طلائع المساعدات تدخل شمال غزة ونتنياهو لن

أنهى قطاع غزة المنكوب الأسبوع الأول من رمضان بمزيد من القصف الإسرائيلي وعشرات الضحايا، فيما المساعي مستمرة للتوصل إلى هدنة تعطي سكانه فسحة لالتقاط أنفاسهم ودفن ضحاياهم وتعداد خسائرهم.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجه ضربة جديدة لمساعي الوساطة، حينما أعلن أمس أن إسرائيل مصممة على شن عملية برية في رفح جنوبي قطاع غزة، موضحا أنها قد تستغرق بضعة أسابيع.
وأفاد في اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، بأن إسرائيل ستجلي المدنيين من مناطق القتال في رفح، دون أن يقدم تفاصيل خطة إجلاء النازحين.
وأضاف نتنياهو أن الضغط الدولي المتزايد لن يمنع إسرائيل من تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في إشارة إلى المطالب الدولية بعدم شن هجوم على رفح التي تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون نازح.
وتطرق إلى المساعي الدولية للتوصل إلى هدنة، وقال «إن إسرائيل لن تقبل بوقف إطلاق نار لا يلبي احتياجاتها الأمنية، ولن تخضع لضغوط دولية من أجل إجراء انتخابات وإنهاء الحرب».
وتأتي تصريحات نتنياهو بعد الإعلان عن توجه وفد إسرائيلي إلى الدوحة لبحث اقتراح اتفاق لوقف إطلاق النار قدمته «حماس» مدته ستة أسابيع يتضمن مبادلة محتجزين بأسرى فلسطينيين، وفق ما أفاد قيادي في «حماس» وكالة «فرانس برس»، بعدما كانت تطالب بوقف إطلاق نار نهائي قبل أي اتفاق.
وقال القيادي إن الحركة مستعدة للإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، على «أن تفرج إسرائيل عن 20 إلى 30 أسيرا فلسطينيا مقابل كل محتجز إسرائيلي»، وتطالب الحركة بالإفراج عن 30 إلى 50 معتقلا فلسطينيا مقابل الإفراج عن كل جندي محتجز لديها، وتحدثت عن استعدادها لأول مرة للإفراج عن مجندات.
ومع تعثر مساعي التوصل إلى الهدنة، ينتشر الجوع في قطاع غزة بشكل متسارع، وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة رائد النمس إن شاحنات المساعدات التي دخلت شمال القطاع الليلة قبل الماضية قليلة العدد، بحسب قناة «الجزيرة».
وكانت أولى شاحنات من المساعدات الإنسانية المحملة بالطحين وصلت إلى منطقة دوار الكويت وسط مدينة غزة إضافة إلى شارع صلاح الدين شمالي القطاع.
ونقلت القناة عن الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، ان 6 شاحنات وصلت شمال غزة أمس وتم تأمينها في مراكز الـ «أونروا»، وأكد بدء توزيع أكياس الطحين «وهي لا تكفي المواطنين في غزة والشمال».
في السياق نفسه، وثق مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ما لا يقل عن 26 هجوما على السكان الذين ينتظرون المساعدات التي هم في أمس الحاجة إليها منذ منتصف يناير، قال الدفاع المدني في غزة إنها أوقعت «أكثر من 400 شهيد سقطوا أثناء انتظار المساعدات.»
ومن بينها الهجوم الذي وقع ليلة الخميس على مئات الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون عند دوار الكويت في مدينة غزة وصول قافلة متوقعة من شاحنات المساعدات. واتهم مسؤولو الصحة في غزة القوات الإسرائيلية بتنفيذ هجوم «مستهدف» على الحشد أدى إلى مقتل 20 شخصا، ووصف ثلاثة شهود القصف في مكان الحادث، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».
وكان هذا هو الحادث العاشر على الأقل من نوعه في شهر مارس، والذي يتم فيه إطلاق النار على أشخاص وقتلهم أو إصابتهم أثناء انتظار المساعدة عند دوار الكويت أو النابلسي، وفقا للأمم المتحدة.
وهما المدخلان الجنوبيان الرئيسيان لمدينة غزة، حيث تصل من الجنوب شاحنات المساعدات الإنسانية القليلة التي تدخل شمال غزة.
إلى ذلك، دعت 25 جمعية حقوقية ومنظمة إنسانية الحكومات إلى ممارسة نفوذها لتحقيق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإعطاء الأولوية لتوصيل المساعدات الإنسانية عن طريق البر.
وقالت تلك المنظمات الإنسانية في بيان مشترك أوردته «الجزيرة» إنه «لا يمكن للدول أن تختبئ وراء عمليات الإنزال الجوي، والجهود الرامية إلى فتح ممر بحري، للإيهام بأنها تفعل ما يكفي لدعم الاحتياجات في غزة، فمسؤوليتها الأساسية هي منع وقوع الجرائم الفظيعة، وممارسة ضغط سياسي فعال لوضع حد للقصف المستمر ورفع القيود التي تمنع الوصول الآمن للمساعدات».
وأضافت إن تلك الدول أعلنت مؤخرا عن جهود لفتح ممر بحري من قبرص، بما في ذلك إنشاء ميناء عائم على شاطئ غزة، والذي لن يعمل بكامل طاقته قبل عدة أسابيع، في حين تتضور العائلات جوعا، ولا يمكنها انتظار تجهيز البنية التحتية البحرية والبرية.
وأكد أن إنقاذ حياة السكان هناك في غزة يتضمن السماح فورا بدخول الشاحنات الإنسانية المليئة بالأغذية والأدوية التي يمنع دخولها إلى غزة حاليا.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان: أطباء بلا حدود، أوكسفام، منظمة العفو الدولية، أكشن إيد الدولية، تحالف وور تشايلد، رابطة المنظمات غير الحكومية الإيطالية، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، اللجنة الكاثوليكية ضد الجوع ومن أجل التنمية، وغيرها.
وفي الواقع الميداني، أفادت وزارة الصحة التابعة لـ «حماس» أمس بمقتل 61 شخصا على الأقل بينهم نساء وأطفال في عشرات الضربات الليلية على قطاع غزة، وبين القتلى 12 من عائلة ثابت التي أصيب منزلها بقصف فجرا بحي البشارة في دير البلح وسط القطاع.

