Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

ملاحظات حول ردّ حزب اللّه… 

هناك من سخروا من هجوم حزب اللّه صبيحة يوم الأحد، الّذي اعتبر ردًّا على اغتيال القياديّ فؤاد شكر.

بعضهم تداول صورة لقنّ دجاج أصيب بقذيفة في إحدى مستوطنات الشمال. في محاولة لتحجيم وتقليل من أهمّيّة ما حدث. هذه المحاولات يقف وراءها إعلام إسرائيل الموجّه لأهداف واضحة، أهمّها هي عدم جدوى ردّ حزب اللّه، وذلك أنّه لم يؤذ سوى الدجاج، وللتشكيك بالأهداف الّتي استهدفها حزب اللّه. هنالك من العرب من يكرّرون بحماسة ما يردّده الإعلام الإسرائيليّ المجنّد، وينضمّون إلى جوقته بالتقليل من أهمّيّة ردّ حزب اللّه، بعد أن كان هذا البعض يصف مساندة حزب اللّه لمقاومة غزّة بأنّها مسرحيّة.

وصل البعض إلى تبنّي رواية الإعلام الإسرائيليّ الّتي لم يعد يحترمها الإسرائيليّون أنفسهم، لأنّهم يعرفون أنّ هذه سياسة موجّهة للتقليل من قدرات حزب اللّه، وتشكيك جبهة المقاومين بعضهم ببعض، وبجدوى مساندة حزب اللّه للمقاومة، في مقابل القدرة اللامحدودة لإسرائيل المدعومة أميركيًّا، ومن حلف الناتو وبعض العرب. إلّا أنّ الواقع تغيّر كثيرًا، وتغيّرت معادلات كثيرة كانت في الماضي القريب.

ما حصل هو جديد جدًّا، ويكسر قواعد اعتادتها إسرائيل ودول وشعوب المنطقة، ولا يغفلها إلّا أعمى أو جاهل.

لقد كان إعلام إسرائيل في اللغة العربيّة يصف غارات إسرائيل على لبنان وغيره من دول الطوق بالعمليّات التأديبيّة. أي أنّها لم تكن غارات بالمعنى العسكريّ للغارة، بل كانت مجرّد قرصة أذن لدولة خرجت من حدودها قذيفة بدائيّة باتّجاه إسرائيل، دون أن تسبّب أيّ ضرر، وهذا التأديب تقليل من أهمّيّة الخصم وحتّى الترفّع عن ضربه.

لم يكن العرب يعرفون شيئًا عن داخل إسرائيل، إلّا بعض الأمور السطحيّة، كالمنشآت المدنيّة العاملة منذ الانتداب البريطانيّ، مثل مصانع تكرير النفط في خليج حيفا، أو معسكرات قديمة منذ زمن الانتداب وحتّى من الزمن العثمانيّ، جرى توسيعها وحتلنتها، هذا إذا كان هناك من يبحث أو يهتمّ.

أن تصل “عيون” حزب اللّه إلى موقع استراتيجيّ في شمال تلّ أبيب، فهذا أمر جديد جدًّا، حتّى وإن لم يستطع حزب اللّه أن يسقط على الموقع صاروخًا أو طائرة انتحاريّة جرى اعتراضها قبل أداء مهمّتها، ولكنّها رسالة بأنّه يعرف المواقع الأكثر حساسيّة عسكريّة، ويستطيع أن يرسل طائرة أو صاروخًا عندما تتاح له الفرصة، وهذه أمور جديدة في معادلة الصراع لم تكن موجودة حتّى الأمس القريب، وهذا يعني أنّ إسرائيل لم تعد القلعة الحصينة المغلقة، الّتي لا يعرف العدوّ عنها شيئًا.

يشكّل تهديد حزب اللّه كابوسًا للأمن الإسرائيليّ، في الوقت الّذي يجري التنكيل بدولة بحجم مصر، ويطالبها نتنياهو بتعديل اتّفاقيّة كامب ديفيد بحيث تتيح لجيش الاحتلال السيطرة التامّة على معبر فيلاديلفيا، وذلك بعد طرد المصريّين منه طردًا مهينًا، لم تردّ مصر سوى بأنّها ترفض التغييرات، ولكنّها في الواقع لم تتّخذ أيّ خطوة جدّيّة تحول دون تطبيق الأمر على أرض الواقع كما يريده الاحتلال، وفي المحصّلة، فإنّ القيادة المصريّة خاضعة لإملاءات نتنياهو حتّى وإن أعلنت رفضها الشفويّ لما يجري على حدودها.

معادلة حزب اللّه، أرغمت إسرائيل على انتظار ردّه لمدّة أسابيع وهي في حالة تأهّب وقلق كبير، لم ينته بعد، بل إن القلق سيزداد بعد رؤية قدرات حزب اللّه في الوصول إلى عمق العمق الإسرائيليّ.

معادلة حزب اللّه الجديدة المساندة للمقاومة في فلسطين، أوضحت للإسرائيليّين والعرب أنّه لولا تعاون وشراكة أميركا والناتو معها وتزويدها بكلّ ما تحتاجه من معلومات وسلاح، حتّى المشاركة الفعليّة في حربها الحاليّة لكانت إسرائيل في وضع حرج جدًّا.

هذا لا يعني أنّ إسرائيل باتت دولة ضعيفة، فهي ازدادت قوّة من حيث التسلّح والقدرات في مجال الحرب الإلكترونيّة وغيرها ممّا لا نعلم عنه، لكن في الوقت نفسه، نشأت قبالتها قوّة تتحدّى عنجهيّتها، بعدما كانت تهدّد وتعربد وتؤدّب، فباتت تُعمل حساباتها بصورة أعمق، وهي ترى أنّ في مواجهتها من يستطيع إيذاءها، وعرقلة الحياة الطبيعيّة فيها.

استثناء المدنيّين في هجوم حزب اللّه، هو في غاية الأهمّيّة، فهو لم يمنح إسرائيل الفرصة للردّ بضرب المدنيّين، بادّعاء الردّ على ضرب المدنيّين، فلو ضرب حزب اللّه مناطق مدنيّة في تلّ أبيب أو غيرها، وتسبّب في مقتل عدد من المدنيّين، لاتّخذتها إسرائيل ذريعة لدك ونسف عمارات على سكّانها في بيروت وصيدًا وغيرها كما جرى ويجري في غزّة، بهدف الضغط على الحاضنة الشعبيّة لحزب اللّه، وزيادة خلافاته مع فئات أخرى في لبنان.

في المحصّلة، أثبت حزب اللّه أنّه يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، وأنّه قوّة أساسيّة من قوى الصراع في المنطقة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها أو أن يقلّل من قدراتها.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *