بتجارب فنية إبداعية مسك للفنون يختتم معرض صالة الأمير فيصل بن فهد صيف 2024
يسدل معهد مسك للفنون غداً، الخميس 28 أغسطس، الستار على النسخة الثانية من معرض صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون “صيف 2024″، بعد نجاح 28 فناناً وفنانة من السعوديين والمقيمين في عرض تجاربهم الإبداعية وسردياتهم الفنية من خلال 35 عملاً فنياً احتضنتها أروقة المعرض، وعكست بقصص من الواقع مدى التفاعل بين الإنسان والمكان في مناطق السعودية المختلفة، وباستخدام تقنيات فنية منوعة، كما تميز المعرض، خلال فترة إقامته، بورش عمل ثرية وحوارات وتجارب إبداعية ملهمة.
“سيدتي” تواجدت في أروقة المعرض، والتقت مجموعة من الفنانين المشاركين في المعرض، منهم الفنان علي الموسى، والمصور أسامة جبرتي، والمصورة سارة الأنصاري، والفنانة والمصورة ندى بركة، وتعرفت من خلالهم إلى أعمالهم الفنية المشاركة في المعرض.
المقعد الخلفي للسيارة
احتلت لوحتان للفنانة والمصورة ندى بركة مكاناً لها ضمن معرض مسك، واللوحتان من سلسلة لوحات مكونة من 24 لوحة، أطلقت عليها “خارج نافذة المقعد الخلفي”، ويعود السر في ذلك إلى قيام الفنانة، ولمدة شهر كامل، بالتقاط أكثر من 500 صورة من المقعد الخلفي للسيارة، أثناء رحلة ذهابها وإيابها اليومية لمقر عملها، من خلال كاميرا صغيرة، وبعد ذلك أجرت الفنانة عملية تنقيح واختيار الصور، ووقع الاختيار على 24 صورة، والتي اختارت منهم الصورتين المشاركتين في المعرض، وهما عبارة عن صورة ليلية وصورة نهارية، الصورة النهارية باللونين الأسود والأبيض، وكان التركيز فيها على الأشخاص، وهي صور ثابتة وكان عنوانها “اتركها خلفها”؛ لأن التركيز دائماً يكون للوجهة دون الاهتمام بالأشياء التي مرت خلال تلك الرحلة، وتعني أن مسيرة كل فرد في الحياة لها هدف، فإذا لم يكن هناك ما يساعد بالمرور على الهدف؛ يتم تركها وتجاهلها خلفنا. وأما الصورة الليلية؛ فتم تصويرها بخاصية التعريض الضوئي الطويل، وكان التركيز فيها على الألوان،
اللوحة الثانية عبارة عن مشاركة أشخاص لمكان تواجدهم في حافلة للنقل الجماعي، دلالة على المشاركة مع الأشخاص في الغاية في فترة الصباح؛ وهو الوصول لجهة ما، وهي غاية السعي، ورغبت الفنانة ندى بركة في الدمج بين الصورتين وما بينهما من تباين وتناقض بصورة ملونة متحركة وصورة ثابتة بدون ألوان، وهو ما عزز توصيل الفكرة والمعنى، وأعطى حساً لحركة السيارة.
واستكمالاً للعمل، أضافت الفنانة ندى تقنية الفيديو من خلال البروجكتور للأعمال المعروضة التي تمت طباعتها على أكريليك، وهو ما أعطى إضافة للحس الحركي، والهدف الذي سعت له الفنانة من تلك اللوحات هو عكس تفاعل الأشخاص مع البيئة المحيطة من خلال تواجدهم في الشارع، ورغبت الفنانة في ترك معنى مفتوح لكل لوحة للمشاهد.
وتشير ندى بركة إلى الاهتمام الجميل في السعودية بالفنانين، وجميع أنواع الفنون، ووجود فرص كبيرة للمشاركة في المعارض الفنية، منها الفرصة التي أتيحت لـ 28 فناناً من قبل مؤسسة مسك الغنية عن التعريف للمشاركة في معرض “صيف مسك 2024″، والذين نجحوا وبشكل يدعو للفخر على مستوى الأعمال المطروحة.
مشيرة إلى أن تميز جغرافية السعودية قد انعكس على تنوع الأعمال المعروضة من قبل الفنانين، فمنها ما تناول موضوع الصحراء، ومنها ما عبّر عن الطبيعة في الجنوب، وأخرى عن المدينة المنورة، وكذلك أتاح المجال للفنانين من جهة أخرى للتنوع في الخيارات التقنية المستخدمة في تصوير المكان والأشخاص والعادات والتقاليد، وتراث كل منطقة من مناطق السعودية.
الرسم الرقمي لمنطقة البلد التاريخية
تعد هذه المشاركة الثانية للفنان السعودي علي الموسى في معرض صيف مسك 2024، والمشاركة الرابعة له مع مسك للفنون، واعتبر تجربته الأخيرة في المعرض قيمة وإضافة له، وشارك الموسى بعمل فني وحيد يمثل منطقة البلد في جدة، والتي قام بتنفيذها إبان مشاركته في برنامج الإقامة الفنية لمسك في منطقة البلد في جدة عام 2023، والتي طُلب خلالها من كل فنان القيام بعمل فني يمثل البلد، وفعلياً نفذ الموسى العمل الذي حمل الكثير من معالم البلد، إلى جانب أنه حمل أيضاً الكثير من بصمات الفنان الشخصية ومشاعره الداخلية، إذ يرى الموسى ضرورة أن يوثق العمل الفني جانباً من حياة الفنان ومشاعره وقت أداء اللوحة؛ كون الفن بالنسبة للفنان وسيلة من وسائل التعبير عن المشاعر والأحاسيس النفسية والعاطفية التي يحاول أن يوثقها في اللوحة، مشيراً إلى استخدام الفنان للألوان المبهجة، فأحياناً قد يكون ستاراً لإخفاء حالة من الحزن التي يعاني منها الفنان، ولا يرغب في كشفها وإظهارها للآخرين.
وعن كونه فناناً معاصراً واختياره لتقنيات الرسم الرقمي، أكد الموسى أن الرسم الرقمي يعد نسخة حديثة من الفن الحديث، ومن مميزاته السهولة في تغيير الألوان والأبعاد بشكل غير محدود مقارنة بالرسم التقليدي، وهو ما يساعد الفنان، خصوصاً من لا يملك خلفية أكاديمية بتطوير قدراته وإمكاناته، مشيراً إلى أنه في الأصل محلل مالي، وأسهم الرسم الرقمي في تطوير إمكاناته كفنان معاصر.
وفي سؤال عن إمكانية استخدام ذكريات الذكاء الاصطناعي مستقبلاً، أكد الموسى أهمية استخدام تقنيات فنية أخرى قبل الدخول لعالم الذكاء الاصطناعي؛ كتقنيات التصوير الديجيتال، واستخدام النماذج ثلاثية الأبعاد، وغيرها من التقنيات التي لا تزال تعد من التقنيات الجديدة في الوطن العربي.
واختتم الموسى تصريحه لـ”سيدتي”، مؤكداً أهمية المعارض الفنية التي يتم من خلالها إثارة النقاشات حول هذه التقنيات الفنية وتبادل الخبرات.
الصياد عبده وجزيرة فرسان
ومن جانبه، أشاد المصور الفوتوغرافي أسامة جبرتي بمعرض صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون “صيف 2024″، في نسخته الثانية من حيث الأعمال المشاركة وورش العمل الثرية، التي تبادل من خلالها الفنانون النقاشات الثرية على اختلاف مستوياتهم وخبراتهم.
وحملت لوحات جبرتي الثلاث، التي شارك بها في المعرض، الكثير من المعاني وقصص تعايش الإنسان مع المكان؛ إذ يعشق أسامة من خلال مهنته كمصور فوتوغرافي أن يوثق تلك الرحلات؛ من خلال الالتقاء بسكان تلك الأماكن التي يزورها؛ ليستمع من خلالهم عن قصصهم في الحياة وعلاقتهم بالمكان، ليصنع من خلالها قصة مصورة، والتي يشعر معها أسامة بمتعة وقيمة إضافية لحياته.
وتعود قصة لوحاته الثلاث المشاركة في المعرض، أثناء زيارته لجزر فرسان، في مهمة عمل لتصوير الجزر لمجلة “LIST “، وبعد الانتهاء من مهمة التصوير في الجزيرة، التي وصفها بأنها جنة الله في السعودية، نظير طبيعتها الخلابة، وألوان مياهها التركوازية المميزة، التقى المصور أسامة بصياد متواجد على الجزيرة، يدعى عبده، وخلال حوار بين الطرفين؛ تعرف أسامة إلى حياة الصياد عبده، وارتباطه بالجزيرة وبالبحر والطبيعة، والتي كانت بالنسبة للمصور أسامة قصة ملهمة بتفاصيلها الفريدة، ولتخليد هذه اللحظات، واللقاء الذي يعكس من جهة أخرى ارتباط أسامة بالطبيعة وبدوره كمصور في توثيق التفاعل بين الإنسان والمكان من خلال كاميرته التي يلتقط بها قصصاً واقعية؛ تسهم في تشكيل هويته الثقافية والفكرية.
حدائق الرياض
المصورة الفوتوغرافية السعودية سارة الأنصاري شاركت في المعرض ، بعدد 6 لوحات مصورة، سبق أن التقطتها في مجموعة من حدائق الرياض منذ فترات سابقة، والتي تحتضن مجموعة من الأبنية المجسمة التي تتشابه في تصاميمها وتفاصيلها بالأبراج والتي شعرت سارة بأهمية توثيقها فنياً كجزء من دورها كمصورة تحرص على أن تعكس صورها الحياة في الشارع وقضايا المجتمع، إذ ترى أن أهم أدوار الفن والتصوير هو توثيق جماليات الأماكن في السعودية وتطورها المستمر، والذي يعد في نفس الوقت جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية، التي ستصبح في يوم من الأيام في عداد الماضي، وعندها سيسهل الوصول إليها من خلال الصور، ومعرفة كيف كانت الحياة في السابق.
وعن تواجد المرأة السعودية في مهنة التصوير والتوثيق، أكدت الأنصاري عن سعادتها وفخرها بالمرأة السعودية التي تعيش عصرها الذهبي في جميع المجالات، ومنها الفن والتصوير، كما عبرت عن سعادتها كونها سعودية وفنانة؛ تسعى من خلال كاميرتها إلى الاستمرار في أعمال التوثيق وزيارة مناطق السعودية المختلفة ونقل جماليات السعودية، بالإضافة للمشاركة في المعارض الفنية التي تعدها حلقة للتواصل مع الخبرات الفنية في مختلف المجالات.
اقرئي المزيد: مسك تستضيف مجلس الشباب في الرياض على هامش المنتدى الاقتصادي