ما مدى عمق الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي في صفوف حزب الله؟
استشهاد نصر الله في هجوم إسرائيلي على معقل حزب الله تكشف عن مستوى عالٍ من الاختراق الاستخباراتي في صفوف الحزب، مما أدى إلى تدمير مواقع حيوية واغتيال عدد من قادته؛ فما مدى عمق الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي في صفوف حزب الله؟
وفي أعقاب استشهاد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بات الحزب يواجه تحديا هائلا يتمثل في سد الثغرات في صفوفه والتي سمحت لإسرائيل بتدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاته اللاسلكية واغتيال أمينه العام.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
ويعتبر اغتيال نصر الله في مقر القيادة، بعد أسبوع واحد فقط من تفجير إسرائيل للآلاف من أجهزة البيجر والوكي-توكي المفخخة، ذروة سلسلة سريعة من الضربات التي اغتالت نصف مجلس قيادة حزب الله ودمرت قيادته العسكرية العليا.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، إلى عمق الخرق الاستخبارات الإسرائيلي في صفوف حزب الله والذي تجسد في الضربة التي أدت إلى استشهاد نصر الله.
وبحسب المحلل العسكري الإسرائيلي، فإن الضربة التي أسفرت عن استشهاد نصر الله هي نتيجة لجهود استخباراتية مكثفة، قادها الموساد على مدى سنوات، عبر تشغيل عملاء على الأرض وجمع معلومات مفصلة.
وقال بن يشاي إن الاستخبارات “كان يجب أن تشير إلى العمق الدقيق والموقع المحدد لقاعة الاجتماعات في المجمع تحت الأرض في ضاحية بيروت، حيث كان نصر الله ورجاله مجتمعين لوضع السياسات والاستراتيجيات لمواصلة الحرب”.
واعتبر أن تحقيق هذه الدقة تطلب “سلسلة من العمليات الاستخباراتية التي لولاها كنا سنظل نتخبط في الظلام وطائرات سلاح الجو كانت تبحث عبثًا عن منصات في إطلاق صواريخ لاستهدافها بلا جدوى”.
وأضاف أن “يمكن القول إن كل ما نشهده في لبنان، منذ يوم الثلاثاء الماضي، هو نتيجة لحملة استخباراتية استمرت لسنوات حققت نتائج فورية، من اغتيال قمة حزب الله إلى التدمير المنهجي لترسانة صواريخه وصواريخ الطائرات المسيّرة”.
وقال إن هذه الحملة الاستخباراتية التي استهدفت حزب الله مكونة من “ثلاث مستويات – مستويين استخباراتيين غالبًا ما يكون المخفي فيهما أكثر من الظاهر، ومستوى جوي-حركي يعتمد عليه، يمكننا رؤية تنفيذه ونتائجه”.
واستدرك قائلا: “في الواقع، هناك مستوى استخباراتي رابع لمثل هذه العملية، وهو القدرة على تقييم ومعرفة بالضبط ما حققته الضربة الجوية”.
وقال إن “المعلومات التي مكنت إسرائيل من اغتيال نصر الله جمعتها شعبة الاستخبارات العسكرية بواسطة الوحدة 8200، التي تتولى الاستماع وجمع المعلومات الاستخباراتية بالوسائل السيبرانية والوسائل الإلكترونية”.
وتابع أنه “بالإضافة إلى ذلك، تم الحصول على معلومات من الوحدة 9900، التي تجمع المعلومات المرئية وتعمل على تحديد نقاط معينة بدقة للأهداف؛ ووحدة 504 المسؤولة عن تشغيل العملاء”.
وقال إنه “تحت هذه الطبقات الاستخباراتية القتالية الذي توفره شعبة الاستخبارات، يوجد أساس وضعه الموساد. بدون هذه البنية التحتية، التي لن يتم الكشف عن معظم تفاصيلها أبدًا، لم يكن بإمكان وحدات أمان، بما في ذلك 8200، العمل وتمكين عمليات الاغتيال الدقيقة كما نشهد في لبنان”.
وأضاف نقلا عن مصادر وصفها بـ”الموثوقة” في الأجهزة الأمنية أن الموساد “بدأ بتخطيط المعركة ضد حزب الله قبل أكثر من عقد. ونفذ سلسلة من العمليات الاستخباراتية على الأرض، والتي شكلت المنظومة الاستخباراتية الأساسية التي بدونها لم يكن الجيش الإسرائيلي ليتمكن من القيام بما يفعله اليوم”.
وتابع نقلا عن مسؤول سابق في الأجهزة الأمنية أن “قوة الموساد تجلت في قدرته على تشغيل الأشخاص في أرض العدو الذين نسجوا الشبكة التي جمع بها الجيش الاستخبارات – والتي تم ترجمتها إلى أهداف”.
وفي هذا السياق، نقلت “رويترز” عن مصدر وصفته بـ”المطلع على تفكير إسرائيل” أن “إسرائيل أمضت 20 عاما في تركيز جهود المخابرات على حزب الله ويمكنها استهداف نصر الله عندما تريد وحتى وإن كان في مقر الجماعة”.
ووصف المصدر المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية المتعلقة بحزب الله بأنها “ممتازة”، دون سرد تفاصيل.
وتجنب نصر الله الظهور العلني منذ حرب 2006 وأخذ حذره لفترة طويلة وكانت تحركاته محدودة ودائرة الأشخاص الذين يقابلهم صغيرة للغاية، وفقا لمصدر مطلع على الترتيبات الأمنية لنصر الله.
وأضاف المصدر أن الاغتيال يشير إلى اختراق حزب الله بواسطة جواسيس يعملون لصالح إسرائيل.
ويقول الخبير في شؤون حزب الله في جامعة الدفاع السويدية، ماغنوس رانستورب، إن اغتيال نصر الله “ضربة هائلة وفشل استخباراتي لحزب الله. علموا أنه كان يعقد اجتماعا. كان يجتمع مع قادة آخرين وهاجموه على الفور”.
المصدر: عرب 48