Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

لماذا يغيّر نتنياهو اسم الحرب؟

“منذ ذلك اليوم الأسود ونحن نقاتل، فهذه حرب وجودنا، وحرب انبعاثنا، وهكذا سنسمّيها رسميًّا”؛ قالها نتنياهو فيما كان يشعل شمعة على أرواح ضحايا وقتلى يوم السابع من أكتوبر خلال جلسة حكوميّة خاصّة أقيمت أوّل أمس الاثنين حدادًا في الذكرى السنويّة الأولى لبدء حرب الإبادة على غزّة.

“يوم القيامة أو الانبعاث”، هو الاسم الّذي تريده حكومة نتنياهو بديلًا عن “السيوف الحديديّة” الاسم الّذي أعلن صباح الثامن من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 بدء حرب الردّ على الطوفان. ولأنّ تسمية كلّ حرب تشنّها إسرائيل مشتقّة من قصّتها أي قصّة الحرب، فلم تعد “السيوف الحديديّة” بعد أن تجاوزت حرب السيوف في الأسابيع الأخيرة جبهة غزّة، وامتدّت إلى لبنان، وقد تمتدّ إلى أبعد من ذلك تفي بالغرض. كما لم تعد تحيل التسمية إلى حقيقتها لناحية مسار الحرب المتّصل بسرديّة بقاء الدولة اليهوديّة ووجودها مثلما يريد نتنياهو وطغمته لها أن تكون.

ليس صدفة في أن يقترح تغيير اسم الحرب في يوم الذكرى السنويّة الأولى على بدئها في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، وقد غدت الدولة اليهوديّة تقاتل على سبع جبهات كما عدّها نتنياهو، أي غزّة والضفّة الغربيّة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران ممّا يستدعي اسمًا يليق بالحرب وتمدّدها. فيما توقّع من لم تمرّ عليهم حكاية تبديل اسم الحرب، من معارضة ومحتجّين ومعهم كتّاب ومحلّلون وإعلاميّون إسرائيليّون من نتنياهو في الذكرى السنويّة الأولى قولًا ما منه عن الإخفاق والفشل المتّصلين بيوم السابع من أكتوبر وتحمّله وحكومته المسؤوليّة عنهما. غير أنّ رئيس حكومتهم، آثر حرف وعي الإسرائيليّين عن الإخفاق الّذي أدّى إلى الحرب، بالتنبيه إلى أنّها “تكوماه” بالعبريّة، أيّ حرب انبعاث وامتدادًا لحرب الـ”كومميوت” هي ذاتها ما تعرف بالـ “عتسمئوت” أي حرب “الاستقلال” في النكبة عام 1948. في محاولة يريد من خلالها نتنياهو القول، إنّ الحرب الدائرة مصيريّة، وسيكون من نتائجها انبعاث الدولة اليهوديّة انبعاثًا لا يقلّ أهمّيّة عن حرب ولادتها عام 1948.

كان مقرّ حركة احتجاج عائلات وذوي الأسرى الإسرائيليّين المحتجزين لدى حركة حماس في غزّة، أوّل من علّق على اقتراح تغيير اسم الحرب بالقول ردًّا على نتنياهو: “لن يكون هناك انبعاثًا جديدًا للدولة والشعب اليهوديّين من هذه الحرب ما لم يعاد المحتجزون إلى ديارهم أو مدافن آبائهم”. في رفض لما يعتبره ذوو الأسرى والمحتجزين ذرًّا للرماد من نتنياهو وحكومته بعيونهم، بجعل قضيّة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليّين في القطاع على هامش حرب صارت تعتبر حرب انبعاثًا، تقتضي “إنقاذ” الشعب الإسرائيليّ كلّه لا بعض محتجزيه في القطاع.

ليست حرب “انبعاث” يردّ بعض الإسرائيليّين على رئيس حكومتهم، لكون حرب “بعث استقلالهم ووجودهم” عام 48 كانت “انبعاثًا” من تحت رماد المحرقة يقول أحدهم. بينما السابع من أكتوبر، قد حلّ في الوقت الّذي كان ينعم فيه يهود مستوطنو الغلاف بالأمن والأمان لولا الإخفاق الّذي أدّى إلى اختراق السابع من أكتوبر ثمّ حرب وحرب الردّ عليه يردّ آخر. طبعًا دون أيّ إشارة لغزّة ووجود الغزيّين، وما مارسته عليهم حكوماتهم المتتالية من حصار ممتدّ وسياسات عزل وتجويع على مدار سنوات طويلة، ليبدو الغزيّون كما لو أنّهم مجرّد كائنات هبطت من فوق السياج ونفذت “مذبحة”.

لا تخوض إسرائيل حربًا على “وجودها” كما يريد أن يصوّر نتنياهو عبر تبديله اسم الحرب، إنّما من يواجه جيش احتلال الدولة اليهوديّة في غزّة ولبنان اليوم، هو من يحارب دفاعًا عن وجوده في حقيقة الأمر. والإسرائيليّون الّذين يرفضون اليوم تمويههم بتبديل اسم الحرب لاستحقاقات داخليّة متّصلة بموقفهم من نتنياهو وحكومته، لا يرفضون وقف الإبادة إنّما يريدونها بشروطهم لا بشروط نتنياهو وأجندات بقائه السياسيّ. لأنّ الإجماع الصهيونيّ على حرب الإبادة الدائرة في غزّة ولبنان، قائم من “الحيط للحيط” كما يقولون بعامّيّتهم. ولأنّ كلّ الإسرائيليّين مجمعون على أنّ الحرب، هي حرب على “وجودهم” في البلاد، يريد بعضهم أن تبقى على اسمها الحقيقيّ “حرب السابع من أكتوبر”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *