الحرف اليدوية اللبنانية تتألّق في We Design Beirut
تصوير| فاتشيه أباكليان
يشغل الحرفيون جزءًا كبيرًا من الهوية اللبنانية؛ في مجال التصميم والديكور، هم ينفذون أعمال المصممين ويحولون أفكارهم من الورق إلى أرض الواقع. يقوم معرض We Design Beirut، المفتتحة فعالياته اليوم(23 مايو 2024)، بتسليط الضوء على إبداعات بعض الحرفيين والحرفيات تحت عنوان “التمكين”. في هذا الإطار، يقدّم مؤسسا المعرض، ماريان وهبة وسامر الأمين، الحرفيين، الذين لا تخلو أعمالهم من فنية وحفظ للإرث للجمهور.
على مدخل PSLab، والأخير مكان مهجور في الجميزة، يستقبل زائرَ We Design Beirut تجهيز فني للمصمم سامر الأمين بالتعاون مع رانيا ملي مستوحى من لعبة الـ”سبع حجار” التي كان يلعبها الأطفال الصغار، خارجًا، قبل أن تفقد اللعبة المذكورة بريقها أمام وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الافتراضية اليوم. التجهيز مؤلف من سبع أحجار (ليدي غرين وكالاكاتا وأزول ماكوبا وبورتورو غولد والمرمر والغرانيت الأخضر والأونيكس الأبيض)، فيما الكرة مصنوعة من حجر البورتورو الفضي. يعد التجهيز الداخل إلى المكان بأنه سيسافر بين القرى والمناطق اللبنانية، ليطلع على بعض الحرف التي كان يمتهنها الأجداد وعلى المستقبل الذي وصلت إليه بفضل المصممين المعاصرين.
“تحية إلى والدي”
في ركن من المعرض، وجهت بربارا زغيب تحية إلى والدها المعلم طانيوس زغيب، كما تسميه، في ذكرى وفاته الخامسة والعشرين، من خلال عرض مجسمات صغيرة لأعماله الحرفيةوأدواته. لزغيب الراحل، قصة جديرة بأن تروى، فهو في سن السابعة والسبعين، وبعد أن قرأ كتاب “القرية اللبنانية في طريق الزوال” لأنيس فريحة، قرّر أنه لن يسمح بزوال الإرث، فتناول عدة يدوية وبدأ في صنع المهود والمقاعد الدراسية والطاولات، باستخدام الخشب والنحاس ومواد طبيعية أخرى. كان لكل قطعة يصنعها، مهما صغرت، وظيفة محددة.
اكسسوارات منزلية من السيراميك
من بين المعروضات، وقفة مع فنانة السيراميك أندريا نصار التي شاركت عبر مجموعة بعنوان Folium Fantasy؛ قطعها عبارة عن إكسسوارات للتزيين مصممة من البورسلين والحجر ومستهلمة من خضرة الطبيعة وحركتها ونباتاتها المعربشة والمتدلاة أرضًا، ومصبوغة بالأبيض، مع إضافة مشحات من الأصفر لبعض القطع.
كما شاركت فنانة السيراميك جويل سلامة معوض بقطعتين من الطين الأسود، مصقولتين بحسب الطريقة التقليدية، عبارة عن صندوقين متعددي الاستخدامات، إذ يصلحان للتزيين أو ليحلّا محل الطاولة أو لحفظ الحاجيات، وملونتين بألوان الأرض الطبيعية. تقول الفنانة لـ”سيدتي” إن اختيار الألوان رهن بحالتها النفسية وإن كل قطعة تصممها عبارة عن نتاج شخصي يعكس حالة تمر بها ويرضي ذاتها، وليس لهدف التجارة أو إعجاب الآخرين، أما إذا حصل ذلك، فلا يمكن إنكار الأمر.
أواني المائدة
من بين المعروضات أيضًا، مجموعة من الشموع ذات الأشكال والألوان غير التقليدية، مصممة من ليا مجدلاني، مؤسّسة The silly spoon، الشركة المتخصصة في أدوات فن المائدة. تقول مجدلاني لـ”سيدتي” إنها، بالإضافة إلى الشركة المذكورة آنفًا والتي يرجع عمرها إلى 10 أعوام خلت، هي أطلقت silly spoon the brand منذ 5 أعوام حيث تقدم مجموعات خاصة بها، مصنوعة من مواد، مثل: الشمع والسيراميك والزجاج والخشب.
في شأن المعروضات من الشموع، هي لافتة بأشكالها وألوانها. لكل مجموعة قصة خاصة بها، ومصدر للاستلهام؛ فهناك واحدة مستوحاة من الشجرة وثانية من فستان حرير وثالثة من بناء رأته المصممة في احدى أسفارها ورابعة جاءتها فكرة إعدادها بعد أن أعجبتها أشكال السلايم (مادة لزجة) التي أوقعها أولادها على أرض المنزل.
وهناك أدوات المائدة المصممة من مجدلاني، بالتعاون مع حرفيين لبنانيين، من مادة السيراميك المصبوغة باللون الزهري، الذي يرمز إلى الأنوثة والرومانسية والعاطفة واللعب.
الحرف اليدوية
بعنوان “الحرف اليدوية”، جُمع بعض من أعمال إيلي عيروت الذي قدّم منحوتات خشبية وحوامل للكتب، وحسام حمامي الذي نحت بالخشب 6 من الغرانيق، الطيور المهددة بالانقراض، بحجومها الطبيعية، بعضها يبدو مفتوح الجناحين والبعض الآخر مغلقًا، وفاطمة محمد سعد الله الطرطوسي التي شاركت بعمل يدوي عبارة عن أوعية من النحاس منقوشة وديما اسطفان التي عرضت أعمالًا من الخيزران باسم الاستديو الخاص بها، واسمه Rattan Hun.
تقول ديما اسطفان لـ”سيدتي” إنها مصممة داخلية، كما صانعة منتجات من الخيزران، الحرفة التي تعلمتها منذ 5 أعوام ولمّا تزل، مضيفة أنها تصنع قطع المفروشات والديكور والسلال لتزيين المنزل، معتمدة أسلوبًا حديثًا، باستخدام المادة المذكورة التقليدية.
تؤيد المصممة فكرة “سيدتي” الرامية إلى أن بعض الناس، يقدرون الحرف اليدوية ويحبون اقتناء الأعمال اليدوية، ويعرضونها بفخر في منازلهم، حتى لو كانت الأخيرة مصممة بحسب الديكور العصري. وتشرح أنها، إضافة إلى الاشتغال بالخيزران، توعي الناس على أهمية حرفة صناعة الخيزران من خلال ورش العمل التي تنظمها، لافتة إلى أن غالبية الحرفيين من كبار السنّ، وهي الأصغر بينهم.
من جانب النحات حسام حمامي، هو يشدّد على أهمية الحرف اليدوية، في العموم، كونها واجهة البلد وعلى ضرورة الاهتمام بها وحفظها من الانقراض.
البلاط القديم
محطة أخرى في المعرض، هي مجموعات “بلاط شعيا”، المؤسسة اللبنانية التي تصنع بصورة يدوية البلاط الأسمنتي الملوّن. حملت إحدى المجموعات عنوان dollop (دولوب) وهي معدة بالتعاون بين المصمم كريم شعيا (من بلاط شعيا) والفنان غوان لي من بريطانيا والمهندس ستيوارت بيرسي من بريطانيا. الجدير بالذكر أن أنماط البلاط الأسمنتي الملون تبصر النور، في العادة، عن طريق القوالب، لكن في مجموعة “دولوب” لا استخدام للأخيرة، بل تقنية تسمى التنقيط. في هذا الإطار، تطبق الوصفة التقليدية للأسمنت والرمل والأصباغ الملونة يدويًا في شكل قطرات صغيرة لزجة، على الإطار، ليتراكم النمط مع مرور الوقت، وبصورة لا يمكن التنبؤ بها، اعتمادًا على الحركة المدربة للصانع وسيولة المادة.
المجموعة الثانية مستوحاة من مفروشات القرن الثامن عشر، وتحديدًا من الغابة، معدة بصورة يصب فيها الأسمنت الملون يدويًا لتشكيل الرسم المصمم مع اختلافات في اللون والملمس.
المجموعة الثالثة تحمل اسم “لا نهاية”، حيث البلاطات مستخرجة من قالب واحد، مما يوضح تنوع أنماط الأسمنت الملونة التقليدية.
المجموعة الرابعة متفرقة حيث لا قطعة تشبه الأخرى.
مقعد خشبي مستوحى من القرنفل
ويلفت بين المعروضات، مقعد يمثل ثمرة تعاون بين المصمم جورج محاسب (استديو ماندا) ومبادرة “منجرة”، مؤلف من جزئين؛ العمل الفني مصنوع من خشب الإيروكو الصلب الخالص ويتخذ هيئة القرنفلة المجففة ويناسب الأماكن العامة أو الخاصة. المقعد المصنوع يدويًّا غير مألوف لناحية الشكل ويشابه الأمواج ويرمز إلى الثبات والوضوح والحظ السعيد ويشجع على المحادثة الجماعية.
وهناك أيضًا مجموعة من الزجاجيات المستخدمة في العادة في البيوت التقليدية، من أباريق وغيرها، من غدي عازار وجلال محمود.