في معرض “أحاسيس وروحانيات” يتآخى الإبداع مع العطاء الإنساني
مع بدايات الشهر الفضيل، اجتمع المجتمع الإبداعي في العاصمة السعودية الرياض ضمن أمسية راقية وزاخرة بالمشاعر والتأملات المؤثرة، للاحتفاء بإبداعات بصرية مميزة لفنانين وفنانات من المملكة وخارجها، عبروا من خلالها بطريقتهم الخاصة عن ذكرياتهم ومشاعرهم المرتبطة بشهر رمضان وطقوسه وعاداته الجميلة.
الأمسية أتت لافتتاح معرض “أحاسيس وروحانيات”، الذي ينسقه المصمم والقيم الفني عمار علمدار، وقد فتح أبوابه الواسعة ليكشف ليس فقط عن محتوى إبداعي ثري ومتميز، بل عن عمق إنساني ورسالة ملهمة تعكس الصورة الحقيقية لشهر الخير، حيث يعود ريع مبيعات ومزاد المعرض للعمل الخيري، لصالح جمعية إخاء الخيرية لرعاية الأيتام. يشارك في المعرض 33 فناناً وفنانة من مختلف مجالات الفنون البصرية، وتتناثر الأعمال بانسيابية جميلة بين أروقة مركز سنتريا التجاري، لتكون قريبة من الناس ويكونوا جزءاً من الحدث وليسوا فقط زواراً له. وشهدت انطلاقة المعرض إقبالاً كبيراً تزين بحضور خاص للأميرة نورة الفيصل وهي من أبرز الداعمين لمجتمع الفنون والتصميم في المملكة.
تصوير: عبير بو حمدان
فن يلامس قلوبنا
وللحديث عن هذا العمل المتكامل الذي تتحد فيه روح الفن مع روح العطاء، كان لنا لقاء مع القيم الفني عمار علمدار، صاحب فكرة المعرض ومنظمه، حيث أكد في بداية حديثه: “في هذا الشهر الفضيل ركزت على أمر واحد، وهو كيف يمكن للإنسان استثمار النعم التي يملكها كالنظر والسمع وكل الحواس والأحاسيس وأن يعبر عنها بالفن، وكيف يستطيع الفن أن يصل إلى قلوب الناس بطريقة سريعة”.
وأضاف: “نزور الكثير من المعارض، ونرى فيها الكثير من الفنون الجميلة، لكن لا بد للفن أن يلامس قلوبنا أكثر وأن يدخل كل بيت ويصبح جزءاً من علاجنا وراحتنا النفسية”.
وأشار عمار علمدار إلى أنه: “في معرض أحاسيس وروحانيات تم اختيار فنانين محددين، 33 فناناً بالتحديد، وهذا الرقم له جاذبية جميلة، لأن فيه رموزاً للنجاح، وهؤلاء الفنانون قد أبدعوا ما شاء الله تبارك الله خلال فترة قصيرة وأنتجوا أعمالاً مخصصة للمعرض، وتخطوا كل التوقعات”، مؤكداً: “للحقيقة أنا لم أطلب منهم أعمالاً حصرية، لكنهم تحمسوا وقدموا أعمالاً جميلة تعرض لأول مرة خلال هذا المعرض، فالفنانون المشاركون والنحت إن كانوا نحاتين أو مصممين أو رسامين، جميعهم أعطوا من قلبهم، وأنا اخترت من أعمالهم ما يلامس قلوبنا وروحانياتنا ويناسب حياتنا وبيوتنا، ويعكس كيفية تعايشنا مع الفن، لأنه بالفن نرتقي ونترابط كمجتمع متكامل”.
ولأن عالم الفنون واسع ومتشعب تعرفوا معنا بشكل أوضح على مفهوم الفنون المرئية
الفنان جزء من المجتمع
وعن فكرة أن يقام المعرض في مساحات مفتوحة ضمن مركز تجاري، قال علمدار: “من الأمور التي أثرت في اختياري لفكرة هذا المعرض، متحف في جدة اسمه المتحف المفتوح، ويشمل مجسمات جميلة، وهنا ليس لدينا متحف لكن رغبت أن يصبح الفن قريباً للناس، أن نراه ونلمسه ونتفاعل معه عن قرب، وأنا حملت هذه الفكرة في سلسلة المعارض التي عملت عليها ومنها هذا المعرض، وهو أن يكون الفن قريباً للناس والناس قريبة للفنانين وتتعرف عليهم جيداً، وأن نلغي هذه الفجوة أو الفراغ بين الفنان والمجتمع، لأن الفنان جزء من المجتمع وجزء فعال، يتفاعل مع أحاسيس المجتمع، الانعكاسات التي تحدث بينهما هي التي تجعل الفن في السعودية مميزاً، لذلك ركزت على اختيار الأماكن المفتوحة حيث التفاعل مع الفن والقرب منه، وكان هذا التعاون بيننا وبين إدارة مركز سنتريا، رعاة المعرض”.
رسالة المعرض
أما الرسالة التي حملها المعرض إلى جانب أثره الإبداعي فقال عنها القيم الفني: “الرسول ﷺ قال: “أنا وكافل اليتيم كهاتين” وهناك جزء كبير من الناس، مروا بأحداث مختلفة في حياتهم أثرت فيهم بشكل كبير، ولأتكلم عن تجربتي الشخصية، أنا أصبت بـ السرطان ثلاث مرات، وعندما كنت أفكر بهدف للمعرض فكرت بداية بمساعدة مرضى السرطان، لكن بعدها ربي سبحانه وتعالى ألهمني بضرورة الالتفات إلى فئة من الناس تحتاج مساعدة بشكل أكبر”.
وتابع حديثه بالقول: “كون ربي أعطاني الصحة والعافية والحمد لله، فأنا ملزم أن أعطي للناس ما أستطيع إعطاءه، وهذه كانت المرة الأولى التي أفكر فيها بهذه الطريقة، وأن أتساءل أن ربي أعطاني الصحة لأكون قادراً على أن أسعد الناس وأفعل شيئاً من أجلهم، وتساءلت بيني وبين نفسي وبعد أن تواصلت مع الفنانين، من أكثر الناس حاجة للمساعدة والدعم في المجتمع؟ ووصلت لنتيجة أنه بالنسبة المرضى، والحمد لله، الحكومة ليست مقصرة معهم ولا المستشفيات وغيرها، لكن الأيتام نحتاج تسليط التركيز أكثر عليهم لأنهم فاقدون للأم والأب وأمور كثيرة ويحتاجون لهوية، فنحن، أي شخص منا، حتى لو كان مريضاً سيعود في النهاية إلى بيته وعائلته، لكن اليتيم أين يذهب؟ لذلك اخترنا أن يكون الأيتام هم رسالة هذا المعرض”.
وبالحديث عن الدور الذي تلعبه الحكومة في دعم ومساعدة مرضى السرطان هنا إضاءة على جهود المملكة في القضاء على الأمراض المزمنة
لقطات من الحدث
يذكر أن معرض “أحاسيس وروحانيات” مستمر في أروقة مركز سنتريا التجاري في الرياض حتى الرابع والعشرين من رمضان الموافق ميلادياً الثالث من أبريل، ويفتح أبوابه للزوار كل ليلة من الساعة 9 مساءً وحتى 12:30 صباحاً.
أخيراً، رافقونا لنلقي نظرة على صورة الفن في عصر الدولة السعودية الأولى