصية الواهية في وطننا بكل وضوح، نعم أتفهم أن الفكر (الإسلاموي) كانت له الهيمنة في العقود الماضية، ولكن من نعم الله علينا أن قيادتنا، وخاصة ولي العهد، لديه الوضوح من سنوات للتعاطي مع هذا الفكر الضال المخادع.