بظلّ التصعيد في الشرق الأوسط: تعزيز التحالف الروسيّ
في ظل مخاطر راهنة بدخول إيران وإسرائيل في دوامة من الضربات، يمكن للتحالف بأن يتعزز أكثر في وقت تسعى طهران وموسكو، لإيجاد مخرج من عزلتهما الدولية.
الرئيس الروسي، بوتن والمرشد الإيراني الأعلى في طهران، عام 2022 (Getty Images)
يفاقم التحالف بين روسيا وإيران التي دعمت موسكو في الحرب مع أوكرانيا، قلق الغرب بشكل متزايد، مع ارتفاع مستوى التصعيد في الشرق الأوسط.
وفي مؤشر جديد على تعزيز العلاقة بين إيران وروسيا، سيجتمع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، غدا الجمعة، في تركمانستان في أول لقاء مباشر بينهما، كما أنه سيزور روسيا في وقت لاحق هذا الشهر.
ويتّهم الغرب إيران بتزويد روسيا بمسيّرات فتاكة والآن بصواريخ بالستية، وهي أسلحة زهيدة الثمن ومتوافرة بسهولة.
لكن في ظل مخاطر راهنة بدخول إيران وإسرائيل في دوامة من الضربات، يمكن للتحالف بأن يتعزز أكثر في وقت تسعى طهران وموسكو، لإيجاد مخرج من عزلتهما الدولية.
وقالت نيكول غرايفسكي من “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، إن “نقل الصواريخ البالستية يشير إلى تعمّق الشراكة الدفاعية، التي تتجاوز المسيّرات، وتشمل الآن الأسلحة الأكثر تقدّما”.
واتّهمت بلدان غربية إيران بتسليم صواريخ بالستية من طراز “فتح-360″، التي يُعتقد بأن مداها يبلغ نحو 120 كيلومترا إلى روسيا. وتخشى الولايات المتحدة، أبرز داعمي أوكرانيا عسكريا، بأن تتيح الأسلحة الإيرانية للروس، بإبقاء الصواريخ الأكثر تقدّما والأبعد مدى، لاستخدامات أخرى.
وقال مسؤول غربي رفيع: “لا نعرف في هذه المرحلة” إن كان التصعيد في الشرق الأوسط، سيدفع إيران لتسليم روسيا المزيد من الأسلحة.
وكانت روسيا التي أسست أول محطة للطاقة النووية في إيران من بين القوى الدولية المنخرطة في اتفاق العام 2015، بشأن برنامج طهران النووي، الهادف لضمان سلمية نشاطها ومنعها من امتلاك قنبلة ذرية، مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها. وتنفي إيران سعيها لسلاح نووي.
وانهار الاتفاق عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة منه، فيما تسري مخاوف حاليا من أن روسيا لن تضغط على إيران بعد الآن، للحد من طموحاتها النووية، ويمكن بأن تشجّع إيران وتساعدها حتى في المسائل التقنية.
وقال “مجلس الأطلسي” الأميركي للأبحاث في تقرير، مؤخرا: “نظرا إلى اعتماد روسيا على طهران في المسيّرات، وغير ذلك من أشكال المساعدة في حربها على أوكرانيا، لا يمكن لواشنطن بأن تتوقع من موسكو الانضمام إلى الجهود الجديدة لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية”.
وأضاف: “بالتأكيد، يمكن لنظام بوتين حتى أن يرحب باحتمال تسلّح إيران نوويا، لصرف أنظار الولايات المتحدة والبلدان الغربية الأخرى عن حربه ضد أوكرانيا”.
وتوسّعت العلاقة إلى المنتديات متعددة الأطراف، إذ يتوقع بأن يحضر بزشكيان قمة تشرين الأول/ أكتوبر في مدينة قازان الروسية لمجموعة “بريكس”، التي تقودها الصين للاقتصادات الناشئة، وانضمت إليها طهران العام الماضي.
والتقى بوتين أيضا المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، خلال زيارة إلى طهران في تموز/ يوليو 2022.
ويجد كل من الرئيس الروسي والإيراني نفسه بمواجهة أوضاع داخلية حساسة، إذ يراقب الكرملين عن كثب الرأي العام الروسي، في ظل تواصل الحرب في أوكرانيا، بينما واجه خامنئي احتجاجات واسعة أواخر العام 2022.
وقالت غرايفسكي التي ألّفت كتابا عن روسيا وإيران بعنوان: “شركاء في التحدي من سورية حتى أوكرانيا”، إن “العلاقة أعمق بكثير من مجرّد صفقات. يزداد اعتماد روسيا وإيران على بعضهما بعضا”.
وأضافت أن “روسيا وإيران تعتمدان على بعضهما بعضا من أجل صمود نظاميهما”.
ولا يمكن بسهولة محو تاريخ التنافس الإقليمي بين إيران وروسيا في منطقة قزوين والقوقاز وآسيا الوسطى، في إطار ما عرف بـ”اللعبة الكبرى” في القرن التاسع عشر.
ولعلّ إحدى أبرز اللحظات التي تخللت هذا التنافس مقتل ألكسندر غريبايدوف الذي تم إيفاده كسفير إلى إيران، من قبل مجموعة غاضبة في طهران، في عملية ما زالت تتذكرها روسيا حتى اليوم.
ومن بين آخر الأمثلة على ذلك، التوترات بين أذربيجان وتركيا بشأن طريق بريّ يمرّ في جنوب القوقاز، يعرف بممر زنغزور الرابط بين بحر قزوين وتركيا والذي، أثار مروره على طول الحدود الإيرانية حفيظة طهران.
لكن طهران تسعى كذلك لتحقيق المزيد من المكاسب من العلاقة، إذ تتركز أنظارها على مقاتلات “سوخوي” الروسية، بهدف تحديث أسطول سلاح الجو المتقادم لديها. لكنها لم تتسلمها بعد رغم أن تقارير إيرانية أفادت بتوصّل البلدين إلى اتفاق بشأنها.
لكن الطرفين يسعيان جاهدا لنزع فتيل التوتر، إذ انخرط أمين مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، ونظيره الإيراني علي أكبر أحمديان، في دبلوماسية مكوكية نشطة.
وقالت غرايفسكي: “بالتأكيد هناك توترات في العلاقة.. لكنها تشهد على قدرتهما على تقسيم العلاقات”.
المصدر: عرب 48